ويرى مراقبون أن عودة المتظاهرين إلى ساحة التحرير وسط بغداد هو إعلان عن فشل كل السياسات والإجراءات الحكومية خلال العام الماضي في تحقيق أي من مطالب الثورة، في الوقت الذي أضيفت فيه طبقات أخرى إلى الحراك نتيجة زيادة نسبة البطالة والتضخم وعدم قدرة الحكومة على دفع المرتبات وافتقاد الأمن وعدم الاستقرار السياسي وسيطرة المليشيات وعدم قدرة الحكومة على استعادة هيبة الدولة سوى في التصريحات الإعلامية وأمام عدسات الشاشات.
توافق شعبي
قال المحلل السياسي العراقي أياد العناز، إن "استمرار التظاهرات الشعبية التي انطلقت قبل عام من الآن ولم تتوقف ولم تهدأ، إلا في بعض الأوقات لتجديد ورسم ملامح الثورة بشكل أعمق بناء ما ما تحقق على الأرض وتعزيز قدراتها الجماهيرية، وزيادة فاعلية المد الشعبي والتلاحم المجتمعي مع أهدافها ومتطلباتها، وعمق الأفكار الميدانية التي نادى بها الشعب المنتفض وقواه الوطنية".
وأضاف لـ"سبوتنيك"، "أكدت عملية التواصل بين شباب الثورة وأبناء الشعب العراقي، حقيقة ناصعة بيضاء نقية هي حالة التوافق بين جميع مكونات الشعب، والتأييد المساند لأهداف الثورة التي أصبحت تمثل أيقونة الكفاح والنضال من أجل استعادة للعراقيين عزتهم وكرامتهم".
ثبات وصلابة الثوار
ولفت العناز إلى أنه "كلما تمكنت حكومة الكاظمي من أن تكون قريبة من نبض الشارع العراقي وتسعى لفهم وإدراك حقيقة أهداف الثوار، واتخذت القرارات الحاسمة التي تؤكد استقلال قرارها الميداني، كل هذا سيدفع باتجاه قدرتها على الاستمرار وتنفيذ ما أعلنت عنه".
العودة للمربع الأول
من جانبه قال أمين عام اتحاد القبائل العربية بالعراق ثائر البياتي، "بدأت التظاهرات اليوم من حيث إنتهت ثورة تشرين/أكتوبر وعدنا من جديد للمربع الأول للثورة، وبعد قرابة الـ100 "شهيد" وأكثر من 30000 ألف جريح، لم يتغير سلوك الحكومة والسلطة وأحزابها الفاسدة".
مفترق طرق
وأشار أمين عام اتحاد القبائل إلى أن "الشعب اليوم يريد إسقاط النظام برمته وبمن فيه، بعدما تبين أن الجميع يدور بنفس الفلك وكل ما حصل هو تدوير نفس النفايات السياسية الفاسدة، وأن كل وعود الكاظمي وتعهداته ذهبت أدراج الرياح بتمثيليات فاشلة، وبعد قرابة السنه منذ توليه السلطة لم ينتج غير الصور والأفلام الدراماتيكية وزيارات سياحية لدول العالم، "بل زاد الطين بله" بكثرة الدين العام والقروض التي لن يتضرر منها إلا المواطن البسيط وأصحاب الدخل المحدود".
ولفت إلى أن "ما زاد من نكسات الكاظمي هو تسلط المليشيات عليه وعلى حكومته، وفرض شروطها، وتفاوض بشكل مباشر بعيدا عن الحكومة التي أصبحت تمثل على الشعب الفقير فقط، العراق اليوم على مفترق طرق والصراع الأمريكي الإيراني على أرضه واضح بشكل جلي سياسيا، وكل طرف يستخدم أدواته من ساسة السلطة والبرلمان، ومتوقع أن تتغير قواعد الاشتباك بينهم قريبا، وتتصاعد حدته فلا مجال هناك لبقاء الطرفين، ولم يعد العراق يتسع لهما".
ويأتي تجدد الاحتجاجات تزامنا مع الذكرى الأولى لانطلاق الثورة في الكثير من مدن العراق في أكتوبر/تشرين الأول 2019، وكانت انتفاضة شعبية غير مسبوقة قتل خلالها حوالي 600 متظاهر وجرح ثلاثون ألفا آخرون.
ويأتي احتجاج اليوم بينما يواصل مئات الآلاف من المتظاهرين الاعتصام منذ أشهر في بغداد ومدن أخرى في جنوب العراق، ويطالب المحتجون بتحسين الخدمات ومعالجة البطالة ومحاربة الفساد المستشري.
ويصرّ المتظاهرون على الخروج رغم انعكاسات التوتر بين إيران "ذات النفوذ القوي في العراق" والولايات المتحدة وانتشار وباء كوفيد-19.
وتحولت ساحة التحرير المعقل الرئيسي للاحتجاجات في بغداد، إلى قرية من الخيام التي غطت أغلبها صور "شهداء" الانتفاضة، فيما تجمع متظاهرون قرب المنطقة الخضراء، حيث مقر الحكومة والبرلمان والسفارة الأمريكية.
وفرضت قوات الأمن إجراءات مشددة بينها انتشار قوات منذ ليل السبت، في وسط بغداد، الأمر الذي حال دول اقتراب سيارات أو عربات من ساحة التحرير والجسور المؤدية إلى المنطقة الخضراء.
كما انتشرت قوات مكافحة الشغب خلف دروع شفافة سميكة لمنع انتشار المتظاهرين.
وانطلقت شرارة الاحتجاجات في الأول من تشرين الأول/اكتوبر 2019 بشكل عفوي، ورفعت مطالب تنتقد البطالة وضعف الخدمات العامة والفساد المستشري والطبقة السياسية التي يرى المتظاهرون أنها موالية لإيران أو الولايات المتحدة أكثر من موالاتها للشعب العراقي.