الخطوة الدولية الأخيرة تمثلت في تصديق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على قرار يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار في ليبيا، التي تشهد هدنة هشة منذ يناير/ كانون الثاني المنصرم.
وحصل نص القرار، الذي اقترحته بريطانيا، على 14 صوتا من أصل 15، وامتنعت روسيا عن التصويت.
نواب ليبيون أكدوا لـ"سبوتنيك" أن المعطيات على الأرض "مغايرة تماما لما يتخذ في الاجتماعات السياسية، وكذلك قرارات مجلس الأمن".
ويرى النواب أن القرار الأخير "يصب في صالح الجماعات الإرهابية (حسب قولهم)، وأن عملية تنفيذ هذا القرار غير واردة بل مستحيلة، وأن مصيره سيكون ككل القرارات التي لم تنفذ في ليبيا".
من ناحيته قال النائب حمد العبيدي، عضو مجلس النواب الليبي، إن "القرار الذي تبناه مجلس الأمن في جلسته الأخيرة بوقف إطلاق النار يستحيل تطبيقه على أرض الواقع لأسباب عدة".
يبث الروح في الجماعات الإرهابية
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، اليوم الخميس، أن القرار "يبث الروح في صفوف الجماعات الإرهابية في ليبيا، وأن طرابلس شهدت إطلاق قذائف اليوم الخميس باتجاه قوات الجيش الليبي".
ويرى أن القرار "بعيد عن الواقع الذي تحكمه عوامل أخرى، خاصة فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب التي يقوم بها الجيش الليبي".
وأشار إلى أن بعض الدول تنتظر نتائج مؤتمر جنيف إلا أنها أنه "لن يأت بأي جديد، وستكون كافة الدول مصيرها الفشل لعدم مراعاة التمثيل الصحيح للأطراف الليبية".
لن يقدم أي جديد
من ناحيته قال النائب محمد العباني عضو مجلس النواب الليبي، إن هذا القرار "لن يضيف للتعقيد الحاصل في ليبيا أي جديد".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، الخميس، أن القرار "يضاف لجملة القرارات التي لم تنفذ حتى اليوم، إلا البعض الذي يلقى التوافق عليه من الأطراف المتصارعة".
تأثيره على مسار جنيف
ويرى العباني أن بعض مخرجات برلين يحتمل الوصول فيها إلى نتائج من خلال الحوار بين الأطراف، إلا أن استباق قرار الأمن بإصدار مثل هذا القرار قد يؤثر على مسار المباحثات الأمنية.
ويتفق العباني مع العبيدي بأن القرار "مآله مثل معظم القرارات السابقة التي لم تجد طريقها للتنفيذ لاصطدامها بالمعطيات على أرض الواقع".
ويتابع الحديث بأن القرار "سيؤثر على سير المحادثات المرتقبة في جنيف بين الأطراف الليبية، أي أنه سيغير ميزان القوى التفاوضية، خاصة أن من يرى أن هذا القرار في صالحه سيتمسك به، وفي المقابل يرفضه الطرف الذي لا يراه في صالحه".
ما علاقته بالمليشيات؟
من ناحيته قال سراج الدين التاورغي المحلل السياسي الليبي، إن "القرار يصعب تنفيذه في ظل الحشد الذي تقوم به المليشيات في مصراته وطرابلس".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "قرارات المجلس الأمن لم تنفذ في العديد من القضايا منها على سبيل المثال في فلسطين، وهو ما يمكن مقارنته بالوضع في ليبيا".
وتابع أن بعض الأطراف الدولية "تعمل على إدارة الأزمة لا حلها في ليبيا، وأن استمرار الحرب يصب في مصالح بعض الدول الأخرى".
أبرز قرارات مجلس الأمن بشأن ليبيا
في 26 فبراير/شباط 2011، اتخذ مجلس الأمن القرار رقم 1970 والذي أعرب فيه عن قلقه البالغ إزاء الوضع ليبيا وأدان العنف واستخدام القوة ضد المدنيين، وطالب بوقف العنف فورا والدعوة إلى اتخاذ الخطوات الكفيلة لتلبية المطالب المشروعة للسكان.
وفي 16 سبتمبر/أيلول 2011، قرار آخر لمجلس الأمن برقم 2009 بإنشاء بعثة للأمم المتحدة للدعم في ليبيا، تحت قيادة الممثل الخاص للأمين العام لفترة أولية قدرها ثلاثة أشهر.
وفي 14 مارس/آذار 2013، قرر مجلس الأمن (2095) تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لفترة 12 شهرا أخرى.
وفي 27 أغسطس/آب 2014، دعا مجلس الأمن في القرار رقم 2174 إلى وقف فوري لإطلاق النار في ليبيا وإلى حوار سياسي شامل والموافقة المسبقة على توريد الأسلحة.
وفي 11 يونيو/حزيران 2018، مدد مجلس الأمن حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا لمدة 12 شهرا.
وفي 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، قرر مجلس الأمن تمديد ولاية فريق الخبراء إلى 15 فبراير/ شباط 2020.
هدنة هشة
اتفق الطرفان على وقف لإطلاق النار يوم 12 يناير/ كانون الثاني، لكن لا تزال الاشتباكات تحدث يوميا، والأسلحة تدخل البلاد، بحسب تأكيد العديد من المصادر الداخلية.
وفي آخر التطورات على الساحة الليبية، قالت بعثة الأمم المتحدة إن قوات حفتر منعت الرحلات الجوية الأممية من وإلى ليبيا، وعطلت بذلك جهود السلام وعمليات الإغاثة الإنسانية.
وأكدت البعثة الأممية في وقت سابق استمرار تدفق الأسلحة لليبيا.