ومع انتشار الوباء أفقيا وعموديا تخشى الأوساط الطبية السورية من تزايد عدد حالات الوفيات بهذا المرض إضافة إلى مخاوف من إصابة المحيط الاجتماعي للمتوفين بهذا الداء الخطير الأمر الذي يفتح سجالاً مقلقاً حول مدى جدوى طرق الدفن الحالية في ضمان عدم انتقال العدوى بالفيروس كون الطب لم يحسم بعد سلوك الفيروس بعد دفن جثث الوفيات بمرض (كوفيد-19).
خطر بعد الوفاة
في هذا السياق اعتبر طبيب سوري أن أفضل طريقة للتعامل مع الجثث المصابة بـ(كوفيد- 19)هي الحرق مما أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الطبية والصحية والمجتمعية التي رأت أن لا ضرورة للحرق لأن الأمر مرفوض دينياً ومجتمعياً والعادات والتقاليد لا تسمح بذلك فضلاً عن أن الإجراءات المتخذة تفي بالغرض).
الدكتور حسين نوفل الأستاذ في كلية الطب بجامعة دمشق قال في تصريح خاص لـ "سبوتنيك": إن "أفضل طريقة للتعامل مع الجثث المصابة بـ(كوفيد- 19) هي حرق الجثث للقضاء على الفيروس لأننا لانعرف سلوك الفيروس في الجثث ولانعرف الآلية المرضية خصوصاً أن الموت السريري لا يعني الموت الخلوي وطالما يوجد خلايا لم تمت بعد فاحتمال تكاثر الفيروس يبقى قائماً في الجثث، ولكن عاداتنا وتقاليدنا في مجتمعنا لا تسمح بذلك، مما يجعلنا نلجأ إلى الخيار الثاني وهو دفن الجثث المصابة بـ(كوفيد- 19) دون تغسيل بحيث تكفن الجثة بطبقتين طبقة مبللة بالكلور وهي الملاصقة للجثة تغلف بطبقة بلاستيكية خاصة، ثم تدفن من قبل فريق حكومي مدرب بعمق أكثر من 1.5 متر وفي أماكن منفصلة عن المدافن العادية حتى إذا حصل أي تفشي نستطيع حصره".
وأردف قائلاً: "يجب أن تكون إجراءات الوقاية للفريق الذي يقوم بالدفن مشابهة لإجراءت الوقاية في أقسام العناية المركزة بالمشافي التي يعزل فيها المرضى المصابين بـ(كوفيد- 19)، ويجب أن يرافقهم أقل عدد من ذوي المتوفى ووفق إجراءات وقائية عالية مشابهة لإجراءات الفريق الحكومي المكلف بالدفن حتى لايكونوا بؤرة عدوى وتفشي، وكذلك يجب تعقيم كل الممرات ووسائل النقل التي مر بها الجثمان المصاب بكوفيد- 19 من مكان الوفاة وحتى مكان الدفن، وعدم السماح لأي شخص بالمرور بهذه الممرات حتى يتم إعادة تعقيمها".
وتابع "رغم ذلك لا نعرف كيف سيكون سلوك الفيروس في الجثث بعد دفنها، هل يُقضى عليه؟ هل يدخل في حالة سبات حتى تحصل له فرصة ليعيد نشاطه؟ أم يبقى نشيطاً؟ لانعرف إجابة علمية عن هذه الأسئلة، وأنا أُقارب المشكلة من وجهة نظر طبية شرعية علمية ومهنية وأخلاقية غايتها الحفاظ على صحة وسلامة الأحياء بتغليب المنفعة لهم وتجنب أشد الأضرار مع احترام استقلالية وكرامة الأحياء والأموات وبما يتناسب مع عاداتنا وتقاليدنا".
بدوره قال المديـر العـام للهيئـة العامـة للطـب الشـرعي في جامعة دمشق الدكتور زاهر حمدو: "نحن كجهة رسمية لا نرى ضرورة لحرق جثامين المتوفين بمرض (كوفيد-19) فالدين يمنع هذا الأمر وكذلك العادات والتقاليد فضلاً عن أن الإجراءات الاحترازية المتخذة عند دفن موتى كورونا تفي بالغرض ولا حاجة لحرق جثثهم لا من قريب ولا من بعيد".
وأضاف في تصريحه لـ "سبوتنيك"، "أعدت الهيئة العامة للطب الشرعي بجامعة دمشق كتيباً من 25 صفحة يتضمن آلية وطرق دفن جثث المتوفين بهذا الوباء بعد اتخاذ كافة إجراءات الوقاية".
وحذر حمدو من معلومات غير مؤكدة رسمياً تفيد بتكتم بعض الأهالي على دفن جثامين أقربائهم المتوفين بمرض كورونا دون الإبلاغ عن ذلك خوفاً من البلبلة حسب اعتقادهم وقال:
هذا أمر مقلق للغاية لما يمثله من خطر على الأمن الصحي للمجتمع ونحن نناشد كل المواطنين ممن لديهم قريب متوفي بكورونا أن يعلموا السلطات المختصة ليتم اتخاذ ما يلزم من إجراءات.
وأردف "للأسف لدينا نظرة في المجتمع بأن الإصابة بهذا المرض أمر معيب وهذا أمر غير صحيح فاي إنسان معرض للإصابة أو للوفاة بهذا المرض علماً أن نسبة الوفيات بكورونا قليلة في سوريا قياساً لكثير من دول العالم".
الوفيات بازدياد
وأضاف "زادت وفيات كورونا ازدياد تدريجي ونسبي من تاريخ 10 تموز، علماً أن وفياتنا في هذا الوقت من كل عام هي أكبر نسبياً من باقي أيام العام بسبب موجات الحر في فصل الصيف، والدفن في مقبرة دمشق الجنوبيه (نجها) يتم من قبل مكتب دفن الموتى بمحافظة دمشق حصرياَ ونطبق توصيات وزارة الصحة مثل الوفيات الطبيعية الاخرى مع بعض إجراءات التعقيم الإضافي لعمالنا والياتنا وكادرنا".
ومضى يقول: "حسب وزارة الصحة لا توجد اي مواصفات للقبور من حيث العمق، هناك قبور مرقمة ومنظمة ومرتبة في مقبرة (نجها) بحيث تبقى لذوي المتوفى من بعد ذلك للاستفادة منها لاحقاً".
وبحسب إحصائيات وزارة الصحة السورية فإن حصيلة الإصابات المسجلة بفيروس كورونا في البلاد حتى اليوم، وصلت إلى 674 إصابة، شفي منهم 210، وتوفي 40 شخص.