يرى مراقبون أن الزيارة تحمل الكثير من الرسائل المصرية لإثيوبيا، حيث كانت إريتريا جزءا من إثيوبيا في ظل حرب أهلية استمرت ما يقرب من عقدين من الزمان ووصفت بأنها أطول حروب القارة، لذا فالزيارة قد تكون للوساطة بدافع من الاتحاد الأفريقي أو رسالة مصرية لأديس أبابا، علاوة على أنها قد تكون رسائل أيضا لبعض الدول التي تمتلك قواعد عسكرية في كل من الصومال وجيبوتي.
دور الوساطة
وأضاف الخبير الاستراتيجي لـ "سبوتنيك": "لا تستبعد دور إريتري في تأمين البحر الأحمر ولا تكون مهددة لأمن الملاحة فيه، نظرا لعلاقتها الجيدة مع مصر، خصوصا أن هناك بعض القواعد الأجنبية في إريتريا، وجذب إريتريا إلى مصر هى خطوة جيدة في تطوير العلاقات في القرن الإفريقي".
الاستفزاز الإثيوبي
وحول علاقة زيارة الرئيس الإريتري بسد النهضة وما أثير حول قواعد عسكرية مصرية في جنوب السودان قال مظلوم، تناولت بعض وسائل الإعلام موضوع القواعد العسكرية في جنوب السودان، وهذا الأمر يتم تداوله نظرا لما تمثله المياه ونهر النيل لحياة المصريين، المياه هنا مسألة حياة أو موت، والشعب المصري أصبح لا يطيق أفعل إثيوبيا نظرا لأنها دولة غير صريحة ومستفزة، وأي عمل تقوم به مصر في الوقت الراهن سوف يتقبله المجتمع الدولي الذي يعلم جيدا أن مصر قد فعلت كل ما بوسعها لحل أزمة سد النهضة والأمر يتعلق بالأمن القومي، ومصر قامت ومازالت تقوم بطرق كل الأبواب التي يمكن أن يكون لها دور في حل الأزمة، مصر تريد حل المشكلة حتى لا تصل الأمور إلى مرحلة تستخدم فيها أشياء أخرى غير مقبولة من المجتمع الدولي.
وعن علاقة الوضع الداخلي في إثيوبيا بقرارات الحكومة بشأن سد النهضة قال الخبير الاستراتيجي، نعم الحراك الداخلي في أي دولة له تأثير على صنع القرار، لكن مفاوضات سد النهضة منذ 10 سنوات تغيرت خلالها حكومات وشخوص كثيرة، مشيرا إلى أن التعنت الإثيوبي هو سياسي وليس اقتصادي أو فني، مشيرا إلى أن لدى إثيوبيا أكثر من 800 مليار متر مكعب من الأمطار وتريد التحكم في حصة مياه مصر البالغة 55 مليار متر مكعب، هذا غير منطقي.
من جانبه قال السفير عزت سعد المدير التنفيذي للمجلس المصري للعلاقات الخارجية، إن زيارة الرئيس الإريتري إلى مصر تأتي في وقت حساس جدا، حيث تمر العلاقات المصرية الإثيوبية بحالة من التوتر بسبب تمسك إثيوبيا بفرض وجهة نظرها.
وأضاف سعد لـ "سبوتنيك"، أن الزيارة قد تحمل العديد من الرسائل للعالم ومنها تأكيد الخط الدبلوماسي في السياسة الخارجية المصرية والمتعلق بتعلية العلاقات مع دول القرن الإفريقي بصفة خاصة، مع ترسيخ العلاقات بمختلف أشكالها بما يوفر لصانع القرار المصري حرية حركة لتنشيط السياسة السياسة الخارجية في هذا الجزء من العالم.
وتعد زيارة الرئيس الإريتري أسياس أفورقي الحالية إلى القاهرة حلقة جديدة في سلسلة العلاقات بين البلدين، وتكتسب الزيارة الخامسة والتي يقوم بها الرئيس الإريتري هامة في تلك الظروف نظرا لأنها تأتي في وقت تشهد فيه القارة الأفريقية العديد من الملفات المشتعلة مثل قضايا حوض النيل وأمن البحر الأحمر، حيث أن لها ساحل بطول 180 كلم على ساحل البحر الأحمر وهو ما يجعلها شريك لمصر في تأمين الملاحة بالبحر الأحمر.
ويعد أسياس أفورقي الرئيس الأول والحالي لإريتريا منذ انفصالها عن إثيوبيا يوم 24 مايو 1993 وكان أمينا عاما للمؤتمر التنظيمي الثاني للجبهة الشعبية لتحرير إريتريا وأشهر قادة الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة قبل الاستقلال، والتي أصبحت الحزب الحاكم الآن.
ترتبط مصر بعلاقات تاريخية مع إريتريا، وكان لمصر الدور الأكبر في دعم وتأييد الثورة الإريترية حتى إنجاز مشروع الاستقلال الوطني الإريتري، فقد كانت مصر مأوى للاجئين من الزعماء الوطنيين من إريتريا، وقبلة للطلاب الارتريين، حيث شهدت القاهرة تأسيس أول اتحاد طلاب اريتري عام 1952. كما كانت القاهرة مقرا لتأسيس جبهة التحرير الإريترية في يوليو 1960. وبعد انطلاق الثورة كانت مصر من أوائل البلدان التي ساندتها وقدمت لها مختلف أنواع الدعم السياسي والمادي والتعليمي للشعب الإريتري حتى الاستقلال عام 1991.
ومن الملفات المتوقع مناقشتها خلال مباحثات الرئيسين السيسي وأفورقي ملفات العلاقات الثنائية بين البلدين، وتفعيل التعاون المشترك في المجالات المختلفة، ومنها الزراعة واستغلال الثروات الحيوانية والسمكية والبنية التحتية والتجارة والثقافة والتعليم والصحة، وتأكيد مواصلة برامج الدعم الفني المقدمة لارتيريا خلال الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية والتي تأسست عام 2014 ، وسبل تعزيز العلاقات المصرية الاريترية في مختلف المجالات التنموية والأمنية، حيث تم من قبل الاتفاق على تبادل زيارات الوفود بهدف تفعيل أطر التعاون القائمة وتنفيذ المشروعات المشتركة.
يتولى الاتحاد الأفريقي عملية وساطة بين القاهرة وأديس أبابا والخرطوم فيما يتعلق بسد النهضة؛ بهدف تقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث والخروج بحلول تنهي دعوة مصر لمجلس الأمن، وإحياء عملية التنمية المتكاملة للدول الثلاثة.