مبادرة جيدة وأهداف سياسية
قال الخبير الاقتصادي السوداني محمد الناير، إن الخطوة التي أقدمت عليها المملكة العربية السعودية باحتضان مؤتمر أصدقاء السودان، هى مبادرة جيدة من قبل المملكة نحو تحقيق الاستقرار في السودان.
وتابع الناير: "مؤتمر برلين حقق أهدافا سياسية تمثلت في دعم الحكومة الانتقالية من حيث البعد السياسي، لكن الهدف الاقتصادي في مؤتمر برلين لم يتحقق بالكامل، بحكم أن المبلغ الذي تم الإعلان عنه وهو 1.8 مليار دولار، وهو مبلغ قليل جدا قياسا بمؤتمرات شبيهة تمت في دول كثيرة وحققت أموال ضخمة جدا.
وأضاف: "لذا فإن هذا المبلغ قليل جدا علما بأنه موجه لبرامج محددة، ولم يفد الموازنة العامة للدولة أو يفيد الاقتصاد بصورة مباشرة أو يقلل من عجز الميزان التجاري، بل هو موجه على سبيل المثال للدعم النقدي المباشر".
وأوضح الخبير الاقتصادي أن "هذا الدعم المباشر يوازي 500 جنيه في الشهر للفرد وهى قيمة قليلة جدا، مقابل هذا المبلغ الكبير وفي رأيي أن هذا الأمر لن يفيد المواطن في ظل غلاء الأسعار والتضخم، وبالتالي ما تم الإعلان عنه في مؤتمر برلين لم يفيد الاقتصاد حتى في عام 2020 ولم يأت منه إلا القليل".
النتائج المتوقعة
وحول النتائج المتوقعة من مؤتمر أصدقاء السودان بالسعودية قال الناير: "بالنسبة لمؤتمر السعودية فهو يوجه كل الطاقات نحو تحقيق السلام، وبالتالي تمت دعوة الأطراف التي تتحاور حول تحقيق السلام، وإذا كان المؤتمر سيناقش ما بعد تحقيق السلام، سيكون النقاش منصب على دعم عملية السلام واستمراريتها".
وأوضح: "معروف أن قنوات النقد الأجنبي إلى السودان معلومة، بمعنى أنه يمكن أن يتم الاتفاق بين المملكة العربية السعودية والدول الشقيقة والصغيرة الأخرى المشاركة في المؤتمر، على أن يتم إيجاد قرض لدعم "ميزان المدفوعات" وهذا من شأنه أن يؤدي إلى استقرار سعر صرف العملة الوطنية وهو إحدى الخيارات".
واستطرد: "والخيار الثاني هو إيداع وديعة في الجهاز المركزي لفترة زمنية معلومة تسترد بعدها وهذا الخيار أيضا يؤدي إلى استقرار سعر صرف العملة الوطنية، أو الاستثمار الأجنبي المباشر، إذا ما تم إقرار مشروعات تنموية أو تم توجيه القطاع الخاص في المملكة أو في الدول المشاركة للاستثمار المباشر، وهذه كلها عوامل تؤدي إلى تقدم أو استقرار الاقتصادي السوداني".
الاقتصاد السوداني
ولفت إلى أنه "يفترض أن تدخل الحكومة السودانية في الفترة الانتقالية هذا المؤتمر وهي مستعدة، ولديها رؤى وخطط للمشروعات الاستثمارية التي تريدها، وتكون مشروعات مدروسة وتعرض للمانحين ما الذي يمكن أن تحققه هذه المشروعات إذا وجدت التمويل اللازم من قبل الشركاء".
واختتم الناير: "الاقتصاد السوداني في المدى القصير يحتاج إلى 5 مليار دولار لتصحيح مساره وتحقيق استقرار سعر الصرف، ولخلق انخفاض في معدل التضخم في المدى القصير إلى حين تحقيق تقدم في قضية الإنتاج والإنتاجية".
ترتيبات إقليمية
من جانبه قال المحلل السياسي السوداني خضر عطا المنان: "السعودية تبحث عن دور تحيي به وضعها الإقليمي والدولي الذي تضرر كثيرا بسبب دخولها في حرب اليمن، وضعف أداء شركة أرامكو، التي تعد من أكبر منتجي النفط في العالم، هذا بالإضافة إلى حرب المصالح غير المعلنة في السودان".
وأضاف المنان لـ"سبوتنيك" إن "دول الخليج بعد أن فشلت في ترتيب العلاقات فيما بينها أو إصلاحها اتجهت خارج الإطار الإقليمي واتخذت من السودان منطقة صراع خاصة، فعلى الصعيد الاقتصادي هناك الأن صراع مرير جدا في الموانئ والمناطق الاستراتيجية في السودان، والدور الذي تسعى السعودية له في هذا المؤتمر إحياء دورها من جديد، وأن يكون لها نصيب الأسد في الصراع الاقتصادي الدائر في السودان الأن".
برلين والرياض
وتابع المحلل السياسي: "أعتقد أن تداعيات هذا المؤتمر لن تكون بالصورة المرضية في نهاية المطاف، بجانب أنه بعد الثورة هناك حكومة الثورة أو السلطة الانتقالية والتي مازالت ضعيفة أمام الصراع الدائم بمكوناته من المجلس العسكري من جهة أو الشق المدني أو الحاضن السياسي للثورة، أيضا هناك انشقاقات أضعفت موقفها، فدخلت في غضون هذا الصراع الإقليمي الدائر في السودان، خاصة على الصعيد الاقتصادي".
ويعقد، غدا الأربعاء، في السعودية، مؤتمر "أصدقاء السودان" وذلك للمرة التاسعة، منذ أواخر عام 2019.
ويفتتح المؤتمر وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود، لمناقشة عملية السلام في السودان بمشاركة حركات الكفاح المسلح، حسب صحيفة "الانتباهة" السودانية.
وتجري مناقشة مخرجات مؤتمر شركاء السودان الذي انعقد في برلين، وذلك بمخاطبة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، وممثلين من حركات الكفاح المسلح.
وكانت وزيرة المالية السودانية هبة محمد علي، قد أجرت لقاء الأسبوع الماضي مع السفير السعودي في الخرطوم للترتيب للمؤتمر.
وكان الاجتماع الدولي الذي عقد في برلين قد خلص إلى تقديم تعهدات بمبلغ 1.8 مليار دولار لدعم مشروعات تنموية في السودان وتقديم دعم مباشر للمواطنين.