رفض مجلس الوزراء الفلسطيني أي اقتطاعات من أموال المقاصة، وذلك بعد إعلان قرار مجلس الوزراء الإسرائيلي باقتطاع 600 مليون شيكل (الشيكل يساوي 0.30 دولار) من أموال المقاصة هي قيمة مستحقات أسر القتلى والجرحى.
وقال مراقبون إن "اقتطاع إسرائيل لجزء من أموال المقاصة الفلسطينية، قرصنة واضحة على مقدرات الشعب الفلسطيني"، مؤكدين أن "السلطة لن تخضع لهذه الإجراءات وستلجأ إلى المجتمع الدولي".
قرار إسرائيلي
ونشر المتحدث الرسمي باسم الحكومة إبراهيم ملحم في صفحته على "الفيسبوك" ما يلي: "اعتبر مجلس الوزراء في تصريح للمتحدث الرسمي باسم الحكومة إبراهيم ملحم الليلة أن تلك الاقتطاعات غير قانونية وأن الحكومة لن تقبل بها وستبقى وفية لأسر الشهداء والجرحى".
وأفاد باراك رافيد من موقع "والا العبري"، بأن الكابينت وافق على تحويل 2.5 مليار شيكل من أموال الضرائب إلى السلطة الفلسطينية بعد 6 أشهر رفضت خلالها السلطة قبول الأموال.
وأشار إلى أنه
تقرر أيضا خصم مبلغ 600 مليون شيكل إضافي تعويضا عن المدفوعات التي دفعتها السلطة للأسرى في العام الماضي.
أكد رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد إشتية، وجود فريق فلسطيني يتابع مع إسرائيل استلام أموال عائدات الضرائب المقاصة التي كانت محتجزة لدى إسرائيل منذ عدة أشهر.
وقال إشتية، في مستهل اجتماع الحكومة اليوم الاثنين: "هناك فريق فني من وزارة المالية يتابع مستحقاتنا عند الجانب الإسرائيلي، وسوف نصرف للموظفين والأسر المحتاجة والقطاع الخاص والبنوك ما نحصل عليه".
وأضاف رئيس الوزراء الفلسطيني: "لا نريد استباق الأمور، ولكن أموالنا هي حق لشعبنا، ورواتب الموظفين هي حق لهم، وسيأخذون كل ما هو لهم، فقد صبروا أشهرا، ولم يبق إلا القليل ليتضح لنا كل شيء، ولا نتعاطى مع ما ينقل عبر الإعلام فقط، ولكن نريد أن نتأكد من الأرقام أولا من مصدرها".
ضغوط دولية
المستشار زيد الأيوبي، الخبير الفلسطيني في الشؤون الدولية، قال إن "قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي القاضي بخصم مبالغ مالية من فاتورة المقاصة التي تجبيها إسرائيل نيابة عن السلطة الوطنية الفلسطينية، هو إجراء مخالف للقانون الدولي والاتفاقات الثنائية الموقعة مع الحكومة الإسرائيلية والشعب الفلسطيني لن يسلم به ولن يسكت عليه باعتباره قرصنة حقيقية لمقدرات الشعب الفلسطيني".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك" أن
القيادة الفلسطينية لديها العديد من الخيارات الدبلوماسية والقضائية للضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي من أجل التراجع عن إجراءاتها التعسفية بخصوص خصم أموال من عائدات الضرائب الفلسطينية.
وتابع: "القيادة الفلسطينية بدأت تتواصل مع أطراف دوليين وإقليميين وازنين لإجبار إسرائيل على إلغاء قرارها بالإضافة إلى أنها تدرس التوجه للقضاء الدولي في لاهاي، من أجل محاكمة قيادات الاحتلال على جريمة خصم أموال المقاصة التي تعتبر بمثابة عقاب جماعي للأبرياء وتجويع متعمد للفلسطينيين، من خلال إجبارهم على العيش في ظروف إنسانية صعبة وكل هذه الأفعال تشكل جرائم حرب موصوفة في نظام روما المتعلق باختصاص محكمة الجنائية الدولية".
وشدد الأيوبي على أن "الشعب الفلسطيني يراهن على أحرار العالم كله في لجم هذا العدوان الإسرائيلي على قوت عائلات الأسرى والشهداء، خصوصا وأن القضية الفلسطينية حاضرة بقوة في الوجدان العربي والإسلامي والعالمي وهذا سيساعد في تراجع إسرائيل عن إجراءاتها التعسفية بحق أسرانا وشهدائنا".
نقض التعهدات
من جانبه قال الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية والمستشار الفلسطيني في العلاقات الدولية، إن "سبب الأزمة كان بداية بقرار الخصم من أموال المقاصة بما يعادل رواتب أسر الشهداء والأسرى، ثم جاء قرار الضم وبعض الإجراءات التعسفية بحق الشعب الفلسطيني ما شكل بمجمله انتهاكا فاضحا وفادحا للاتفاقيات الموقعة مع الطرف الإسرائيلي".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "كل تلك الإجراءات وغيرها كانت أسبابا متراكمة وإضافية لوقف كافة الاتصالات مع الاحتلال، لكن الجهود الدولية والوساطة الأوروبية التي تدخلت بين القيادة الفلسطينية والاحتلال أدت إلى إعادة الاتصالات بعدما تعهدت سلطات الاحتلال الإسرائيلي برسالة رسمية أن تلتزم بكافة الاتفاقيات الموقعة مع السلطة الفلسطينية".
وأوضح أن "هذه الاتفاقيات من بينها وأهمها اتفاقية باريس الاقتصادية التي تقرر بموجبها تسليم كافة أموال المقاصة أو عائدات الجمارك الفلسطينية".
وقال شعث إن
الاحتلال يواصل نقض تعهداته ولكن هذه المرة نقض تعهداته والتزاماته للوسطاء الذين تدخلوا لإلزامه بالاتفاقيات مقابل إعادة الاتصالات، والسلطة الفلسطينية لديها كل الحق لو قررت وقف الاتصالات مع الاحتلال لأنه نقض تعهداته.
وجاء قرار تحويل المقاصة بعد إعلان السلطة الفلسطينية، بوقت سابق من الشهر الجاري، عن استئناف التنسيق الأمني والاتصالات مع الجانب الإسرائيلي.
يذكر أن الرئيس الفلسطيني قرر تشكيل لجنة للبحث في آلية جديدة لدفع رواتب الأسرى والأسرى المحررين بشكل لا يمس بقضيتهم ماديا أو معنويا. علما بأن السلطة الفلسطينية تدفع رواتب لنحو أحد عشر ألف أسير بينهم سبعة آلاف خرجوا من السجون والباقي داخلها.
وكان البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) صادق في الثاني من يوليو من العام 2018، على قانون يسمح بخصم قيمة المبالغ التي تدفعها السلطة الوطنية الفلسطينية لذوي القتلى والمعتقلين، من الضرائب التي تحولها إسرائيل للسلطة الفلسطينية.