في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني، كلف رئيس الجمهورية قيس سعيد مرشح حركة النهضة، الحبيب الجملي، بتشكيل حكومة جديدة، إلا أنه لم ينجح في المهمة، وصولا إلى رئيس الحكومة المكلف إلياس فخفاخ الذي كلف في 21 يناير/ كانون الثاني.
ولم ينجح الفخفاخ حتى الآن في ذات المهمة، خاصة بعد إعلان حركة النهضة وهي الكتلة الأولى في البرلمان، انسحابها من تشكيل الحكومة أمس 15 فبراير/ شباط، وفي ذات اليوم أعلن حزب قلب تونس عدم منح الثقة للحكومة.
وينص الفصل 89 من الدستور التونسي 2014، على أنه يحق لرئيس الجمهورية حل مجلس نواب الشعب، والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة، وهو نص غير ملزم له، أي أن الخيار يظل بيد الرئيس بحل البرلمان أو تكليف شخصية جديدة لتشكيل الحكومة.
لماذا انسحبت النهضة؟
من ناحيته قال النائب عماد الخميري المتحدث باسم حركة النهضة التونسية، إن فترة التكليف الدستور لم تنته بعد، وأن كل السيناريوهات متاحة.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، الأحد 16 فبراير/ شباط، أن كل الاحتمالات واردة بما في ذلك الانتخابات البرلمانية السابقة لأوانها، إلا أن حركة النهضة تدافع عن حكومة لها شروط نجاح بتمثيل حقيقي للأحزاب بحجم تمثيلها في البرلمان.
وأوضح أن رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ لم يبذل ما يكفي في المقاربة الخاصة بتشكيل الحكومة، وأن الخلاف في وجهات النظر بين النهضة ورئيس الحكومة جوهرية.
وتابع الخميري أن النهضة لن تصوت لحكومة ذات منحى إقصائي، وأن العديد من مكونات الطبقة السياسية أيدت وجهة النظر التي تطالب بتشكل حكومة وحدة وطنية تضم كافة الأطراف السياسية، وأن الحركة لن تقدم أي تنازلات في هذه النقطة.
وشدد على أن النهضة تنتظر ردود الأفعال بشأن وجهة نظر النهضة الخاصة بحكومة الوحدة الوطنية.
انتهاء المهلة وسبل تجاوز الأزمة
من ناحيته قال منذر ثابت المحلل السياسي التونسي، إن رئيس الحكومة المكلف لم يتبق أمامه سوى بضعة أيام تنتهي في 21 فبراير/ شباط، فيما تنتهي المدة الدستورية في منتصف مارس/ آذار المقبل.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"
أنه بعد انتهاء المدة الدستورية يحق لرئيس الجمهورية حل البرلمان والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة، مشيرًا إلى أن جميع الأطراف تدفع نحو عدم اللجوء إلى التأزم والذهاب نحو انتخابات برلمانية مبكرة.
ويرى ثابت أن الخروج من المأزق الحالي يتطلب العودة لنتائج الانتخابات التشريعية التي أفرزت حركة النهضة في المقدمة، يليها حزب قلب تونس، وائتلاف الكرامة والتكتلات الأدنى.
ويرى أن رئيس الحكومة حاول تمرير الحكومة بآلية غير سليمة عبر محاولة فرض بعض الأسماء من خارج التركيبة البرلمانية، وهو ما أدى إلى تأزم العلاقة مع النهضة وقلب تونس والأحزاب الأخرى.
وأوضح ثابت أنه بانتهاء المدة الدستورية يصبح الخيار في يد الرئيس قيس سعيد الذي يمكن أن يحل البرلمان، إلا أن الحديث الدائر الآن يعلق بإعادة الأمر للرئيس أو العودة للحزب الأول في البرلمان.
رفض حكومة الفخفاخ
أعلنت أربعة أحزاب سياسية في تونس أمس السبت، رفضها منح الثقة لحكومة إلياس الفخفاخ التي أعلن عنها مساء ذات اليوم. والرافضون هم: حركة النهضة (54 مقعدا في البرلمان)، وحزب قلب تونس (38 مقعدا) والذي لم يمثل في الحكومة، وائتلاف الكرامة (19 مقعدا)، والحزب الدستوري الحر 17 مقعدا.
ولنيل الثقة يتعين على الحكومة أن تحصل على أصوات 109 نواب من أصل 217 يتشكل منهم مجلس الشعب.
وعين الرئيس التونسي في 21 يناير/ كانون الثاني الماضي، وزير المالية الأسبق إلياس الفخفاخ (47 عاما) رئيسا للحكومة وكلفه بتشكيل حكومة تحظى بثقة البرلمان المنقسم بشدة في غضون شهر واحد، وهي مهمة فشل فيها سلفه حبيب الجملي مرشح حزب النهضة.
وفي حال عدم نيل حكومة الفخفاخ ثقة البرلمان فإن لرئيس البلاد إمكانية حل البرلمان والدعوة لانتخابات نيابية مبكرة كما يقرّ ذلك الدستور التونسي للعام 2014 في الفصل 89.
المهلة الدستورية
بحسب نص المادة 89 من الدستور التونسي :" في أجل أسبوع من الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات، يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الحزب أو الائتلاف الانتخابي المتحصل على أكبر عدد من المقاعد بمجلس نواب الشعب، بتكوين الحكومة خلال شهر يجدّد مرة واحدة.
ويتابع النص
عند تجاوز الأجل المحدد دون تكوين الحكومة، أو في حالة عدم الحصول على ثقة مجلس نواب الشعب، يقوم رئيس الجمهورية في أجل عشرة أيام بإجراء مشاورات مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لتكليف الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر.
وتنص الفقرة الثالثة على: "إذا مرت أربعة أشهر على التكليف الأول، ولم يمنح أعضاء مجلس نواب الشعب الثقة للحكومة، لرئيس الجمهورية الحق في حل مجلس نواب الشعب والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة في أجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما".