فيما يقلل البعض من أهميته ويتهم المجلس بأنه لا يمتلك القرار، أما الفريق الآخر فيرى أن كل تلك القرارات تأتي في إطار تهدئة الشارع بعد عجز الجميع واحتراق أوراقهم بعد كارثة السيول والأمطار، أما على المستوى الدولي فيرى فريق أن العالم منشغل بوباء كورونا المستجد وبعض الدول تتعاطى مع قرار الانتقالي.. فهل ينجح الجنوبيون في تغيير الخارطة السياسية في اليمن؟
قال الدكتور عبدالستار الشميري رئيس مركز جهود للدراسات باليمن "في اعتقادي أن ردود الأفعال حول قرار الإدارة الذاتية الذي اتخذه الانتقالي سوف تتباين سواء في الداخل أو الخارج".
وتابع رئيس مركز جهود لـ"سبوتنيك" "حيث إن معظم أبناء الجنوب سيؤيدون هذا القرار وسوف يحتشدون إلى جانب الانتقالي ما عدا فئات بسيطة ممن يرتبطون بالرئيس هادي أو بحزب الإصلاح، وهذا يعود إلى أن معظم أبناء الجنوب تراكم لديهم مزاج عام جنوبي للحكم الذاتي أو الانفصال، وضاعف من هذا الشعور السلبيات والحماقات التي ارتكبت منذ حرب صيف العام 1994 وما تم من النهب والسلب للجنوب ونقص في الخدمات وحرمان وإقصاء كثير من الموظفين والعسكريين والدور الكبير الذي لعبه النظام السابق في تلك السلبيات وبجواره حزب الإصلاح الذي صادر الكثير من الأراضي في الجنوب".
وأشار الشميري إلى أن النخبة السياسية اليمنية لن توافق الانتقالي على أطروحاته، ما عدا فئات من الحزب الإشتراكي اليمني وستكون هناك معارضة وسيتحفظ البعض عن أي ردود كبيرة مثل الاشتراكيين والناصريين وستكون أكثر الأصوات معارضة من جانب أعضاء بالمؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح وبعض الفئات الأخرى.
وأشار رئيس مركز جهود إلى أن الحوثيين لن يكون لهم موقف واضح لأنه شبه مكتفي بالأراضي التي تقع تحت سيطرته وهى أشبه بتواجد حزب الله في لبنان، وإن عبرت قنواته عن شيء من الامتعاض، لكنه ماض في مشروعه الخاص على الأراضي التي يسيطر عليها.
وحول موقف الحكومة الشرعية والعالم قال الشميري إنها ستحاول أن تضغط من جانب السعودية للضغط على الانتقالي، لأن الحكومة لا تمتلك أي أوراق على الأرض، أما على المستوى الخارجي فالعالم منشغل تماما عن هذه القضايا، وأقصد هنا الدول العشر الراعية، ولن تبدي موقفا، هذا بجانب أن بعض الدول تتعاطى مع ما يريد الانتقالي بشكل غير معلن مثل بريطانيا وغيرها، وستكون السعودية هى مصدر الاشتباك بين كل الأطراف لأن الجميع يريد منها أن تنفذ رغباته وسيكون وضعها حرج جدا، وكما نعلم فإن الإمارت تقف بجوار الانتقالي وهو ما يزيد المشكلة اليمنية تعقيدا.
ولفت الشميري إلى أن الجنوبيين قد ينجحون هذه المرة في فرض حكم ذاتي في ظل وجود حكومة فاشلة ومترهلة، وعندما ننظر للوضع في الجنوب نجد أن هناك مبررات للمجلس الانتقالي في ما أقدم عليه، ولكنه أيضا يعد أحد ألوان التشظي في القضية اليمنية، حيث سيكون في تلك الحالة هناك مناطق في الجنوب ومناطق للحوثي وفي المنتصف مناطق للإصلاح تشكل مأرب وتعز، بالإضافة إلى تناثرات للقاعدة في مناطق مختلفة وهوامش لبعض الأحزاب كـ الناصري والمؤتمر والاشتراكي مع انسحاب كامل للرئيس في قصره، والقرار اليمني أصبح منقسما بين الحوثيين والإصلاح.
ومن جانبه قال اللواء عبد الله الجفري الخبير الاستراتيجي في العاصمة صنعاء باليمن، "إن البيان الي أصدره المجلس الانتقالي الجنوبي لا يقدم ولا يؤخر وهذا المجلس عبارة عن أداة بيد الإمارات وتستخدمه كورقة ضغط حال حدوث أي مستجدات على الساحة اليمنية، وما قام به الانتقالي ليس أول مرة، بل حدث ذلك في يناير/كانون 2018 ، عندما أعلنوا النفير العام وطردوا ما يسمى بالشرعية من عدن ووصلوا إلى قصر المعاشيق وتوقفوا عند بوابته ثم أتاهم اتصال من الخارج فانسحبوا، لأنهم لا يمتلكون إرادة حقيقية".
وأضاف الخبير الاستراتيجي لـ"سبوتنيك"، "نحن لا نكترث لمثل هذه البيانات غير المدروسة والغير صادرة عن إرادة شعبية ووطنية مستقلة، الأمر لا يخرج عن صراعات إقليمية للسيطرة على عدن وإزاحة الخصوم السياسيين، وعندما شعرت الإمارات بأن الانتقالي سيحترق بعد الكارثة الأخيرة والخسائر التي تسببت فيها السيول والأمطار، فأوحت إلى الانتقالي بإصدار هذا البيان من أجل تهدئة الناس في عدن، وما يحدث هو من الأمور التي كنا نتوقعها".
أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن الحكم الذاتي وحالة الطوارئ في المناطق التي يسيطر عليها في جنوب البلاد، وقال المجلس في بيان له "إن الحكومة اليمنية لم تفعل شيئا بعد اتفاق لتقاسم السلطة خاصة لتحسين الأوضاع المعيشية للمدنيين والعسكريين".
وشهدت عدن العام الماضي قتالا عنيفا بين قوات تابعة للمجلس الانتقالي وقوات تابعة للحكومة الشرعية راح ضحيتها العشرات قبل أن يوقعوا لاحقا على اتفاق سلام في نوفمبر/تشرين الثاني.
وقالت وزارة الخارجية اليمنية في بيان نشرته على حسابها على تويتر إنّ "إعلان ما يسمى بالمجلس الانتقالي عن نيته إنشاء إدارة جنوبية هو استئناف لتمرده المسلح... وإعلان رفضه وانسحابه الكامل من اتفاق الرياض".
وأضافت: "المجلس الانتقالي المزعوم سيتحمل وحده العواقب الخطيرة والكارثية لمثل هذا الإعلان."
وتأسس المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن في 11 مايو/أيار 2017 من قبل سياسيين ومسؤولين قبليين وعسكريين في عدن، ثاني كبرى مدن البلاد.
وأعلن وقتها عيدروس الزبيدي، محافظ عدن السابق، في كلمة بثها التلفزيون المحلي وإلى جانبه العلم السابق لجمهورية اليمن الجنوبي، عن قرار يقضي بقيام مجلس انتقالي جنوبي برئاسته أطلق عليه اسم "هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي".
وقال الزبيدي إن الهيئة، التي تضم 26 عضوا، بينهم محافظو خمس مدن جنوبية واثنين من الوزراء في الحكومة اليمنية، ستتولى إدارة و تمثيل المحافظات الجنوبية داخليا وخارجيا، وأعلنت حكومة هادي عن معارضتها لتشكيل هذا المجلس.
ويشهد اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة، إذ تقول إن ما يقرب من 80% من إجمالي السكان -أي 24.1 مليون إنسان- بحاجة إلى نوع من أنواع المساعدات الإنسانية.
وكان التحالف أعلن عن وقف لإطلاق النار في الجبهات مع الحوثيين في التاسع من 9 أبريل/نيسان، دعما لجهود الأمم المتحدة لإنهاء الحرب المستمرة منذ خمس سنوات ولتهيئة الأجواء لمواجهة تفشي فيروس كورونا، وقام بتمديده لمدة 30 يوما مع حلول شهر رمضان.