قالت أسماء الحسيني الباحثة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، الطريق المسدود الذي وصلت إليه مفاوضات سد النهضة في ظل الوساطة الأفريقية ليس نهاية المطاف، والدول المتضررة من التعنت الإثيوبي وهي مصر والسودان في ظل تلك القضية الخطيرة أمامها العديد من الوسائل للدفاع عن المصالح الحياتية للشعوب والمتمثلة في المياه بالنسبة لمصر.
وساطات أخرى
وأضافت لـ"سبوتنيك"، "إذا كانت الوساطة الإفريقية عجزت عن إحراز تقدم في هذا الملف فيمكننا إيجاد وساطات أخرى لها علاقة بالأزمة، وخلال القمة الإفريقية- الروسية عرضت روسيا الوساطة لحل الأزمة، لكن واشنطن استبقت تلك الوساطة الروسية وتوسطت في القضية، لكن الجانب الإثيوبي أفشل تلك الوساطة، والآن الأوراق تختلط وهناك قضايا أخرى دخلت على الخط مثل مسألة الحدود بين السودان وإثيوبيا والوضع المتأزم بين الجانبين، واستمرار الأزمة الحالية سيكون لها انعكاسات خطيرة على ملفات أخرى تتشابك وتشتبك معها".
البدائل المتاحة
وأشارت إلى أن "مصر والسودان لديهم الآن بدائل يتم التشاور حولها بعد توقف جولة المباحثات السداسية الأخيرة، كما يتم التشاور أيضا مع العديد من الدول الصديقة في العالم، وقد سبق أن رفعت مصر مذكرة بشأن تعثر المفاوضات إلى مجلس الأمن الدولي ويمكن إعادة هذا الأمر مرة أخرى أو يتم الرفع إلى دوائر أوسع، فالطرف الذي سوف تمس حقوقه وهو مصر، سوف يضطر لأخذ إجراءات بشكل أوسع من ذلك، وسوف يظل سد النهضة مهدد للأمن والاستقرار في المنطقة إن لم يكن هناك تعاون بين السودان ومصر لإنهاء الأزمة وتحويل الملف إلى التعاون وليس الصراع بين الدول الثلاث".
الانسحاب هو الحل
من جانبه قال خبير التفاوض السوداني الدكتور أحمد المفتي، "لا توجد وساطات أقوي من أمريكا والبنك الدولي والتي دخلت على ملف الأزمة سواء بشكل منفرد في واشنطن أو من خلال الاتحاد الأفريقي ومع ذلك لم يكن هناك أي تقدم في ملف مفاوضات سد النهضة".
وأضاف لـ"سبوتنيك"، "البديل الوحيد في رأيي هو الانسحاب من إعلان المبادئ لسنة 2015، لجعل كل أعمال سد النهضة حتى الآن غير مشروعة، ورفع الأمر لمجلس الأمن بموجب الفصل السابع".
يذكر أن وزارة الخارجية المصرية قد أعلنت أن الاجتماع السداسي الذي عقد، في 10 يناير/كانون الثاني الجاري، لبحث أزمة سد النهضة أخفق في تحقيق أي تقدم، فيما قال السودان إنه "لا يمكن الاستمرار فيما وصفه بـ"الدائرة المفرغة" من المباحثات الدائرية إلى ما لا نهاية بالنظر لما يمثله سد النهضة من تهديد".
وكشفت الحكومة السودانية، اليوم الأحد 24 يناير/كانون الثاين، عن تهديد مباشر لـ"سد النهضة"، موجهة رسالة حازمة إلى إثيوبيا، بأن السودان لن يسمح بملء وتشغيل السد دون اتفاق قانوني ملزم يؤمن سلامة منشآته وحياة السودانيين.
وأكد وزير الموارد والري السوداني، ياسر عباس، خلال اللقاءات التي نظمتها الوزارة للسفراء الأجانب المعتمدين بالخرطوم، لشرح موقف السودان من سد النهضة، أن "هناك تهديدًا مباشرًا لسد النهضة الإثيوبي على خزان الروصيرص الذي تبلغ سعته التخزينية أقل من 10% من سعة سد النهضة".
وشدد ياسر عباس، على أنه "لا يمكن الاستمرار في هذه الدورة المفرغة من المباحثات إلى ما لا نهاية"، مشيرا إلى "فشل آخر جلسة مفاوضات بين الدول الثلاث في التوصل لصيغة مقبولة لمواصلة التفاوض".
وأكد الوزير السوداني، "أن الحرب ليس خيارا، والجانب السوداني بدأ منذ وقت مبكر تحركا دبلوماسيا لوضع المجتمع الدولي أمام مسؤوليه من الوعيد الإثيوبي وتهديدها لحياة نصف سكان السودان على النيل الأزرق"، مشددا على أن بلاده تتمسك بالحل الإفريقي لأزمة سد النهضة الإثيوبي، مطالبًا المجتمع الدولي بإقناع أديس أبابا بالتراجع عن موقفها.
وكانت الحكومة السودانية، حذرت يوم الاثنين الماضي، من الملء الثاني لـ"سد النهضة" الإثيوبي قبل التوصل لاتفاق مع مصر وإثيوبيا.
وأكد مجلس الوزراء السوداني، في بيان له، أن "السودان لا يقبل بفرض سياسة الأمر الواقع وتهديد سلامة 20 مليون مواطن سوداني تعتمد حياتهم على النيل الأزرق"، مشددا على "موقف السودان المبدئي المتمثل في ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة يحفظ ويراعي مصالح الأطراف الثلاثة".