وانطلقت الجولة الأولى من المفاوضات في 14 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بعد سنوات من وساطة تولتها واشنطن، وعقدت الجولة الثانية في 28 و29 من الشهر ذاته.
تأجيل التفاوض
وقال المصدر لفرانس برس: "تبلّغنا رسمياً تأجيل جلسة المفاوضات غير المباشرة، واستبدالها بجلسة خاصة مع الجانب اللبناني"، من دون تحديد الأسباب، موضحاً أن الجانب الأمريكي هو من طلب التأجيل.
وقال المصدر اللبناني إن الوسطاء الأمريكيين الذين أبلغوا الجانب اللبناني بالتأجيل، سيجرون اتصالات ثنائية مع الجانبين.
وأكد المسؤول الإسرائيلي التأجيل، لكنه قال إنه لا يمكنه ذكر أي تفاصيل. وقال المصدر الأمني اللبناني إن سبب التأجيل هو رفض إسرائيل للمقترحات اللبنانية.
وقال وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتنز، في حديث لإذاعة الجيش الإسرائيلي الأسبوع الماضي، إنه لم تحدث أية انفراجة بعد أربع جولات من المحادثات، وإن المواقف التي قدمها لبنان حتى الآن تصل إلى حد "الاستفزاز".
ضغوط إسرائيلية أمريكية
قاسم هاشم، عضو مجلس النواب اللبناني، قال إن "تأجيل جلسة التفاوض غير المباشر لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل جاءت بسبب تصلب العدو الإسرائيلي في مواقفه ومحاولته التهويل للوصول إلى مبتغاه على حساب سلب جزء من حقوق لبنان الحدودية البحرية، للسيطرة على جزء من الثروة النفطية والغازية، كعادة دأبه على الهيمنة والسيطرة".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "الاحتلال الإسرائيلي طبيعته قائمة على العدوانية الدائمة، والموقف الأمريكي ليس جديدًا، فعلى الرغم من قيام واشنطن بدور الوسيط، إلى أن هناك مآرب معينة لتحقيق الغلبة للموقف الإسرائيلي، والانحياز الأمريكي واضح ولا يحتاج إلى دلائل، فدائمًا موجود لتحقيق مصالح إسرائيل في أي موقف، فهناك تماهي في العلاقة بينهما".
وتابع: "لبنان متمسك بحقه الذي انطلق من مقاربته في هذه المفاوضات، ويملك كل الوثائق والأدلة استنادًا إلى قانون البحار وإلى كافة المواثيق والأعراف الدولية التي تؤكد هذه الحقوق، لكن يواجه عدوًا دائمًا يتنصل من كل ما له علاقة بالقيم والأخلاق والمواثيق والقرارات، ومن المتوقع أن يستمر على هذا النهج لكن لبنان لن يتخلى عن حقوقه".
واستطرد: "كما استطاع لبنان الوصول إلى تفهم الإطار الذي وضع أساس للمفاوضات، سيستمر على نفس النهج والمسار إلى أن يصل لحقوقه، ولن تؤثر الضغوط أو سياسات التهويل التي اعتدنا عليها لسنوات طويلة".
مفاوضات معقدة
من جانبه قال الناشط السياسي اللبناني أسامة وهبي، إن "تأجيل المفاوضات بين إسرائيل ولبنان لا يعني فشل أمريكا في الوساطة، المفاوضات معقدة جدا وربما تأخذ سنوات طويلة".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "الوفد اللبناني رفع سقف التفاوض إلى حده الأقصى بعدما كان التفاوض على 863 كيلومترا، رفع الوفد مطالبه للتفاوض حول 2130 كيلومترا، وهذا مثل مفاجأة للعدو الإسرائيلي وأثار غضبه واستنكاره بأن لبنان غير أقواله والأرقام التي وافق عليها بحسب العدو".
وتابع: "الجانب البناني ملتزم بهذا السقف، وأعتقد أن تأجيل الجلسة يأتي في سياق الضغط على لبنان واستخدام نفس الأساليب التي استخدمتها أمريكا في مفاوضات اتفاق الإطار، وفي الفترة المقبلة سيتم الضغط على لبنان من جهة الأزمة الاقتصادية والضائقة المعيشية والوضع المتردي".
وأنهى حديثه قائلًا: "أعتقد أن لبنان لا يمكن أن يتنازل عن حقه في مياهه الإقليمية والضغوط التي تمارسها أمريكا ليست جديدة، ولكن لبنان في وضع صعب ومحرج، وهو الحلقة الأضعف، والوضع الداخلي لا يسمح بالصمود طويلا ربما الوفد لن يتنازل لكن الضغوط في الداخل ربما تجبره على التنازل أو الذهاب لخيارات أخرى غير واضحة المعالم".
وتتعلق المفاوضات أساسا بمساحة بحرية تمتد على حوالي 860 كيلومترا، بناء على خريطة أرسلت في 2011 إلى الأمم المتحدة، إلا أن لبنان اعتبر لاحقا أنها استندت إلى تقديرات خاطئة.
ويطالب لبنان خلال جلسات التفاوض بمساحة إضافية تبلغ 1430 كيلومترا تشمل جزءا من حقل "كاريش" الذي تعمل فيه شركة إنرجيان اليونانية، بحسب ما قالت مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لوري هايتيان لوكالة "فرانس برس".
وكان من المقرر أن تعقد جولة خامسة من المفاوضات بين الوفدين اللبناني والإسرائيلي في رأس الناقورة جنوبي لبنان، غدا، 2 ديسمبر/ كانون الأول.
ويتوقع خبراء أن تستغرق مفاوضات ترسيم الحدود أشهراً عدة قد تتعدى الستة، لا سيما وأن إسرائيل لا تعترف سوى بـ 860 كم مربعا من المنطقة البحرية المتنازع عليها مع لبنان.