ليست إيجابية
قال الدكتور سمير غطاس عضو مجلس النواب المصري ورئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، إن البيان الأول الذي صدر بعد اليوم الأول من اجتماعات وزراء ري كل من مصر والسودان وإثيوبيا عبر الدوائر الإلكترونية، يشير إلى أن تلك الاجتماعات لا يمكن وصفها بالإيجابية، لأنها اقتصرت على الجانب الإجرائي فقط وهذا متوقع، وقد استبقت إثيوبيا تلك الاجتماعات وأكدت أنها ماضية في طريقها بشأن ملء السد.
ردع إثيوبيا
وأشار غطاس إلى أنه لا يوجد حتى الآن شىء يردع إثيوبيا عن إتمام مشروعها، وقد تحدث رئيس الوزراء الإثيوبي بصراحة شديدة أن هذا المشروع يلبي الحاجات الأساسية لإثيوبيا وأنه لن يضر الآخرين، وهذا الخطاب اعتاد عليه الجانب الإثيوبي، ويجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن هذا المشروع يحظى بإجماع قومي إثيوبي.
وأوضح عضو البرلمان، أن الموقف السوداني تحرك من الموقف الأقرب إلى الجانب الإثيوبي، والآن تقف السودان في الموقف المتوسط أو الوسيط، والوسيط عادة لا يؤثر وقد جربنا في السابق الوسيط الأمريكي ممثلا في وزير الخزانة الأمريكي ورئيس البنك الدولي، ورغم تلك الوساطة، إلا أنها لم تسن الجانب الإثيوبي، وما لم يمنع هذا الإجراء بشكل قسري بالمفاوضات أو بقرارات من مجلس الأمن الدولي، فإنه سوف يصعب تماما التعامل مع السد باعتباره أمر واقع عندما يمتلىء بمليارات الأمتار من المياه.
حافة الهاوية
من جانبه قال الدكتور أحمد المفتي الخبير السوداني في مفاوضات نهر النيل، إن الاجتماعات التي بدأت أمس بين وزراء ري الدول الثلاث عبر الدوائر الإلكترونية، يمكن أن نضعها في باب "التفاوض على حافة الهاوية، وهو تكتيك تفاوضي معروف، ومضمونه أن الدولة المعنية تظل ترفض العرض، على الرغم من أنه يخدم مصالحها بنسبة 100%، حتى تعتقد الأطراف الأخرى، أنها لن تقبل به، فتوسط أطرافا أخرى، لإقناعها بقبول ذلك العرض، وتستمر في الرفض، حتي تشهد العالم بأنها ترفض ذلك العرض، ولا تعطي الأطراف الأخرى أي فرصة للتقدم بمطالب أخرى، وعندما تقترب لحظة المواجهة، تقبل بشروط وهمية حتى ينصرف انتباه الأطراف الأخرى.
التعديلات الإثيوبية
وفيما يتعلق بالتعديلات قال المفتي، وزير الري الإثيوبي، ألمح إلى إمكانية عمل بلاده علي مسودة أمريكا والبنك الدولي، بشرط إجراء بعض التعديلات، وكان ذلك خلال الاجتماعين المنفصلين، اللذين عقدا الأسبوع الماضي ، بين وزير الري السوداني، ونظيره المصري والإثيوبي، كل على حده، لبحث تعديلات على الصياغة التي وقعت عليها مصر منفردة بالأحرف الأولى في واشنطن فبراير/شباط الماضي 2020، وقد أبلغت القاهرة الخرطوم برفضها لتلك التعديلات، موضحة أنها قليلة لكنها مؤثرة.
وأوضح الخبير السوداني، أن التعديلات المقترحة من الجانب الإثيوبي تتلخص في المنسوب الذي يجب التوصل إليه، لضمان التشغيل الأمثل المستدا، وإطلاق الكميات الزائدة عن الحاجة في مجرى النيل، لتصل إلى السودان ومصر، وكان هناك اتفاق مبدئي بين الدول الثلاث، على أن يكون المنسوب 625 مترا، لكن إثيوبيا تدعي أن الوصول إلى هذا المنسوب يتطلب منها عدم وقف الملء في أي مرحلة تبعا للظروف الهيدرولوجية، وترى إثيوبيا بأنه في ظل مؤشرات الفيضان المبكر الحال، فإنه من السهل تأمين الوصول إلى تلك النقطة قبل الموعد المتوقع، الأمر الذي يرى السودان أنه ما زال من المبكر توقعه، وبالتالي من الصعب قبول إفشال التوصل إلى اتفاق بشأن القواعد لهذا السبب، وتقدم مصر من جانبها، مصفوفة تثبت أنّ الوصول إلى ذلك المعدل لن يتعارض مع التوقيفات المطلوبة، بل يمكن تأمينه في حالة الفيضان، وبمراعاة الظروف في أقل من 5 سنوات.
وتابع المفتي، تتمسك مصر بأن يكون قياس نقاط التدفق دوريا، واتباعها عند نقاط زمنية معينة في جدول اتُّفق عليه سلفا، وذلك لتحديد كميات المياه التي تخزن في بحيرة السد خلال الفترة الأولى من عملية الملء التي من المقرر أن تستمر من يوليو/تموز حتى فبراير/شباط المقبلين، ثم تتباطأ تدريجيا على ثلاث مراحل تالية، إحداها طويلة تمتد من يوليو/ تموز 2021 وحتى فبراير/شباط 2022، وقبلها مرحلة قصيرة وبعدها مرحلة قصيرة آخر، وفي تلك الفترة يُشغل السد تدريجا لإنتاج الكهرباء، وتنتهي المراحل الأربع بتشغيل السد بأقصى طاقة استيعابية لتوليد الكهرباء في صيف 2022 مع الحفاظ على حد أدنى لإبقاء السد ممتلئا وقيد التشغيل.
مصر تتحفظ
لليوم الثاني على التوالي واصل وزراء الموارد المائية في كل من مصر والسودان وإثيوبيا اجتماعهم بشأن سد النهضة عبر تقنية الفيديو كونفرانس بحضور مراقبين من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وجنوب إفريقيا، وناقش الاجتماع في اليوم الأول الإجراءات المطلوبة لمواصلة التفاوض حول النقاط العالقة، على أن يتم تقييم نتائج الاجتماعات يوم الاثنين أو الثلاثاء القادمين.
وبدأت إثيوبيا في 2011 في إنشاء سد النهضة على النيل الأزرق، وتتخوف مصر من تأثير السد على حصتها من مياه النيل، والتي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنويا، تحصل على أغلبها من النيل الأزرق.