المطالب الإيرانية تأتي بعدما أعرب المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي بيتر ستانو عن قلقه إزاء معاودة إيران عدم التزامها بالاتفاق النووي، مطالبًا إيران بالتعاون مع الوكالة الدولية وتزويدها بالمعلومات اللازمة، حيث تعتمد أوروبا على تقارير الوكالة بقوة.
ويذكر أن كلا من فرنسا وألمانيا وبريطانيا فعلوا آلية فض النزاعات، وهي بند من بنود الاتفاق النووي، وذلك بعد إعلان إيران في الشهر الماضي عن تقليص التزاماتها النووية، وإلغائها جميع القيود على أنشطة تخصيب اليورانيوم.
المطالب الإيرانية فتحت الباب أمام الكثير من الأسئلة، بشأن ما الذي يمكن لدول الاتحاد الأوروبي فعله للعودة للاتفاق، وهل بمقدورها القيام بذلك، وما سر تجديد إيران لمطالبها مجددًا؟
وقال متحدث الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، في مؤتمر صحفي، إنه: "كلما اتخذ الأوروبيون خطوات عملية للوفاء بالتزاماتهم، ستعود إيران إلى التزاماتها السابقة".
وأعلن رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشير، أمس الثلاثاء، عزم بلاده ضمان توريد الأدوية وفتح خطوط ائتمان للشركات الصغيرة، كجزء من برنامج يهدف إلى التخفيف من وطأة انتشار فيروس كورونا على الاقتصاد.
وقال سانشيز بعد اجتماع لزعماء الاتحاد الأوروبي، إنه طالب بتخفيف القواعد المالية للاتحاد الأوروبي، بهدف مساعدة اقتصاده بشكل أكبر في مواجهة تفشي الفيروس، بحسب ما نقلته وكالة "رويترز".
والأسبوع الماضي، أعلن بهرام قاسمي السفير الإيراني في باريس، أن شحنة مساعدات أوروبية انطلقت من باريس إلى طهران لمساعدة إيران في مواجهة فيروس "كورونا" المستجد.
إرادة أوروبية
الدكتور عماد ابشناس، المحلل السياسي الإيراني، قال إن "العقوبات الأمريكية مفروضة منذ 40 سنة، إلا أن الدول الأوروبية لم تلتزم بها قبل الثورة وبعدها، وإيران وقتها لم يكن لديها أي مشاكل، سوى التعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية".
وأكد "إيران تطالب الأوروبيين بضرورة العودة إلى ما قبل العقوبات الأممية، وأن يقوموا بتعهداتهم وفقا للاتفاق النووي المبرم، خصوصًا وأن دول الاتحاد وعدت إيران أنها سوف تعود إلى ما قبل العقوبات الأممية، حتى وإن لم تكن واشنطن راضية عن هذا الأمر".
وعن مدى إمكانية قيام أوروبا بذلك، قال: "نعم بإمكانها فعل ذلك، لكن لو كان لدى الاتحاد إرادة، المشكلة هنا أن دول أوروبا لا تملك الإرادة لفعل ذلك، وأنها تحاول أن تلعب دور الشرطي الجيد مع طهران، فيما تلعب أمريكا دور الشرطي السيء".
رسائل إيجابية
من جانبه قال مصطفى الطوسة، المحلل السياسي المقيم في فرنسا، إن "المواقف الإيرانية الأخيرة تجاه الاتفاق النووي والرسائل التي حاولت أن تبعث بها للقيادة الأوروبية ليست مفاجأة، فمنذ زيارة بوريل الأخيرة لطهران لمست دول الاتحاد الأووربي أن هناك فارقًا كبيرًا بين التصعيد الإعلامي للقيادة هناك والموجه للاستهلاك الداخلي، وبين المواقف الحقيقية".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "المواقف الحقيقية للقيادة الإيرانية تتمثل في أنها لا تريد أن تحدث قطيعة نهائية مع الاتحاد الأوروبي، والإبقاء دائمًا على خيط الحوار والمفاوضات بين طهران والاتحاد، انطلاقًا من قناعة بأن أوروبا هي المحامي الوحيد للمصالح الإيرانية، في الوقت الذي انخرط فيه ترامب والإدارة الأمريكية في عملية تكسير عظام طهران عبر العقوبات الاقتصادية".
تحركات أوروبية
وأكد أن "هامش المناورة لدى الأوروبيين لم يتغير منذ فرض العقوبات الأمريكية على طهران، فلا يمكن لدول الاتحاد أو للشركات الأوروبية الكبرى التعامل مع إيران فيظل العقوبات، لكن ما يمكن القيام به هو محاولة تدريجية لإقناع واشنطن ومراكز القرار العالمي بجدية رفع نسبي للعقوبات ومحاولة الانفتاح على إيران".
وفيما يخص آلية الإنستيكس، قال: "الجميع يتحدث عنها، لكن أعتقد أنها غير فعالة، إلا أذا كانت بمباركة أمريكية، لكن في النهاية لا تلبي حاجات إيران الاقتصادية، ولا طموحات القيادة، وما يمكن أن تستمر فيه أوروبا محاولة إقناع الإدارة الأمريكية بتغيير التعامل مع إيران طالما منخرطة في احترام الاتفاق".
وعن أسباب تجديد إيران مطالبها للاتحاد الأوروبي بالعودة للاتفاق، قال: "إيران تعلم أنها بغير أوروبا معزولة تمامًا عن العالم، ولا يمكنها تلبية احتياجاتها الاقتصادية، وأن الباب الوحيد لأي مفاوضات مع أمريكا لن تكون إلا عبر أوروبا".
أزمة قائمة
وأعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في مايو/ أيار 2018، انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الذي أبرمته الدول الكبرى (الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي بالإضافة إلى ألمانيا) مع إيران عام 2015، وإعادة فرض عقوبات على طهران، لافتا إلى أن الاتفاق لا يمنع من نشاط إيران المزعزع في المنطقة.
وأعلنت إيران، في الخامس من كانون الثاني/يناير الماضي، خطوة خامسة وأخيرة من خطوات تخفيض التزاماتها النووية، موضحة أنها رفعت كل القيود على عملياتها النووية، بما في ذلك ما يتعلق بتخصيب اليورانيوم.
يذكر أن إيران وقّعت عام 2015، اتفاقا مع [الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي بالإضافة إلى ألمانيا]، لرفع العقوبات المفروضة على الجمهورية الإسلامية مقابل السماح بمراقبة دولية على برنامجها النووي.