واقع العلاقات السعودية الباكستانية.. وموقف المملكة من كشمير

 برزت العديد من الأخبار التي تتحدث عن توتر العلاقات بين المملكة العربية السعودية وباكستان مؤخرا، في الوقت الذي تلعب فيه الأخيرة دور الوساطة بين المملكة وإيران.
Sputnik

وجاء تصريح رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، ليؤكد أن السعودية دائما ما وقفت إلى جانب بلاده، وبأنها ساعدتها في أصعب الأزمات الاقتصادية، وفي أحلك الأيام التي واجهت باكستان، ووصف السعودية بالأصدقاء.

رئيس وزراء باكستان: منعنا صداما عسكريا بين إيران والسعودية
حقيقة العلاقات السعودية الباكستانية

وحول واقع العلاقات بين البلدين يؤكد المحلل السياسي سعد بن عمر، في حديثه لوكالة "سبوتنيك"، بأن العلاقات السعودية الباكستانية من أهم العلاقات على مستوى المنطقة منذ فترة طويلة، وبأن المملكة تقف إلى جانب باكستان في كل الأزمات، سواء كانت اقتصادية أو كوارث طبيعية، أو حتى الأزمات السياسية.

ويتابع ابن عمر: "العلاقة بين البلدين قوية ولا تتعلق بأشخاص وذهاب وقدوم رؤساء، وهي علاقات استراتيجية من طراز خاص على طول السنين منذ حصول باكستان على استقلالها وحتى الآن، وهي معتمدة على العامل الديني والاستراتيجي والتعامل بين الدولتين".

ويستطرد: "هناك تعامل راق على المستوى الاقتصادي من خلال السماح للعمال الباكستانيين للعمل في المملكة، أو من خلال تدريب السعوديين في البحرية والجوية الباكستانية، وكذلك تكاد السعودية الدولة ذات العلاقة الأميز بالنسبة لباكستان من بين جميع الدول، وكذلك المملكة تعتبر باكستان من مصاف الدول الصديقة الصادقة".

بدوره يرى الأمر ذاته، عضو مجلس الشورى السابق، محمد آل زلفى، في لقاء مع "سبوتنيك"، ويقول: "من المعروف تاريخيا ومنذ قيام باكستان عام 1947 بأنها من أكثر البلدان قربا للمملكة، حكومة وشعبا، ولا زالت هذه العلاقات تزداد متانة مع تقدم الزمن، مهما حاول بعض المغرضين أن يقولوا أن هناك توترا في العلاقات بين الدولتين، فآخر دولة تتوتر علاقتها مع السعودية هي باكستان".

ويضيف آل زلفى بأن الشعب الباكستاني قوي بإيمانه، وجزء من إيمانه مرتبط بالبلاد وما فيها من مقدسات إسلامية، ولا يؤثر عليها شيء، وما يؤكده رئيس الوزراء الباكستاني هو ما أكده جميع الرؤساء المتعاقبون على حكم باكستان. 

باكستان تدعو مواطنيها إلى شراء الأضاحي عبر الإنترنت

أطراف تسعى لتوتير العلاقات

ويشدد المحلل السعودي ابن عمر، على أن هناك أطرافا تسعى إلى تعكير الأجواء والعلاقات بين البلدين، ويوضح: "لا شك أن كثير من الدول تحاول دق إسفين في العلاقات السعودية الباكستانية، وفي نفس الوقت هناك بعض الخطوات اتخذتها باكستان معتقدة أنها لا تضر المملكة، ولكنها سرعان ما عادت عنها، مثل المؤتمر الذي عقد في ماليزيا أو أمور أخرى".

وأضاف أنه عندما تعلم باكستان بأن هذه الأمور لا تناسب المملكة في علاقاتها أو في نظرتها للأمور، سرعان ما تتراجع باكستان وتعمل في صف المملكة إلى الناحية التي فيها خير لصالح البلدين، سواء على صعيد العلاقات الأفغانية أو أشياء أخرى كثيرة.

فيما سمى محمد آل زلفى، إيران، بأنها أول من يسعى لتوتير العلاقات الثنائية، ويقول: "فهي دولة خلقت لنفسها عداوة، لن يعفو التاريخ عن نظام الملالي لما خلقه من عداوات مع جيرانه، والمملكة لا تريد عداوة مع أحد، ولكن إيران ومنذ قيام نظام الملالي ونصب عينهم السعودية والتأليب عليها".

ويكمل الخبير السعودي، بأن "هناك طائفة شيعية كريمة في باكستان وتحاول إيران توظيفها لمصلحتها وعداوة المملكة، وجرت أفراد من هذه الطائفة ليحاربوا في سوريا وأكثر من مكان وإلحاق الأذى بالمملكة، ولكن الأغلبية الساحقة من الشعب الباكستاني يدركون بأن لا إيران ولا غيرها يمكن أن تؤثر على علاقات السعودية ببلدهم"

قطع النفط والخروج من منظمة التعاون الإسلامي

وكذب سعد بن عمر جميع الأخبار التي تناقلتها وسائل الإعلام عن أن المملكة قد قطعت إمدادات النفط عن باكستان، ويقول: "أبدا لا صحة لهذه الأخبار لأنها تتعارض مع العلاقات الاستراتيجية القديمة والمتواصلة بين السعودية وباكستان، وكل هذه الأمور لا أعتقد بأنها ذات مصداقية، ومسألة خروج باكستان من منظمة التعاون الإسلامي فهو شيء يضر بها هي نفسها ولا يضر بالمملكة".

التقى مع مسؤول أمريكي... إصابة وزير خارجية باكستان بفيروس كورونا

فيما توسع محمد آل زلفى في حديثه عن خطوة باكستان فيما يتعلق بمنظمة التعاون الإسلامي: "باكستان كادت أن تجر إلى ما يسمى مؤتمر كوالالمبور الذي دعت إليه تركيا وإيران وبعض المتطرفين من الإخوان المسلمين، في محاولة شق الصف الإسلامي وخلق منظمة إسلامية غير التعاون الإسلامي، التي أسست في المملكة منذ سنوات بعيدة، ولكن تلك المحاولات فشلت جميعها".

ويكمل: "أول من أفشلها هو عمران خان حينما رفض المشاركة في ذلك المؤتمر، الذي كان الهدف منه خلق مشاكل للسعودية، فالمملكة تعمل من أجل السعودية جميعا، شيعة وسنة وكل الطوائف، ولا تفرق بين أحد، ولكن أعداء المملكة أرادوا أن يخلقوا منظمة مختلفة لإضعاف المنظمات القائمة حاليا. وباكستان أفشلتها حينما أدركت بأن هناك مؤامرة وعمل دنئ وخسيس، وأيضا أندونيسيا أكبر دولة إسلامية تخلت عن المشاركة في ذلك المؤتمر، وهذه الدول خذلت تركيا وإيران، وخذلت من يريد شق وحدة المسلمين ضمن منظمة التعاون الإسلامي، وخلق كيان ضعيف آخر".

ويكمل حديثه عن موضوع النفط بقوله، إن "المملكة لم تقطع النفط ولا أعتقد أنها ستقطع الدعم عن باكستان، لأنها الدولة الحليفة القوية، ومن الأكيد أن هناك توترا باكستانيا هنديا ومشاكل مع الصين، وربما هناك فئات متطرفة في باكستان لها علاقات مع إيران، يريدون خلق مشاكل في داخل باكستان تؤثر على العلاقات السعودية الباكستانية".

قضية كشمير

وحول موقف المملكة من قضية كشمير، التي تشكل توترا كبيرا بين الهند وباكستان، يقول سعد بن عمر: "نلاحظ أن الدول أحيانا تقع في مشكلة العلاقات مع الدول الأخرى، وقضية كشمير تمس الهند، والمملكة تراعي علاقاتها مع الهند، فهنا يأتي الإشكال أحيانا، لكن قضية كشمير من أولويات القضايا التي تأخذ اهتمامات المملكة، سواء في المؤتمرات الإسلامية أو في العلاقات الثنائية".

تطورات جديدة بشأن الطائرة المنكوبة في باكستان

فيما يتحدث محمد آل زلفى عن هذه النقطة، موضحا، أن المملكة تعتبر كشمير قضية مبدئية وتؤمن بحق الشعب الكشميري بتقرير مصيره، ووقفت مع هذا الشعب في كافة المنظمات الدولية من هيئة الأمم وغيرها، ولكن أيضا المملكة تحاول ما يمكن عمله لتقريب وجهات النظر بين الهند وباكستان.

ويستطرد أنه "فعلا كان هناك دور كبير للمملكة حينما كادت أن تندلع حرب جديدة بين باكستان والهند، ولعبت دور الوسيط والكل يعرف ذلك، وهي ستعمل بكل ما أوتيت من قوة لأجل ضمان حق الشعب الكشميري في تقرير مصيره وحماية حقوقه".

ويختم آل زلفى حديثه، بأن "المملكة تسعى إلى الموازنة بين باكستان والهند، فنحن نعرف أن الهند فيها أكبر جالية إسلامية، وهي من الدول الكبرى، والمملكة تسعى للتصالح بين الهند وباكستان، ولأن تكون علاقاتها جيدة مع الطرفين".

مناقشة