وأعلن قائد القوات الجوية الألمانية، غيرمان غيرينغ، متبجحا في يوليو/ تموز 1941: "لن تسقط أية قنبلة على عاصمة الرايخ". غير أن عاصمة ألمانيا النازية تعرضت إلى القصف الجوي في وقت قريب. وكان الطيران العسكري الروسي هو الذي دحض مزاعم أحد قادة ألمانيا النازية.
وكر العدوان
بدأت القيادة السوفيتية تفكر في الرد على غارات العدوان الجوية في يوليو 1941. واقترح قائد القوات البحرية الروسية الأميرال كوزنيتسوف أن تُغيِر الطائرات الروسية على عاصمة الرايخ منطلقة من مطار كاغول الواقع في جزيرة ساريما في بحر البلطيق. وقبل القائد الأعلى للقوات المسلحة السوفيتية يوسف ستالين اقتراح الأميرال كوزنيتسوف، وأصدر أمره بشن غارة جوية على برلين.
وانطلقت 15 طائرة من طراز "دي بي-3إف" من مطار كاغول في 7 أغسطس/ آب 1941، متوجهة إلى ألمانيا. وكان عليها أن تقطع مسافة 1000 كم لتصل إلى الهدف المزمع ضربه.
وتم اكتشافها في سماء ألمانيا. ولكن قوات الدفاع الجوي الألمانية لم تطلق النارعليها لاعتقادها بأنه لا يمكن لغير الطائرات الألمانية أن تدخل أجواء ألمانيا. ومع ذلك اضطرت 10 من الطائرات الروسية الـ15 إلى التراجع بسبب نفاد وقودها. وبدأت رحلة العودة بعد أن ألقت قنابلها على منشآت ميناء شتيتين الألماني بينما واصلت الطائرات الخمس رحلتها إلى برلين.
ووصلت قاذفات القنابل الروسية إلى برلين في الليل لتلقي قنابلها على منشآت صناعية عسكرية من علو 7000 متر. وأثار انفجار القنابل التي تزن الواحدة منها 250 كغ، ذعر سكان المدينة. وبعث عامل اللاسلكي فاسيلي كروتينكو برقية إلى موسكو أعلن فيها عن تنفيذ المهمة وبدء رحلة العودة.
وفتحت قوات الدفاع الجوية الألمانية النار، لكنها أطلقت النار على لا شيء لعدم قدرتها على كشف الطائرات المهاجمة، إذ بحثت كشافاتها عن طائرات معادية على ارتفاع 4500 إلى 5000 متر. وذلك لأن الألمان لم يروا إمكانية أن تهاجم الطائرات المعادية مدينتهم من ارتفاع 7000 متر.
واستغلت الطائرات الروسية خطأ الألمان هذا لتبدأ رحلة العودة إلى قاعدتها سالمة. وتضررت إحدى الطائرات أثناء رحلة العودة عندما أطلقت قوات الدفاع الجوي الصديقة النار عليها. وكانت الأضرار طفيفة ولم تمنع هبوط الطائرة ولكنها هبطت على بطنها.
رغم محدودية الإمكانيات
أعلنت المحطات الإذاعية الألمانية في الصباح أن 150 طائرة إنجليزية هاجمت برلين، فيما أعلنت الصحف الألمانية عن إسقاط 6 طائرات إنجليزية.
وفند الانجليز هذه المزاعم حين أبلغت مصادرهم الرسمية العالم أن الطائرات الإنجليزية لم تغادر مطاراتها في ليل 7 – 8 أغسطس بسبب الظروف الجوية الرديئة. وبعد ذلك اضطر الإعلام الألماني إلى الإقرار بأن الروس قصفوا برلين.
واشتاط الزعيم الألماني النازي هتلر غيظا، وفقا لمجلة "أرشيف القرن الـ20"، إذ لم يمكنه أن يدرك كيف وصلت الطائرات الروسية إلى سماء برلين على الرغم من إمكانيات الطيران المحدودة في ذلك الوقت.
واستمرت هجمات الطائرات الروسية المنطلقة من مطار كاغول على برلين حتى 4 سبتمبر/ أيلول 1941. وقامت الطائرات الروسية بـ86 غارة على عاصمة الدولة المعتدية من دون أن تتكبد خسائر تذكر لأن وسائط الدفاع الجوي الألمانية فشلت في اعتراض الطائرات على ارتفاع 7000 متر.