أزمة ثقة
قال الدكتور عبد الستار الشميري رئيس "مركز جهود للدراسات في اليمن"، الأوضاع في اليمن وبالتحديد فيما يختص باتفاق الرياض والاشتباكات الحاصلة بين قوات المجلس الانتقالي والشرعية قد دخل في مرحلة معقدة جدا خاصة فيما يتعلق بالصعيد العسكري، حيث بدأت الاشتباكات منذ شهرين في جبهات كثيرة في محافظات أبين وشبوة وإمتدت بالقرب من العاصمة عدن.
وأضاف رئيس مركز جهود لـ"سبوتنيك" هناك اشتباك حقيقي وتعقيد في المسألة، حيث يرى المجلس الانتقالي أن الحكومة الشرعية من قبل حزب الإصلاح ذراع جماعة "الإخوان المسلمين" وأنها تسخر كل جهودها لصالح حزب الإصلاح، والانتقالي يخشى من أي تواجد للإخوان في المناطق الجنوبية، في الوقت ذاته ترى الحكومة الشرعية أن المجلس الانتقالي يناوئها على صلاحياتها لخلق وقائع جديدة في الجنوب، وتلك الوقائع لا تفضي بالضرورة لصالح استقرار اليمن.
الموقف السعودي
وأشار الشميري إلى أن حزب الإصلاح مستفيد من هذا الخلاف ويستثمره ويحاول أن يغذيه بوسائل متعدده، وهناك انقسام أيضا فيما يتعلق بالتحالف العربي، حيث تدعم الإمارات العربية المتحدة المجلس الانتقالي وتخشى من وجود أي مظاهر للشرعية في الجنوب لأنها ترى أن ذلك يصب في مصلحة الإخوان.
وأكد رئيس مركز جهود على أن السعودية تحاول أن تكون شوكة التوازن بين كل تلك الدوائر"المجلس الانتقالي والحكومة الشرعية، وبين الرئيس اليمني وعبد الملك الحوثي"، وأيضا مع جماعة الإخوان حيث تحاول تهدئتهم بطريقة أو بأخرى، هذه التعقيدات أفضت بالضرورة إلى أن اتفاق الرياض لم يجد مناخ مناسب لتطبيقه على الأرض، وسادت حالة من عدم الثقة بين الأطراف وساد الاشتباك.
معارك كبيرة
وتوقع الشميري أن تشهد الأسابيع القادمة بعض المعارك والتي قد تتطور إلى اشتباكات كبرى، لكن في نهاية المطاف تستطيع السعودية أن توقف تطور الخلافات ولكنها لا تستطيع إنهائها كليا ووضع نهاية وتطبيق اتفاق الرياض على الأرض، لأن حجم الخلافات وعدم الثقة بين الأطراف كبيرجدا، كما دخل تنظيم القاعدة على الخط ويحاول استثمار الفراغات الأمنية والتواجد بطريقة أو بأخرى.
تعديل موازين القوى
من جانبه قال الدكتور ثابت حسين الخبير الاستراتيجي اليمني، إن المعارك لم تتوقف في أبين وشبوة منذ اسابيع بين القوات الموالية للشرعية والقوات الجنوبية.
وأكد الخبير الاستراتيجي لـ"سبوتنيك" على أن اتفاق الرياض سواء كان القديم الذي وقع نهاية العام الماضي أو المحادثات الجديدة التي يجريها رئيس المجلس الامنقالي منذ عدة أيام في الرياض، سوف يؤثر على سير المعارك الجارية، لأن الشرعية كانت ترفض تنفيذ اتفاق الرياض السابق ورفضت حتى التوقيع عليه، ولجأت إلى الحرب الأخيرة لتعديل موازين القوى بين الطرفين، وكانت الشرعية تريد الدخول إلى عدن ولكنها لم تستطع حتى الوصول إلى مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين.
وقال حسين، في تقديري هناك توازن قوى الآن، وإن كانت القوات الجنوبية هى الأقوى حيث تتمسك بالدفاع، حتى لا تؤلب التحالف ضد القوات الجنوبية.
تجدد الاشتباكات
أما عبد العزيز قاسم القيادي في الحراك الجنوبي فقال، "لم نرصد أي تقدم في المفاوضات التي من المفترض أن يجريها الزبيدي في العاصمة الرياض منذ وصوله قبل عدة أيام، بدليل تجدد المواجهات العسكرية وغياب أي موقف حازم من قبل السعودية لتهدئة الأوضاع و حث الأطراف لوقف الاشتباكات.
الشرعية والمؤتمر
وأكد القيادي في الحراك لـ"سبوتنيك"، "أنه لا جديد في الحوارات القادة، ولدي قناعة أن السعودية بدأت في التعويل على تيار أو قوى النظام السابق، وتحاول في هذه المرحلة إيجاد نوع من التقارب والتنسيق بين قوات النظام السابق ممثلة بطارق صالح وقوى الشرعية، يتمثل هذا التقارب في توسيع دائرة الحوار ليشمل طارق صالح الذي لم ينضوي في إطار الشرعية بنفس التنسيقات السابقة التي كانت في عهد الرئيس السابق علي عبد الله صالح قبل الإطاحة به"، وقد يتم تعيين طارق صالح في منصب رفيع وعودة علاقته بنائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر، وهذا التحول سيقلب المشهد رأسا على عقب، وقد تنجح السعودية في تحقيق بعض الانتصارات ليس ضد الحوثيين بل في الجنوب على مستوى المصالح الإقليمية وتحقق حضور مرحلي.
ولفت قاسم إلى أنه من المستحيل العودة إلى اتفاق الرياض بصورته القديمة، لكنه ربما يمثل أساسا يتم البناء عليه في استيعاب قوى طارق ،الأمرالأهم في هذا التحول هوالموقف الإماراتي وكيف سيبدو إذا ما استطاعت السعودية إيجاد هذا التقارب، وقد برزت مؤشرات تخوف عبر كتابات لسياسين كون الإمارات تضع حزب الإصلاح المدعوم سعوديا إخوان اليمن في قائمة حربها ضد الإرهاب وماذا سيكون الموقف الشعبي الجنوبي تجاه هذا التحول".
وأوضح القيادي بالحراك أن السعودية قد تضغط على طارق صالح للاعتراف بالشرعية مقابل حصوله على ضمانات مستقبلية في الخارطة الجديدة للتسوية في اليمن في حال قبل بمنصب، وقد يمنح نائبا للرئيس بدلا عن الأحمر مقابل إعادة تحالف المؤتمر والإصلاح كما كان سابقا".
أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن الحكم الذاتي وحالة الطوارئ في المناطق التي يسيطر عليها في جنوب البلاد، وقال المجلس في بيان له "إن الحكومة اليمنية لم تفعل شيئا بعد اتفاق لتقاسم السلطة خاصة لتحسين الأوضاع المعيشية للمدنيين والعسكريين".
وشهدت عدن العام الماضي قتالا عنيفا بين قوات تابعة للمجلس الانتقالي وأخرى تابعة للحكومة الشرعية راح ضحيتها العشرات قبل أن يوقعوا لاحقا على اتفاق سلام في نوفمبر/تشرين الثاني برعاية سعودية.
وقالت وزارة الخارجية اليمنية في بيان نشرته على حسابها على تويتر بعد إعلان الإدارة الذاتية من الانتقالي إنّ "إعلان ما يسمى بالمجلس الانتقالي عن نيته إنشاء إدارة جنوبية هو استئناف لتمرده المسلح... وإعلان رفضه وانسحابه الكامل من اتفاق الرياض".
وأضافت: "المجلس الانتقالي المزعوم سيتحمل وحده العواقب الخطيرة والكارثية لمثل هذا الإعلان."
وتأسس المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن في 11 مايو/أيار 2017 من قبل سياسيين ومسؤولين قبليين وعسكريين في عدن، ثاني كبرى مدن البلاد.
وأعلن وقتها عيدروس الزبيدي، محافظ عدن السابق، في كلمة بثها التلفزيون المحلي وإلى جانبه العلم السابق لجمهورية اليمن الجنوبي، عن قرار يقضي بقيام مجلس انتقالي جنوبي برئاسته أطلق عليه اسم "هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي".
وقال الزبيدي إن الهيئة، التي تضم 26 عضوا، بينهم محافظو خمس مدن جنوبية واثنين من الوزراء في الحكومة اليمنية، ستتولى إدارة و تمثيل المحافظات الجنوبية داخليا وخارجيا، وأعلنت حكومة هادي عن معارضتها لتشكيل هذا المجلس.
ويشهد اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة، إذ تقول إن ما يقرب من 80% من إجمالي السكان -أي 24.1 مليون إنسان- بحاجة إلى نوع من أنواع المساعدات الإنسانية.
وكان التحالف أعلن عن وقف لإطلاق النار في الجبهات مع الحوثيين في التاسع من 9 أبريل/نيسان، دعما لجهود الأمم المتحدة لإنهاء الحرب المستمرة منذ خمس سنوات ولتهيئة الأجواء لمواجهة تفشي فيروس كورونا، وقام بتمديده لمدة 30 يوما أخرى.
وتقود السعودية، منذ 26 مارس/ آذار 2015، تحالفا عسكريا من دول عربية وإسلامية، دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في شمال وغرب اليمن، التي سيطرت عليها جماعة أنصار الله "الحوثيين" أواخر عام 2014.