وقال الحريري في بيان، اليوم الثلاثاء، إنه "بعد الكارثة التي حلت بعاصمتنا بيروت وكل لبنان، نتيجة انفجار المرفأ، وفي خضم الانهيار، الذي كان يعيشه بلدنا، وقع اللبنانيون بحالة يأس وضياع مع شعورهم بغياب الحكومة وفشل مؤسسات الدولة ووضع لبنان في عزلة شبه تامة من قبل المجتمعين العربي والدولي".
وأضاف "فتح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ثغرة في الجدار المسدود، فقام بزيارتين متتاليتين إلى لبنان، ووضع أمام القوى السياسية كافة مبادرة وحيدة وأخيرة لمد يد العون لوقف الانهيار وإعادة إعمار بيروت، محملا الجميع مسؤولية المشاركة في إنقاذ بلدنا من المأساة، التي حلت به وبالمواطنين من كافة الطوائف والمناطق".
وشدد الحريري على أنه "نزولا عند مطالبة العديد من القوى السياسية والنيابية لي، بأن أرشح رئيسا لتشكيل الحكومة الجديدة، توافقت مع رؤساء الحكومات السابقين على اسم الدكتور مصطفى أديب، الذي حاز على أكثرية كبيرة من النواب لتشكيل حكومة مهمة، حددت معاييرها ومسودة بيانها للاصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية العاجلة بشكل صريح، في اجتماع مع صاحب المبادرة الوحيدة والأخيرة لوقف انهيار لبنان، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مطلع الشهر الجاري في قصر الصنوبر، وهذه المعايير التي وافق الجميع عليها، بالغة الوضوح بأنها فريق حكومي صغير قوامه اختصاصيون مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، لا ينتمي أي منهم إلى أي حزب سياسي، وأن مهمة الحكومة الوحيدة هي إصلاحية اقتصادية مالية وإدارية بحتة، لأشهر تسمح بوقف الانهيار".
وتابع "وبعد مرور أكثر من أسبوعين، بات واضحا أن عرقلة تشكيل الحكومة تهدد بالقضاء على فرصة تحقيق الاصلاحات، التي يطالب بها جميع اللبنانيين، شرطا لفتح الطريق أمام دعوة الرئيس ماكرون لمؤتمر دولي لدعم لبنان في نهاية الشهر المقبل، وبالتالي على المبادرة الفرنسية برمتها. وأمام خطر فقدان لبنان لآخر المكابح أمام انهياره، مع ما يعني ذلك من خطر اندلاع فوضى سياسية واقتصادية ومعيشية وأمنية مع الارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار، ومعه في التضخم، وأسعار الخبز والمحروقات وبداية فقدان الأدوية من الأسواق بالتزامن مع تطور خطير في أعداد الإصابات بفيروس كورونا، فإنني قررت مساعدة الرئيس أديب على إيجاد مخرج بتسمية وزير مالية مستقل من الطائفة الشيعية، يختاره هو، شأنه شأن سائر الوزراء على قاعدة الكفاءة والنزاهة وعدم الانتماء الحزبي، من دون أن يعني هذا القرار في أي حال من الأحوال اعترافا بحصرية وزارة المالية بالطائفة الشيعية أو بأية طائفة من الطوائف".
وأكد أن "بقاء لبنان، ومعيشة اللبنانيين وكرامتهم تبقى أكبر من الصراعات الطائفية والسياسية، وهي تستأهل تحييد فرصة إنقاذ لبنان من الخلافات مهما كبرت، وبهذه الخطوة، تصبح المسؤولية على عاتق الممانعين لتشكيل الحكومة، فإذا استجابوا وسهلوا ربحنا لبنان وربح اللبنانيون، واذا تابعوا عرقلتهم يتحملون مسؤولية ضياع فرصة لبنان لوقف الانهيار وإنقاذ اللبنانيين من مآسيهم الحالية والمرشحة للتزايد لا سمح الله، ومرة جديدة، أتخذ قرارا بتجرع السم، وهو قرار اتخذه منفردا بمعزل عن موقف رؤساء الحكومات السابقين، مع علمي المسبق بأن هذا القرار قد يصفه البعض بأنه بمثابة انتحار سياسي، لكنني اتخذه من أجل اللبنانيين، واثقا من أنه يمثل قرارا لا بديل عنه لمحاولة إنقاذ آخر فرصة لوقف الانهيار المريع ومنع سقوط لبنان في المجهول".