مما لا شك فيه أن عدم الاستقرار في أسعار النفط الخام في السوق العالمية قد سبب مشاكل اقتصادية كبيرة لكل الدول المنتجة والمصدرة للنفط، ولكن خسائر الولايات المتحدة ستكون أكبر بكثير من خسائر باقي الأطراف إذا ما حافظت أسعار النفط الخام على معدلاتها المنخفضة، والتي سترسم طريق الإفلاس معبدا أمام شركات النفط الصخري الأمريكية، على خطى شركة "Whiting Petroleum" الأمريكية، التي أعلنت إفلاسها الأسبوع الماضي لعدم تحملها تداعيات أزمة انهيار أسعار النفط الخام العالمي بحسب ما ذكرت صحيفة "وول ستريت" الأمريكية.
ففي ظل تراجع أسعار النفط لن يكون هناك فرصة للنفط الصخري الأمريكي لمنافسة النفط الخام الطبيعي في الأسواق العالمية لأن الشركات النفطية الأمريكية تعتمد بشكل رئيسي على النفط الصخري، الذي يحتاج تكاليف باهظة كي يصبح مادة مسالة شبيهة بالنفط الخام الطبيعي الذي تعتمد عليه روسيا والسعودية، صاحبتا الكلمة العليا في اجتماع الغد، فما فائدة أن تمتلك ملايين البراميل من الاحتياط النفطي إذا كانت تكلفة إنتاجه أعلى من الأسعار المطروحة في الأسواق؟
ما هو النفط الصخري؟
النفط الصخري هو نوع من أنواع النفط الخفيف، حيث أنه أقل سيولة من النفط الخام، ويستخرج من الصخور التي تحتوي على ترسبات مادة الكيروجين التي يتم تحويلها إلى سائل هيدروكربوني ينتهي به الأمر إلى نفط خام.
وعكس ما هو متوقع، كانت تتم معالجة النفط الصخري فوق سطح الأرض، من خلال تعدين النفط الصخري في منشآت معالجة خاصة، ولكن في الأعوام القليلة الماضية تم اعتماد تقنيات حديثة تستطيع معالجته تحت الأرض في الموقع نفسه، عن طريق تطبيق ضغط ودرجات حرارة معينة واستخراج النفط عن طريق مضخات نفطية مخصصة، ولكن على الرغم من كل تلك التقنيات، مازالت تكلفة إنتاج برميل النفط الصخري أضعاف تكلفة استخراج برميل النفط الخام.
ما هي المراحل المكلفة في إنتاج النفط الصخري الأمريكي؟
- يتم جمع كل الصخور الرسوبية المحتوية على مادة "الكيروجين" العضوية، ثم تكسيرها وتفتيتها إلى جزيئات صغيرة، تتطلب عملية تفتيت الصخور ضخ كميات كبيرة من الماء تقدر بحوالي 7 إلى 23 مليون لتر للبئر الواحد، أي ما يعادل تقريبا 5 براميل من الماء لبرميل النفط الواحد، بحسب ما ذكر تقرير صادر عن صندوق النقد العربي.
هل سينتج عن اجتماع "أوبك+" تخفيضات لصالح النفط الأمريكي دون مشاركة أمريكية؟
وفي تصريحات سابقة، قال نائب المدير العام للصندوق القومي لأمن الطاقة أليكسي غريفاتش: "من المنطقي أن يتم توسيع وإعادة هيكلة مجموعة "أوبك+" لكي تضمن الاستمرار في العمل، لأنه من الضروري إشراك البلدان التي تنتج النفط الصخري، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. ومن ثم يمكن الحديث عن القيود المفروضة على إنتاج سوق النفط الصخري. لأن هذه الهيكلة ستجعل المجموعة أكثر قوة واستقرارا".
وأضاف، في تصريحات لـ"سبوتنيك"، "في الواقع، الولايات المتحدة تحتاج للدخول في صفقة النفط. ربما لم تبق دولة أخرى بخلاف "أوبك+" لا تحتاج إلى هذا مثل الولايات المتحدة الآن. بالنظر إلى أن الولايات المتحدة كانت خارج الصفقة، فقد تبين أنها مستفيدة من ارتفاع أسعار النفط. ولكن عندما خرج توازن العرض والطلب عن السيطرة، كان من المستحيل الحفاظ على أسعار النفط مرتفعة".
وتابع: "حاليا، من أجل تحقيق الاستقرار، من الضروري بذل جهود مشتركة لجميع المنتجين الرئيسيين للمواد الخام. وهنا لا يجب استبعاد الولايات المتحدة لمجرد أنها تنتج النفط الصخري".
وختم: "بالتالي كان من الغريب أن يوجد اتفاق لمجموعة دول "أوبك+"، التي من بينها روسيا وهذه الدول تعمل معا، ولكن هناك دول ليست أعضاء في أوبك+".
يبدو أن المنتجين الرئيسيين للنفط في طريقهم لإعادة التوازن للسوق وتأكيد نفوذهم فيه، لكن هذه المرة وبما أن أمريكا أصبحت منتجًا رئيسيًا، ستكون مضطرة للجلوس على إحدى أطراف الطاولة المستديرة للمشاركة في قرار سيعود عليها وعلى شركائها النفطيين بالنفع، أو أن الإفلاس سيكون مصير شركاتها النفطية في المستقبل القريب جدا.
(المقال يعبر عن رأي كاتبه فقط).