وأكدت المنظمة في تقريرها لشهر أيلول الماضي أنها "وثقت حالات انتهاكات متفاوتة الدرجة داخل أماكن الاحتجاز".
تعذيب وإفلات من العقاب
بيّن الكاتب العام للمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب منذر الشارني في تصريح لـ"سبوتنيك"، أن المنظمة سجّلت حالات عنف أمني وحالات إهمال صحي داخل السجون، مؤكدا توثيق مخلفات اعتداءات بدنية ناجمة عن استخدام التعذيب، مضيفا أنه لا يمكن حصر عدد الانتهاكات التي يتعرض لها الموقوفون داخل مراكز الاحتجاز أو نزلاء السجون.
وقال الشارني "خلنا أن الانتهاكات داخل السجون مضت مع ثورة 14 من يناير/ كانون الثاني 2011 ولكن اليوم توجد مئات الشكايات والقضايا المرفوعة ضد أعوان الشرطة والسجون، لكن لا يُعرف مصير معظمها وعادة ما تمر السنوات دون أن تبت فيها العدالة".
وأكد أن القضايا التي يتم البت فيها قليلة جدا ولا تتجاوز نسبتها الـ6% من مجموع القضايا المفصولة وعادة ما يتم تصنيفها على أنها قضايا عنف وليست تعذيب، مشيرا إلى أن مرتكبي هذه الانتهاكات عادة ما تسلط عليهم عقوبات مخففة ولا يتم حتى حرمانهم من وظائفهم فيما يتمتع بعضهم بالبراءة عند الاستئناف.
وأكد الشارني أن حالة عزيز أصبحت تتكرر بشدة في مراكز الاحتجاز، معتبرا أن الإفلات من العقاب يؤثر سلبا على ثقة المواطن بالدولة وينمّي الشعور العام بغياب العدالة ويدعم الفكرة السائدة أن موظفي الدولة محصنون ضد العقوبة.
إهمال صحي
ونبه الكاتب العام للمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب من تواصل حالات الاهمال الطبي داخل السجون التونسية، مشيرا إلى أن بعض السجناء يواجهون الموت البطيء نتيجة تعكر وضعهم الصحي الذي تفاقمه الأمراض المزمنة والعمليات الجراحية.
وقال الشارني إن "منظومة الإفراج لأسباب صحية ليست واضحة، وعادة ما تكون متروكة لمزاج الإدارة العامة للسجون ولوزارة العدل اللتان تضطلعان بمهمة تحديد قائمة المنتفعين بالعفو واقتراحها على رئيس الدولة".
ويرى المتحدث أن منظومة العفو الخاص لا يجب أن تكون تقديرية داعيا إلى مراجعتها وتحديد معايير موضوعية تضبط قائمة المنتفعين بالإفراج مع مراعاة الوضع الصحي للسجناء.
وتسمح التشريعات التونسية لرئيس الجمهورية بمنح العفو الخاص لفائدة المحكوم عليهم وفقا لمقاييس يتم تحديدها بالتنسيق بين مصالح رئاسة الجمهورية ومصالح وزارة العدل، لكن كلمة الفصل فيها تبقى لرئيس الدولة باعتباره صاحب قرار العفو.
اكتظاظ في زمن كورونا
وتتخوّف منظمات حقوقية في الوقت الراهن من حالة الاكتظاظ التي تشهدها السجون التونسية، والتي قد تؤدي إلى تفشي فيروس كورونا في صفوف نزلاء السجون.
وطالبت 13 جمعية ومنظمة حقوقية من بينها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وعمادة الأطباء التونسيين والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب بضرورة التخفيف من طاقة استيعاب السجون التي تجاوزت 150% وفقا لإحصاءات رسمية.
وتقترح هذه المنظمات توسيع دائرة السجناء المنتفعين بالعفو الخاص خاصة للذين قضوا أكثر من نصف العقوبة، إلى جانب خفض المعايير المعتمدة في الإفراج عن الموقوفين الذين لم يتم النظر في محاكمتهم وما يزالون على ذمة القضاء وإبقائهم في حالة سراح شرطي بما يمنع مغادرتهم البلاد.
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن نصف نزلاء السجون التونسية هم من الموقوفين تحفظيا ولم يتم البت في قضاياهم.