أفادت وسائل إعلام محلية سعودية أن المملكة قررت تخفيض ميزانيات مبادرات برامج تحقيق رؤية 2030 والمشاريع الكبرى بنحو 30 مليار ريال، ضمن خطة تخفيض كبرى شملتها العديد من النفقات التشغيلية والرأسمالية بنحو 100 مليار ريال، لتخفيف التداعيات التي خلفتها أزمة جائحة كورونا المستجد.
جاء هذا الإجراء بعد يومين من إعلان المملكة إيقاف بدل غلاء المعيشة بدءاً من شهر يونيو/ حزيران لعام 2020، وكذلك رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% بدءاً من الأول من شهر يوليو/ تموز لعام 2020م.
الإجراءات السعودية الأخيرة دفعت البعض لطرح تساؤلات بشأن مدى تأثير تخفيض الميزانية على تحقيق رؤية المملكة 2030، وبشأن أهمية هذه الإجراءات في إنقاذ الاقتصاد السعودي.
تخفيض موازنة الرؤية
نقلت صحيفة "عكاظ" عن مصادر قولها إنه "رغم تخفيض الإنفاق على برامج الرؤية والمشاريع الكبرى، سيستمر العمل عليها دون توقف".
وأشارت المصادر إلى أن الدولة رصدت 177 مليار ريال لتعزيز قطاع الصحة، وتخفيف أثر الجائحة على القطاع الخاص والمحافظة على رواتب الموظفين فيه.
وتوقعت المصادر أن مراجعة مزايا موظفي الهيئات الحكومية من شأنه أن يخفف من الإنفاق على الهيئات والمؤسسات والبرامج الحكومية.
وكشفت المصادر أن الصادرات غير النفطية تراجعت منذ بداية أبريل/ نيسان إلى يوم 22 من الشهر ذاته بمعدل 31.7%.
خطط مالية مرنة
المستشار المالي والمصرفي والاقتصادي، ماجد بن أحمد الصويغ، قال إن "المملكة العربية السعودية دائما ما تضع في حساباتها خطط مرنة لجميع الأهداف الاستراتيجية من أجل تحقيق رؤية 2030، وما قامت به من تخفيض 30 مليار ريال من ميزانية برنامج الرؤية دليل على ذلك، لتحقيق برنامج التوازن المالي للرؤية".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "التخفيض الذي أقرته المملكة لن يؤثر سلبًا على سياسات وإجراءات الخطة، وإنما سيكون دافعًا للجميع للعمل بدقة وجودة وكفاءة أعلى، وميزانية أقل لتحقيق نتائج أكبر ومواجهة هذا التحدي للاستفادة من الموارد المتاحة المالية وغير المالية".
وأكد أن "المملكة تقوم بدراسة وإعادة النظر لخططها الاستراتيجية التي وضعت، للعمل على إجراءات حقيقية وفعلية من أجل إنقاذ الاقتصاد، وهي إجراءات هامة في الوقت الحالي".
خطط بديلة
قال الدكتور شاهر النهاري، المحلل السعودي، إن "دول العالم أجمع بسبب انتشار وباء كورونا، وما تبعه من أزمات اقتصادية ومالية لم يعد لديها أي رؤية ثابتة للمستقبل".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "من كان له رؤية أو مشروع مستقبلي لابد وأنه يمتلك الحلول البديلة، بحيث يستطيع في حال تعثر الوصول إلى التنفيذ الكامل لرؤيته أن ينتهج نهجا آخر بديلا ومتلائما مع الظروف".
وأكد أن "إعلان السعودية تقليص ميزانية برنامج رؤية 2030 كان متوقعا في ظل الظروف التي يمر بها العالم، بحيث تحاول المملكة أن تقدم حلولًا بديلة من أجل البقاء في رؤيتها المستقبلية".
وأشار إلى أن "البترول بدأ في التحسن، ومن الممكن بعد زوال فيروس كورونا، أن يعود الوضع إلى ما كان عليه، خاصة وأن السعودية تمتلك ميزانية كبيرة في صندوقها الاستراتيجي، وباقي صناديق المشروعات الأخرى".
وأنهى حديثه قائلًا: "اتجاه المملكة العربية السعودية من خلال رؤيتها للطاقة البديلة، والاستثمارات البديلة عن البترول يعد محفزا آخر، وربما نرى في المستقبل هذه النتائج والتي نتوقع أن تكون في صالح الاقتصاد والرؤية".
إجراءات سعودية
قال وزير المالية السعودي، محمد الجدعان إن "حساب المواطن مستمر، أما بالنسبة لبدل غلاء المعيشة، فكان أمرا مؤقتا، وفقا للمعلن منذ البداية وتأثيره محدود للغاية، وأن الدعم والإصلاحات الأخرى مستمرة".
ولفت الوزير في حوار مع وكالة "بلومبرغ" الأمريكية أن الإجراءات البالغة 26.6 مليار دولار تستهدف المساعدة على وضع المالية العامة ليمكنها دعم الاقتصاد عند الخروج من الإغلاق.
وأكد الجدعان أن المملكة أخذت بعين الاعتبار كثيرا من الخيارات وتأثيرها اقتصاديا وماليا واجتماعيا، ووصف الإجراءات المعلنة، وفقا لخبراء اقتصاد وآخرين، بأنها الأقل إلحاقا للضرر بالاقتصاد والقوة المالية للسعودية.
وتابع: "نحن لا نخفض الإنفاق؛ بل نعيد تخصيص الإنفاق، بسبب الزيادات في الإنفاق التي خصّصناها لدعم الاقتصاد والقطاع الخاص ووظائف الموظفين السعوديين في القطاع الخاص، وأيضاً بسبب الموارد الكبيرة التي وضعناها في قطاع الرعاية الصحية؛ ليس فقط لعلاج المواطنين، ولكن أيضاً لعلاج غير السعوديين، الذين يشكلون 85 % من حالات فيروس كورونا خلال الأيام الحالية".
وذكر وزير المالية السعودي، أن زيادة الضريبة المضافة أحد الأشياء المساعدة هذا العام، لكنها ستساعد بشكل أكثر في العام المقبل والعام الذي يليه عند الخروج من أزمة كورونا، قائلاً: "نحن لا نزيد الإيرادات الآن لأنه لا يوجد إنفاق، على أي حال الناس لا ينفقون بقدر ما كانوا ينفقون بسبب الإغلاق ومع خروجنا من هذه الأزمة ستعمل الحكومة لدعم الاقتصاد ودعم القطاع الخاص لضمان عدم انقطاعه عن العمل خلال هذه الفترة".
وذكر الجدعان؛ أنه بسبب "كوفيد-19" تتباطأ كثير من المشاريع، وبالتالي تم التركيز على المشاريع التي ستتأثر على أي حال بسبب مشكلات سلسلة التوريد، والقيود العمالية، أما بالنسبة لبعض برامج الرؤية فتم العمل مع اللجنة الاستراتيجية خلال الأشهر والأسابيع القليلة الماضية لإعادة ترتيب أولويات المبادرات في إطار برامج تحقيق الرؤية.
وقال "نحن نخطط للإنفاق في بعض مشاريع الإسكان والضيافة وكثير من النفقات، بعضها سيستمر، وبعضها سيتم تأجيله وتمديده الى العام المقبل والعام الذي يليه".
وأشار الجدعان، إلى أن المشاريع الكبيرة مستمرة وفقاً لجدولها الزمني رغم تمديد بعضها بسبب ما يحدث لأن معظمها في مناطق معزولة، وتم وضع تدابير الصحة والسلامة اللازمة لحماية العمال.
وأضاف "قد لا تكون بالسرعة التي كانت عليها، لكنها مستمرة ويمكن توسيع بعض البنية التحتية لهذه المشاريع التي كان من المفترض أن تبنيها الحكومة، سواء كانت طرقاً وأنابيب مياه وما إلى ذلك، بناءً على الجدول الزمني الجديد لهذه المشاريع".