ضمن هذا السياق جاءت دعوة وزير العدل المغربي، محمد بن عبد القادر، لمهنيي المهن القانونية والقضائية، والمهن المالية، من محامين وموثقين، إلى الانخراط بفعالية أكبر في منظومة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها المنطقة.
ما الأولويات؟
قال عبد اللطيف الغلبزوري، الأمين العام الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة طنجة تطوان الحسيمة، إن المغرب انخرط في المجهودات الدولية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، من خلال آليات عدة، أهمها قانون مكافحة غسيل الأموال الصادر في 2007، والذي تم تحيينه وتعديله عام 2016، إلى جانب ذاك وحدة أو هيئة مختصة بمعالجة المعلومات المالية.
الترسانة القانونية في المغرب يراها القيادي الحزبي، أنها متوفرة وكافية بشكل جيد، وكذلك فيما يتعلق بآليات التنفيذ.
في حديثه لـ"سبوتنيك"، يشير الغلبزوري إلى أن المطلوب هو انخراط مختلف مكونات المجتمع في عمليات المكافحة، خاصة المكونات ذات العلاقة بالعقود المالية ومثيلاتها، كالموثقين والمحامين والعدول.
على الرغم من إشارة وزير العدل، إلا أن القيادي الحزبي يشدد على أن ثمة محاولات لاستهداف المغرب من ناحية ملف تمويل الإرهاب، وأن فعالية الأجهزة الأمنية المختصة اتسمت دوما باليقظة والاستباق، مما جنّب البلاد اختراقات كبرى، على حد تعبيره.
ارتفاع الجرائم
الأرقام التي ذكرها الوزير عن عدد القضايا التي لها صلة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المعروضة أمام القضاء، شملت تسجيل 390 قضية ما بين 2019 و2020.
إشارة مهمة حملها حديث وزير العدل المغربي، حيث أوضح أن جريمة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رغم خطورتها المرتفعة، فإن عدد التصاريح بالاشتباه المحالة على وحدة معالجة المعلومات المالية، من طرف المحامين، لم تتعد 8 تصاريح، مقابل 5 تصاريح أدلى بها الموثقون، في حين لم يسجل أي تصريح بالاشتباه صادر عن العدول منذ إحداث الوحدة المذكورة سنة 2009.
مراجعة ضرورية
بين الحين والآخر تحرص الحكومة المغربية على مراجعة هذه الترسانة، وبحسب الرماني، فإن هذه المراجعة هي لسد الفجوات والثغرات الواردة في بعض النصوص، لمطابقتها مع الاتفاقيات التي وقعها المغرب والتوصيات العالمية من الهيئات المعنية بذلك.
كما يشير إلى أن القانون المتمم في العام 2016 الخاص بمكافحة غسيل الأموال ومكافحة الإرهاب يتضمن العقوبات الرادعة لهذه الجرائم، وأن المغرب يحرص على الريادة في العمل الاستباقي والوقائي في مجالي الإرهاب وغسيل الأموال.
وسائل مبتكرة للتخفي
الابتكار ومحاولات الالتفاف بشأن عمليات تمويل الإرهاب وغسيل الأموال هي عمليات مستمرة ومحاولات دائمة للإفلات من عدسة السلطات والجهات الرقابية، وهو ما يراه الخبير الاقتصادي المغربي المهدي الفقير يتطلب المواكبة من الجهات المعنية.
وفي حديثه لـ"سبوتنيك"، يشدد الفقير على أن القائمين على مثل هذه العملية يحاولون التخفي دائما وراء أنشطة غير مباشرة، وهو ما يستدعي تشديد الرقابة على الأموال التي تصل من الخارج إلى الداخل المغربي، خاصة من الدول التي يشتبه بتمويلها للإرهاب.
إجراءات ضرورية
وشدد وزير العدل على كون المغرب يخضع حاليا للملاحظة والمتابعة من قبَل مجموعة العمل المالي الدولية، "فقد أصبح من الضرورة والملح تضافر جهود مختلف المهن غير المالية، وذلك من خلال تفعيل الالتزامات المفروضة قانونا على المهن القانونية والقضائية، كواجب الالتزام باليقظة والتصريح بالاشتباه والمراقبة الداخلية، وفق ما تنص عليه مقتضيات القانون المتعلق بمكافحة غسل الأموال"، بحسب "هسبريس".