أهميته للعراق
قال الخبير الاقتصادي العراقي الدكتور عبد الرحمن المشهداني إن "الجدوى الاقتصادية لخط أنابيب النفط الاستراتيجي الذي يمتد من البصرة العراقية مرورا بالأردن والذي تم تطويره مؤخرا ليصل إلى الموانئ المصرية، هو البحث عن منافذ جديدة لتصريف النفط العراقي، لأن وزارة النفط وقعت في العام 2010 عقود تراخيص للتنقيب مع عدد من شركات النفط العالمية لتطوير الحقول، في ذلك الوقت لم تدرس الحكومة أحوال أسواق النفط والأوضاع الاقتصادية العالمية".
وأضاف لـ"سبوتنيك"، "كان التوقيع مع تلك الشركات على أساس استلام ما تنتجه تلك الشركات عند فوهة البئر، فالشركات المطورة للحقول النفطية مهمتها الأساسية هى الإنتاج وأن تسلم هذا الإنتاج عند فوهة البئر وليس عند منافذ التصدير، وكان هذا التعاقد متفائل جدا لأن الحقول كانت تنتج 12 مليون برميل يوميا، لكن بعد مرور أربع أو خمس سنوات بدأ العراق يتكبد خسائر نتيجة التطوير الجزئي وليس الكلي من جانب الشركات، وعندما وصل الإنتاج إلى 3 ونصف مليون برميل بدأ العراق يدفع تكاليف الإنتاج المتوقف، وكلما كان هناك انخفاض في الإنتاج كان العراق يدفع للشركات".
خسائر نفطية
وتابع المشهداني، "أعتقد أنه في العام 2015 توقفت معظم الموانئ في جنوب العراق، لأن أكثر من 95% من النفط المنتج يصدر عن طريق البصرة، فتوقفت موانئ البصرة عن استقبال الناقلات النفطية لمدة 15 يوم أو أقل نتيجة لسوء الأحوال الجوية، وقتها دفع العراق تعويضات للشركات النفطية نتيجة التوقف ما يزيد عن نصف مليار دولار، وعندما اضطر العراق لتخفيض سقف الإنتاج المطلوب من الشركات النفطية، قام بمد عقود امتياز الشركات من 25 إلى 30 سنة ومن 20 إلى 25 سنة".
7 مليون برميل
وأوضح الخبير العراقي، "الآن المطلوب منه أن ينتج 7 مليون برميل يوميا، تلك الكمية كان من المفترض أن ينتجها في عام 2020، لكن وزير النفط العراقي صرح منذ أيام أن الـ7 مليون برميل مطلوب إنتاجها في العام 2025، حيث يبلغ سقف الإنتاج الحالي 5 مليون برميل، وعندما طلبت مجموعة أوبك بلس من العراق تخفيض مليون برميل، قامت الحكومة بتخفيضه من الكميات التي تنتج بالجهد الوطني".
وأكد المشهداني أن "الطاقة التصديرية العراقية محدودة، حيث أن الطاقة القصوى لموانىء البصرة حوالي 4 ونصف مليون برميل، كما أن لدينا تصدير عبر ميناء جيهان التركي وكانت طاقة الخط اليومية حوالي مليون و600 ألف برميل، ولكن بسبب تقادم الخط والذي تم افتتاحه في العام 1976 وتعرضه للعديد من العمليات الإرهابية جعل طاقته الإنتاجية تنخفض إلى ما يقارب نصف مليون برميل".
إلغاء المشاريع السابقة
وأشار إلى أن "خطة وزارة النفط في العام 2010 قبل أن تتصاعد أعمال العنف والإرهاب في سوريا، كان يفترض إعادة افتتاح خط أنابيب ميناء طرطوس والذي يستوعب ما يقارب واحد ونصف مليون برميل وكذلك خط الأنابيب إلى ميناء صور في لبنان والذي يستوعب أيضا ما يقارب مليون ونصف المليون برميل، كما كان لديهم نظرة متفائلة في إعادة افتتاح الخط العراقي السعودي والواصل إلى ميناء ينبع لتصدير مليون ونصف برميل".
ولفت الخبير العراقي إلى أن "كل المشاريع السابقة ألغيت بشكل نهائي من التفكير، لأن خط ينبع صادرته المملكة ودخل لصالح شركة أرامكو منذ سنوات، والوضع في سوريا قد لا يستقر قبل عشر سنوات قادمة، كما أن الأوضاع في تركيا ووجود الإقليم كحلقة سببت مشكلة، خاصة بعد أن ربطت حكومة إقليم كردستان أنبوبها على الخط الاستراتيجي العراقي-التركي الذاهب في اتجاه ميناء جيهان، لذا بدأ البحث عن منافذ جديدة للتصدير، والعقبة الأردنية يمكن تصدير مليون برميل عن طريقها وكذلك الحال بالنسبة لمصر، واعتقد أن الاقتصاد وليس السياسة هو الحاكم في مثل هذه الحالات".
العوائد الاقتصادية
من جانبه قال الخبير البترولي المصري رمضان أبو العلا، إن "هناك جدوى اقتصادية وسياسية لخط الأنابيب النفطي الذي يخرج من البصرة العراقية إلى العقبة الاردنية ثم إلى مصر، حيث يساعد على تصدير النفط العراقي بعيدا عن التوترات الموجودة في الخليج والتي تهددها إيران من وقت إلى آخر، كما أن هناك تهديدات للتصدير عبر سوريا نتيجة الأوضاع الراهنة".
وأضاف لـ"سبوتنيك"، أن "وصول النفط العراقي إلى الموانئ المصرية سوف يمكنها من عمل قيمة مضافة عن طريق تكرير النفط الخام وتصديره كمشتقات بترولية وأيضا توفير احتياجاتها بالإضافة إلى رسم المرور الذي ستحصل عليه، وهذا يعود بالفائدة على مصر وعلى العراق، كما أن هذا الخط يتيح للأردن تأمين احتياجاته من النفط بأي كميات، كما أن الفائدة الكبرى للعراق هو تأمين صادراته النفطية، الأمر الذي يعني عدم توقف واردات النقد الأجنبي".
توطيد العلاقات
وحول الجوانب السياسية لمد أنبوب النفط العراقي إلى مصر قال أبو العلا، "علاوة على الفوائد أو المكاسب الاقتصادية لخط النفط العراقي، هناك جوانب سياسية مثل توطيد العلاقات وإعطاء زخم للتعاون العربي على حساب إيران والتي تسيطر على الجانب السياسي في العراق، حيث بدأ العراق يأخذ منحى آخر بتعاون أكبر مع محيطه العربي مثل المملكة العربية السعودية، وسياسيا هذا التعاون له مردود إيجابي بأن لا نترك العراق في الحضن الإيراني طوال الوقت والذي يعد أمر في غاية الخطورة، وحتى لا يترك العراق كما تركت سوريا".
وأشار الخبير النفطي إلى أن "بدأ العمل في هذا الخط لن يستغرق وقتا طويلا، لأن ما سيتم هو استكمالات فقط، لأن الخط ممتد داخل العراق، وهناك خط موجود بالفعل بين الأردن ومصر، فكل ما سيتم هو عمليات توصيل فنية غير باهظة التكاليف ولن تستغرق وقتا طويلا، وفي كل الأحوال المصالح الاقتصادية هى التي توجه سياسات الدول".
مجلس الوزراء المصري
عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء الجمعة الماضية 4 سبتمبر/أيلول، اجتماعاً لبحث عدد من مشروعات التعاون بين مصر والأردن والعراق، وذلك فى إطار متابعة نتائج القمة الثلاثية التى استضافتها العاصمة الأردنية عمان، وشارك فيها الرئيس عبد الفتاح السيسى.
وحضر الاجتماع الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، والمهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، والدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، والدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، والسيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، ونيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة.
وقال المستشار نادر سعد، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، إنه تم خلال الاجتماع استعراض المشروعات المقترحة، لكي يتم المضى قدماً فى تنفيذها فى أسرع وقت ممكن، بهدف تعزيز التعاون المُشترك بين مصر والأردن والعراق، في القطاعات المختلفة التي تخدم أهداف التنمية في البلدان الثلاثة.
من جانبه، أشار وزير البترول إلى مقترح إنشاء خط أنابيب لنقل النفط الخام من العراق إلى الأردن ومصر، بما يعزز التعاون في مجال القدرات البترولية بين البلدان الثلاثة، وتوفير احتياجات المشروعات المختلفة.
وفى ختام الاجتماع، كلف رئيس الوزراء بأن يتم تكثيف الاتصالات بين الوزراء ونظرائهم في البلدان الثلاثة، والاتفاق على عدد من المشروعات للعمل على عرضها على القيادة السياسية في مصر والأردن والعراق، لافتأً إلى أن هناك فرصة تاريخية تتجسد في دعم القيادة السياسية في هذه الدول لمساعي تحقيق التكامل بين الدول الثلاث، من أجل الدفع قدماً في مجالات التعاون المشترك وتبادل الإمكانات والقدرات.