وانطلقت الاحتجاجات العراقية، ردا على تردي الأوضاع الاقتصادية للبلاد، وانتشار الفساد الإداري والبطالة.
ووصلت مطالب المتظاهرين إلى إسقاط النظام الحاكم واستقالة حكومة عادل عبد المهدي، وتشكيل حكومة مؤقتة وإجراء انتخابات مبكرة. وندّد المتظاهرون أيضا بالتدخل الإيراني في العراق وحرق العديد منهم العلم الإيراني، وبالفعل نجحت الاحتجاجات في الإطاحة بحكومة عبد المهدي من الحكم.
تسلسل الأحداث
وجاء تسلسل الأحداث في انتفاضة "تشرين" على النحو التالي:
- أكتوبر/تشرين الأول 2019:
- تم الدعوة للقيام باحتجاجات ضد الفساد والبطالة واستقالة حكومة عبد المهدي وتغيير النظام السياسي.
- قوبلت التظاهرات برد فعل عنيف من القوات الأمنية بإطلاق الرصاص الحي، واستخدام القنابل الصوتية وإطلاق رشاشات المياه والغاز المُسيّل للدموع ضد المتظاهرين.
- خرج عادل عبد المهدي في أول بيان وأعرب عن حرصه على حل المشاكل، وتشكيل لجان لاستلام جميع المطالب والتحقيق في سقوط ضحايا بالاحتجاجات.
- الحكومة تفرض حظر تجوال في العاصمة بغداد، وحظر مواقع التواصل وقطع خدمات الإنترنت.
- وجهت المرجعية الدينية الشيعية في النجف أربع مطالب للحكومة، تقضي بتشكيل لجان حكومية لمحاربة الفساد، وتوفير فرص العمل للعاطلين، وتحسين الخدمات، وانهاء الفساد.
- نظم عدد كبير من قطاعات المجتمع العراقي عصيانا مدنيا.
- نوفمبر/تشرين الثاني 2019:
- أغلق المعتصمين ميناء أم القصر في البصرة وحقل البرزكان النفطي في محافظة ميسان، وعدد من مصافي تكرير النفط والموانئ الرئيسية، وتزايد أعداد المشاركين في الاعتصامات والإضرابات، وأغلقت معظم شوارع بغداد الرئيسية.
- انقطعت مجددا خدمات الإنترنت.
- أفادت اللجنة البرلمانية العراقية لحقوق الإنسان أن 319 شخصاً على الأقل قتلوا خلال الاحتجاجات. ووفقاً للمفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان في العراق، أصيب 15000 آخرين بجروح.
- إحراق القنصلية الإيرانية في النجف.
- 29 نوفمبر يقرر عادل عبد المهدي الاستقالة من منصبه، بالإضافة إلى استقالة محافظ ذي قار عادل الدخيلي ومحافظ النجف طلال بلال وقائد شرطة ذي قار محمد زيدان القريشي.
- ديسمبر/كانون الأول 2019:
- 1 ديسمبر وافق مجلس النواب العراقي على استقالة عبد المهدي.
- أحرق محتجون القنصلية الإيرانية في النجف للمرة الثانية.
- أعلنت مفوضية حقوق الإنسان في العراق، ارتفاع حصيلة ضحايا الاحتجاجات خلال الشهرين الماضيين إلى 460 قتيل وأكثر من 17 ألف جريح.
- 25 ديسمبر الرئيس العراقي برهم صالح يقدم خطاب استقالة بعد رفضه لتعيين أسعد العيداني رئيساً للوزراء.
- يناير/كانون الثاني 2020:
- استمرت الاحتجاجات رغم اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.
- مقتل صحفيين إثنيين في البصرة، عرفا بنشاطهما في تغطية الاحتجاجات التي شهدتها البلاد.
- فبراير/شباط 2020:
- استمرار الاحتجاجات ومقتل عدد كبير من المتظاهرين في مواجهات مع الميليشيات والجماعات المسلحة.
- مارس/آذار 2020:
- مقتل عدد من المتظاهرين في أماكن متفرقة بالعراق.
- أبريل/نيسان 2020:
- استمرار المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن.
- مايو/أيار 2020:
- تم التصويت ومنح الثقة النيابية لحكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي والموافقة على أغلب الأسماء في تشكيلته الوزارية.
- يوليو/تموز 2020:
- بيان من وزارة الداخلية تعلن نتائج التحقيق في حادثة مقتل متظاهرين قبل عدة أيام، وتعلن توقيف ثلاثة من قوة حفظ القانون وهم: الرائد أحمد سلام غضيب البهادلي، والملازم حسين جبار جهاد، والمنتسب علاء فاضل.
- أغسطس/آب 2020:
- تسرب فيديو يظهر عدد من قوات حفظ القانون يقومون بتعذيب متظاهر (مواليد 2004) يفجر موجة جديدة من الاحتجاجات.
- أكتوبر/تشرين الأول 2020:
- اتهامات من التيار الصدري للمحتجين في كربلاء بأنهم يلقون دعم خارجي مشبوه.
ماذا يحدث هذا العام؟
وينتظر أن تحيي بعض الحركات والجماعات ذكرى انتفاضة "تشرين"، بإطلاق عدد من الاحتجاجات والتظاهرات.
وتشير تقارير صحفية عديدة ما وصفته بالنهج الأمني الجديد في مواجهة الاحتجاجات.
ورصدت التقارير رغبة القوات الأمنية في تجاوز مسألة الصدامات العنيفة بين القوات الأمنية والمحتجين.
وأعلن محافظ "ذي قار"، ناظم الوائلي، قبل أيام، عدم السماح للقوات الأمنية باستخدام الرصاص الحي أو التدخل العنيف المفرط ضد المتظاهرين.
وقال كذلك قائد عمليات البصرة، اللواء الركن، أكرم صدام مدنف، إنه أصدر توجيهات إلى الأجهزة الأمنية العاملة ضمن قاطع عملياته، بشأن التعامل مع المتظاهرين، شدد خلالها هو الآخر على منع استخدام الأسلحة النارية "تحت أي ذريعة كانت".
وقال مدنف في رسالة وجهها للأجهزة الأمنية: إن "للمواطن حرية التظاهر وتعد أجلى صور التعبير عن الرأي وممارسة حرية الفكر والضمير على أرض الواقع وهو حق كفلة الدستور استنادا لأحكام المادة 38 على أن لا يخل بالنظام العام والآداب وأن تكون سلمية لا تميل إلى العنف والعبث بالمؤسسات والمنشآت والدوائر الحكومية والبنى التحتية وعدم عرقلة الحياة اليومية للمواطنين ودوائر الدولة». وأضاف: «واجبنا كقطعات أمنية، أوصيكم بتأمين الحماية للمتظاهرين وعدم الاحتكاك بهم ويمنع منعا باتا استخدام الأسلحة النارية تحت أي ذريعة كانت".
كما دعت المفوضية العليا لحقوق الإنسان المتظاهرين إلى الالتزام بالسلمية.
وشددت المفوضية على ضرورة حماية حرية الرأي والتعبير وحق التظاهر السلمي، دعت كافة المتظاهرين للتعاون مع القوات الأمنية في حماية الممتلكات العامة والخاصة والابتعاد عن أية صدامات، كما حثت الأمن على توفير الحماية اللازمة إلى المتظاهرين وتطبيق قواعد الاشتباك الآمن.
كما دعت في الوقت نفسه الحكومة العراقية إلى الاستجابة لمطالب المتظاهرين السلمية المشروعة والتي تساهم في إحداث التغيير الإيجابي وتعزيز بيئة حقوق الإنسان في العراق.
وقال أيضا المتحدث باسم حكومة الكاظمي لقناة "العربية" إن الحكومة تعمل على تأمين المتظاهرين.
ونقل موقع "العين" الإخباري عن الناشط المدني العراقي، طارق حسين، قوله: "الحراك التشريني لن يهدأ أو تكتب له الراحة إلا بعد تنفيذ مطالب الإصلاح التي دعا إليها الشارع العراقي وبشكل كامل من بينها تعديل قانون الانتخابات بشكل يضمن وصول الكفاءات والشخصيات المستقلة إلى مواقع المسؤولية والتقليل من سطوة الكتل والأحزاب الفاسدة على مقاليد الناخب وصناديق الاقتراع".
وتابع حسين بقوله "المطالب التي رفعها المتظاهرون ودفع من أجلها الدم والملاحقات والزج بالسجون تؤكد جدية وثبات الإرادة الجماهيرية وقدرتها على تشخيص مواضع الخلل في الأداء الحكومي والسياسي، الذي أطاح بمؤسسة الدولة فسادًا وتهرءاً وضعفاً طيلة السنوات التي أعقبت أبريل عام 2003".
وأكمل بقوله "المتظاهرون يطالبون بتقديم الجناة وقتلة المتظاهرين إلى العدالة والكشف عن الجهات التي تقف وراءهم، فضلا عن محاسبة مسؤولي الفساد وحيتان المال العام".
كما قال أيضا النائب العراقي، حسن فدعم، إنه "بغض النظر عن الأخطاء التي ترافقت مع التظاهرات والخروقات الأمنية التي تسببت بسقوط الضحايا من المتظاهرين والقوات الأمنية، إلا أن رسائل تظاهرات أكتوبر كانت واضحة وجلية بالسخط والغضب الجماهيري العارم على سوء الأداء السياسي طيلة الفترات السابقة".
وأضاف النائب العراقي: "الطبقة السياسية برمتها، تسعى الآن إلى إعادة صياغة منهجها ومفردات تعاطيها مع الحكم والقرار السياسي في ضوء المتغيرات التي جاءت بها منصات أكتوبر، لاسيما أن أزمات البلاد والأوضاع الراهنة تفرض على الجميع مراجعة العقد الاجتماعي والسياسي المبرم بين الحاكم والمحكوم".