المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية يكشف معايير اعتماد لقاح كورونا وموعد وصوله إلى الشرق الأوسط

كشف الدكتور أحمد المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، عن مجموعة من المعايير المتعارف عليها عالميا لاعتماد أي لقاح جديد، وعلى رأسها خضوع اللقاح المرشح لكافة مراحل الاختبارات التي تشمل تجربته على البشر، فيما يسمى بالتجارب السريرية واجتياز هذه المراحل بنتائج موثقة.
Sputnik

القاهرة – سبوتنيك. وأعرب المنظري في حوار مع "سبوتنيك" عن تقدير المنظمة للجهود التي قامت بها مجموعة العشرين خلال قمتها الأخيرة، والتي تواكبت مع جائحة كوفيد-19، مشيرا إلى أن المجموعة أولت اهتماما ملحوظاً من خلال لجنة الصحة واجتماعات وزراء الصحة في بلدان المجموعة بمشاركة منظمة الصحة العالمية وعدد من وكالات الأمم المتحدة.

منظمة الصحة العالمية: العالم بحاجة لتحصين وحماية لمواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد

وأشار إلى أن منظمة الصحة العالمية ساهمت في إنشاء مرفق كوفاكس وهو الذراع الذي يعمل على ضمان حصول كل بلد على حصة من اللقاحات بما فيها البلدان المنخفضة الدخل والتي يتعذر عليها تدبير التمويل اللازم لشراء حصتها من اللقاح لفئاتها ذات الأولوية والأكثر احتياجا.

كما سلط المدير الإقليمي للمنظمة الدولية الضوء على الدور الذي لعبته المنظمة في مواجهة وباء كورونا في اليمن وإيران.

وفيما يلي نص الحوار:

ما هي الشروط التي تضعها المنظمة لاعتماد اللقاحات والتوصية باستخدامها بأمان على نطاق واسع؟ وكيف تتقاطع هذه العملية مع ما تعلن بعض الدول من تسجيل لقاحاتها الوطنية وتوقيع عقود لتوريدها؟

هناك معايير متعارف عليها عالمياً لاعتماد أي لقاح جديد أهمها أن يخضع اللقاح المرشح لكافة مراحل الاختبارات التي تشمل تجربته على البشر فيما يسمى بالتجارب السريرية واجتياز هذه المراحل بنتائج موثقة مؤكدة بالدلائل العلمية التي تثبت أن هذا اللقاح لم يسبب أية أعراض جانبية لمن تمت تجربته عليهم. وتتضمن الاختبارات تقييم لفعالية اللقاح ومأمونيته وسلامته. ولا تقوم منظمة الصحة العالمية باعتماد أي لقاح إلا عندما تتوفر النتائج الموثقة التي تثبت كل ما سبق. أما في حالة عدم تلقي المنظمة لهذه النتائج والإثباتات العلمية فإنها لا تقوم باعتماده.

وقد تقوم بعض الشركات أو البلدان المطورة للقاح ما بالاكتفاء بإخضاعه للمعايير المحلية والدخول في مرحلة التصنيع والتوزيع. وفي هذه الحالة فإن المنظمة وإن كانت لا تملك منع أي دولة من القيام بذلك فإنها  تؤكد أن الدولة في هذه الحالة تتحمل مسؤولية اللقاح وما يتعلق بفعاليته ومأمونيته كما أن البلدان التي تتعاقد على شراء لقاح غير معتمد تتحمل مسؤولية إتاحته لمواطنيها والمخاطر التي قد تترتب على ذلك.

البيان الختامي لقمة الدول العشرين تعهدت الدول بالعمل على ضمان إيصال اللقاح للجميع الدول بشكل عادل وأسعار مناسبة، ما الدور الذي ستلعبه منظمة الصحة العالمية لتحقيق هذا الهدف، وإيصال اللقاح لدول شرق المتوسط؟ 

محمد بن سلمان: رئاسة مجموعة العشرين ستصدر بيانا يوضح موقف تركيا من البيان الختامي

بداية أود أن أعرب عن تقدير المنظمة للجهود التي قامت بها مجموعة العشرين خلال هذه الدورة والتي تواكبت مع جائحة كوفيد-19. فقد أولت المجموعة التي ترأستها هذا العام المملكة العربية السعودية اهتماما ملحوظاً من خلال لجنة الصحة واجتماعات وزراء الصحة في بلدان المجموعة بمشاركة منظمة الصحة العالمية وعدد من وكالات الأمم المتحدة. وأسفر ذلك عن تطورات جيدة وبناءة في مجال الاستجابة للجائحة بنهج موحد فيما بينها. ولم يكن غريباً ان يتطرق البيان الختامي لقادة مجموعة العشرين للتعهد بإيصال اللقاح للجميع .

والحقيقة أن منظمة الصحة العالمية قد بدأت بالفعل منذ شهور بالتعاون مع الشركاء المعنين في العمل على ضمان توزيع اللقاحات بعد الانتهاء من تصنيعها وإتاحتها للاستخدام توزيعاً عادلاَ ومنصفاً وسريعاً يشمل كافة البلدان مهما كان مستوى دخلها وقدراتها المالية، فساهمت في إنشاء مرفق كوفاكس وهو الذراع الذي يعمل على ضمان حصول كل بلد على حصة من اللقاحات بما فيها البلدان المنخفضة الدخل والتي يتعذر عليها تدبير التمويل اللازم لشراء حصتها من اللقاح لفئاتها ذات الأولوية والأكثر احتياجا.

وحتى الآن شاركت 187 دولة واقتصاد في مرفق كوفاكس منها بلدان ستقوم بالتمويل مع الاستفادة من التسهيلات التي يقدمها المرفق، ومنها 92 دولة ذات دخل منخفض واقتصاد مؤهل للحصول على المساعدة من خلال التزامات السوق المسبقة.

أما البلدان التي تفضل التعاقد المباشر على حصتها من اللقاح مع الشركات المنتجة فالمجال متاح أن تفعل ذلك وإن كانت لن تستفيد من التسهيلات التي يتيحها مرفق كوفاكس.

ولكننا ندعو تلك البلدان إلى الاكتفاء في المرحلة الأولى بشراء جزء من احتياجاتها لا يتجاوز 20% حتى تتيح الفرصة للبلدان الأخرى للاستفادة من اللقاح. وذلك إلى حين توفر كميات أكبر تغطي الاستخدام العام للفئات السكانية.

كيف سيتم مساعدة الدول الفقيرة التي لن تقدر على توفير اللقاح؟

كما ذكرت إن آلية كوفاكس تضم بلدان مرتفعة الدخل وأخرى منخفضة الدخل. وستتكفل البلدان المرتفعة الدخل بتغطية احتياجات البلدان الأخرى. كما تقوم منظمة الصحة العالمية ومبادرة جافي للقاحات وسائر الشركاء بدور داعم في هذا الاتجاه بحيث تحصل البلدان المؤهلة لتلقي المساعدات على حصة مناسبة من اللقاحات للفئات ذات الأولوية. وطبيعي أن الكميات المنتجة في البداية لن تكفي احتياجات جميع البلدان لذلك يتطرق دورنا إلى السعي للتوسع في تصنيع عدة لقاحات ومساندة القدرات الإنتاجية للبلدان للاستجابة للطلب العالمي عليه. وفي الوقت نفسه نضع مع الشركاء المعنيين معايير تحديد الفئات ذات الأولوية للحصول على اللقاح مثل العاملين الصحيين والمرضى بأمراض مزمنة والحوامل وكبار السن.

ونؤكد على أن التوزيع العادل للقاحات يمثل ضمانة للبلدان الغنية للحفاظ على أمنها الصحي. لأنه ببساطة ما لم تتمكن البلدان الفقيرة من الحصول على حصة من اللقاح، فهذا يعني أن العالم سيظل معرضاً لخطر انتشار العدوى بكوفيد-19 حتى مع توفر اللقاح لمن يملكون شراءه. فلن يكون أحد ما أو بلد ما بمأمن من الجائحة إلا إذا كان الجميع سواء أغنياء أو فقراء بمأمن منها. ولذلك نحذر مما يسمى بقومية توزيع اللقاحات بمعنى استحواذ القادرين والمنتجين على كل الكميات المنتجة من اللقاح دون إعطاء الدول المنخفضة الدخل الفرصة للحصول على حصة منه.

بريطانيا والولايات المتحدة أعلنتا تقديم اللقاح بداية من ديسمبر/ كانون الأول ويناير/ كانون الثاني، متى تتوقعون أن يصل اللقاح لبلدان شرق المتوسط؟

مع مطلع العام الجديد سيتم إنتاج كميات محدودة من اللقاح نرجو أن توجه للفئات ذات الأولوية القصوى مثل العاملين الصحيين والمرضى بأمراض مزمنة وكبار السن والنساء الحوامل. أما الكميات التي يمكن توزيعها على قطاعات أكبر فنتوقع توافرها منتصف 2021. وبالنسبة لبلدان الإقليم، فيشارك إقليم شرق المتوسط بجميع بلدانه البالغ عددهم 22 دولة في مرفق كوفاكس؛ حيث تحصل 11 دولة على احتياجاتها بالشراء المباشر وهناك 11 دولة مؤهلة لتلقي المساعدة في الحصول على حصة من اللقاح.

هل سيؤثر عدد الحالات المسجلة في كل بلد على سرعة حصولها على اللقاح؟ بمعنى أنه هل سيصل اللقاح أسرع/ بحصص أكبر للبلدان التي تسجل عدد إصابات أكبر؟

المعايير الموصى بها لإتاحة اللقاحات خاصة في مراحل الإنتاج الأولى التي لن تكفي لتلبية الطلب العالمي، تتضمن درجة الاحتياج ولكن ذلك لا يعني استثناء أي بلد من حق الحصول على اللقاح. لذلك تضمنت معايير التوزيع العادل والمنصف والسريع للقاح نسبة من الاحتياجات لا تتجاوز في البداية 20% لكل بلد. ونناشد البلدان الالتزام بتلك التوصيات.

خلال شهر أيلول/ سبتمبر أقرت منظمة الصحة العالمية اختبار أعشاب أفريقية لعلاج كوفيد 19، إلى أين وصلت الاختبارات وهل يمكن في الأيام القادمة أن يتم اعتماد الأعشاب الطبيعية علاجاً لكورونا؟.

كل الجهود المبذولة للوصول لعلاج لكوفيد-19 لا تزال تجري ولكن لم نصل بعد لدواء خصيصاً لهذا المرض. هناك علاجات تخفيفية ورعائية بمعنى أنها تستخدم في إطار التخفيف من آثار الأعراض المرض ولكنها لا تقضي على المرض نفسه وهي تقدم ضمن البروتوكول العلاجي والرعائي للمرضى لتحسين حالتهم العامة وقدرتهم على التغلب على الفيروس. ومن بين الأدوية التي تجري البحوث حولها الأعشاب التي تدخل في إطار الطب البديل والذي يشيع استخدامه في الإقليم الأفريقي. ونأمل أن تكلل هذه الأبحاث بالنجاح.

فيما يخص انتشار الموجة الثانية من الوباء، العديد من الدول لا تتجه إلى الإغلاق التام كما حدث مع بدء انتشار الموجة الأولى... أولا هل ترون أن خيار الإغلاق التام كان مجديا في الموجة الأولى؟ وثانيا... هل يمكن السيطرة الأوضاع خلال الموجة الثانية دون إغلاق تام؟

الأوضاع الاقتصادية العالمية تجعل العودة للإغلاق اختياراً غير ممكن وغير مطروح ونحن نتفهم ذلك. صحيح أن الإغلاق الذي تم تطبيقه في المرحلة الأولى ساهم إلى حد ملحوظ في الحد من انتشار الفيروس في البلدان التي طبقته بناءً على تقييم دقيق للمخاطر مع التزام بكافة التدابير الوقائية والإجراءات الاحترازية الأخرى، لكن العودة للإغلاق مرة أخرى مستبعدة خاصة مع التداعيات الاقتصادية التي يعاني منها العالم حالياً. وتتوقف السيطرة على الجائحة خلال الموجة الثانية الحالية على أمور عديدة أهمها التغلب التام على حالة السأم والتعب من طول أمد الجائحة والذي أدى إلى التراخي المجتمعي والحكومي. ويعني ذلك أن على جميع البلدان معاودة العمل بكل جد لاحتواء الفيروس من خلال التطبيق الصارم للإجراءات الاحترازية، والتوسع في عمليات الترصد للفيروس واكتشاف حالات الإصابة وعزل المصابين سواء منزلياً أو في المرافق الصحية وتتبع المخالطين ورعايتهم.

وعلى الصعيد المجتمعي لابد من إشراك كافة الأطراف من مجتمع مدني وأفراد ومجموعات ومنظمات أهلية للقيام بدورها في تحقيق الوقاية الفردية والمجتمعية. باختصار علينا العودة إلى نهج الحكومة بكاملها والمجتمع بأسره وتطبيقه بقوة وعلى أساس من التوعية الشاملة والاستفادة من الدروس التي تم استقاؤها من الموجة الأولى من الجائحة.

تعد إيران واحدة من أكثر البلدان تضررا بالوباء في المنطقة، كيف تقيمون خطط مواجهة الحكومة الإيرانية للوباء؟ وما خططكم لمساعدة إيران في الفترة المقبلة؟

بالفعل إيران من أكثر دول الإقليم تأثراً بالجائحة على صعيد عدد الحالات ومعدل الوفيات. وقد أوفدنا بعثة لمنظمة الصحة العالمية إلى إيران في الأشهر الأولى من الجائحة ورأينا على أرض الواقع الخطط الموضوعة للاستعداد والاستجابة والجهود المبذولة لاحتواء الجائحة. كما قدمنا في مرحلة مبكرة المستلزمات الطيبة والاحتياجات اللازمة لتقوية قدرات القطاع الصحي على الاستجابة الفعالة.

منظمة الصحة العالمية قلقة من ارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس "كورونا" المستجد في روسيا
وشأن باقي بلدان الإقليم فقد انخفضت أعداد الحالات ومعدلات الوفاة في فترة ما إلا أنها عادت للارتفاع بسبب المناسبات والاحتفالات التي أقيمت بعد رفع القيود وفتح الحدود والعودة عن سياسة الإغلاق دون اتخاذ التدابير الوقائية الملائمة. والمكتب الإقليمي يواصل التشاور عن قرب مع القيادات الصحية الإيرانية لتوفير ما يلزم من مشورة تقنية ولوازم طبية لمواجه الجائحة.

كيف تقيمون وضع انتشار الفيروس في اليمن خاصة مع انتشار الكوليرا؟ وما حجم المساعدات التي يحتاجها اليمن لتحسين أوضاعه الصحية؟

للأسف اليمن يعاني من تحديات مضاعفة جراء الوضع الأمني المتأزم والصراع الدائر والذي يعيق الكثير من أنشطة الدعم والمساندة. وقد تسبب الصراع الممتد منذ سنوات في إنهاك القطاع الصحي وحجب الإمدادات عن بعض المناطق كما أن أوضاع النزوح واللجوء تجعل الوصول بالخدمات الصحية إلى من يحتاجونها على درجة من الصعوبة. ومع ذلك فقد وفرنا لليمن مع بداية الجائحة كل ما أمكننا من مستلزمات ومواد ضرورية لمساعدة القطاع الصحي على الاستجابة للجائحة وتعزيز قدرات المختبرات ونظم الترصد. ولكن يظل القطاع الصحي يواجه صعوبات في ترصد حالات الإصابة وإجراء الاختبارات بقدر كافي لذلك نعتقد أن حالات كثيرة لا يتم رصدها وبالتالي لا يتم توفير الرعاية اللازمة لها. وهناك مشكلة تتعلق بتبادل المعلومات المدققة جراء ضعف نظام المعلومات الصحية. ونحن نواصل العمل مع المعنيين ونأمل أن نتمكن بدعم من المجتمع الدولي من مواصلة المساندة التقنية والدعم الصحي لتلبية احتياجات اليمن ومواطنيه والوفاء بقدر من الخدمات الأساسية مع التصدي للجائحة وما فرضته من تحديات.

مناقشة