هل استعاد "داعش" قدراته في سوريا؟
يرى مراقبون أن تنظيم "داعش" يخضع لإدارة دولية، تقوم بتحريكه في التوقيت الذي تريد وتستخدمه وفق تطورات الأوضاع على الأرض.
فعودة التنظيم في العراق بقوة في الفترة الأخيرة تزامنا ومطالبة البرلمان برحيل القوات الأجنبية، أما في سوريا فربما تكون رسائل إلى روسيا، بأن هناك من يحرك أوراق اللعب.
وفي كل الأحوال، يمكن أن يتحور تنظيم "داعش" إلى شكل آخر بعيدا عن الأشكال التقليدية المعروفة للتنظيمات، الأمر الذي يشكل خطورة أكبر على العالم.
يقول الخبير السوري في شؤون التنظيمات المسلحة، الدكتور حسام شعيب: "إن إعادة إحياء تنظيم "داعش" في سوريا خلال الأسابيع الماضية، يدل على أن هناك خطة أو ذريعة من أجل بقاء القوات الأمريكية في المنطقة وتحديدا في سوريا والعراق".
وأضاف شعيب في حديثه لوكالة "سبوتنيك" إن "عودة التنظيم للعمل يدل على أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد الضغط على الحكومات في كل من سوريا والعراق كي ينشغلا بمكافحة الإرهاب ويكون هناك ضغطا عسكريا واقتصاديا يمارس عليها، ولو تتبعنا الخارطة الجغرافية لرأينا تركيز تنظيم "داعش الإرهابي" (المحظور في روسيا وعدد من دول العالم) على البادية اليمنية وعلى الحدود بين العراق وسوريا، وهذا يدل على أن من أهداف هذا التنظيم أو القائمين عليه، ألا يكون هناك تواصل تجاري أو اجتماعي فيما بين دمشق وبغداد، وبالتالي ضرب المقدرات الاقتصادية خصوصا المتعلقة بالآبار النفطية والزراعة والقمح في البادية".
وأشار شعيب إلى أن "إعادة إحياء تنظيم "داعش الإرهابي" (المحظور في روسيا) قد يكون رسالة إلى روسيا باعتبارها موجودة في سوريا، كي تكون هناك حالة من الذعر والهلع من خلال إحياء الخلايا النائمة للتنظيم الإرهابي، وقد رأينا مؤخرا أن هناك تهديدات، وهو ما دفع روسيا للقفز على المتطرفين الذين كانوا يخططون لعمليات إرهابية، على أساس أن هذا التنظيم هو حلقات مترابطة فيما بينها، وبالتالي مركز الانطلاق أصبح الآن في سوريا بعد أن كانت القاعدة سابقا في أفغانستان، حيث يلاحظ أن التنظيم يريد التركيز على بداية انطلاقه جديدة، وتكريس فكرة البقاء الأمريكي في عموم المنطقة".
وأكد الخبير في التنظيمات المسلحة أن "عودة التنظيم ليس بالضرورة أن تكون بنفس الشكل والمظهر السابق، بأن يكون هناك قوات وجيش منظم كما رأينا ذلك في الرقة ومناطق أخرى في العراق وسوريا، فمن الممكن اليوم أن يتخفى التنظيم في هيئات رسمية أو أن يكون مزروعا في المجتمعات على شكل خلايا، فلو تتبعنا سلوك التنظيم في الفترة الأخيرة في العراق وسوريا نجد أنه يقوم بعمليات مباغتة مثل استهداف أو قنص دوريات للجيش السوري من خلال أعمال انفرادية ولا يقوم بهجوم منظم، هذا بجانب تخلي التنظيم عن العرض الإعلامي واتباع طرق جديدة في التفكير وتنفيذ الأهداف".
ورقة ضغط
من جانبه يقول المحلل السياسي العراقي، الدكتور عادل الأشرم إن "المعطيات الموجودة على الأرض في العراق وسوريا توحي بأن هناك سيناريو معد للمنطقة، وبات معروفا اليوم أن هذا السيناريو مرتبط بأجهزة إقليمية ودولية، "وبالتالي فإن تنظيم داعش الإرهابي له علة لدى الجهات الدولية التي صنعته لتحقيق مصالحها وإرباك الوضع في المنطقة، حيث تستخدم داعش كورقة للضغط على بعض الجهات أو الدول وهذا ما يبدو للمراقبين الآن".
وأضاف الأشرم لـ"سبوتنيك" أن "توقيت ظهور التنظيم (المحظور في روسيا) الآن والعمليات الإجرامية له، ويتم الإعلان في الإعلام أن التنظيم موجود يعطي انطباعا واضحا عما يتم التدبير له، حيث كان يعمل على التنظيم من خلال المليشيات طوال الفترة الماضية، والتي ثبت بالدليل القاطع من خلال عمليات تحرير العراق أنها كانت تتواطأ مع الكثير من عناصره، لذلك هى اليوم تحرك تلك العناصر من أجل إرباك الوضع، خصوصا أن العراق مقبل على انتخابات وهناك تذمر من بعض الجهات الإقليمية".
تواطئ حكومي
وتابع الأشرم أن "السيناريو الذي حدث قبل عدة أيام من تفجيرات كبيرة في العاصمة العراقية بغداد كان مهيأ له من قبل، كالحالة التي سبقت ظهور التنظيم في العام 2014، حيث شوهد بالدليل القاطع أن هناك تحركات مريبة لبعض العناصر الإجرامية، كانت تؤكد أن هناك عملا ما يتم الإعداد له في هذا التوقيت، وذلك قبل حدوث الانفجارات".
وأشار الأشرم إلى أن "الأجواء الحالية شبيهة بما حدث في العام 2014 من خلال المعطيات على الأرض، ونعني بتلك المعطيات أن هناك تواطئا حكوميا وميليشياويا وأيضا تواطئا دوليا من جانب الجهات الفاعلة على الأرض مع تلك التنظيمات الإرهابية، وهي من تسمح لها بأن تتوغل داخل النسيج المجتمعي والجغرافي وأيضا من ناحية دخولها إلى النسيج الأمني وتلك هي الخطورة الأكبر".
الوضع الميداني
وأوضح الأشرم أن "التنظيم على الأرض هو أضعف ما يكون لأنه مرفوض شعبيا وجغرافيا واجتماعيا، وهو ما يؤكد أن الجهات النافذة غير الرسمية المتواجدة على الأرض هي من يحرك تلك الورقة وتهيئ لها الأجواء وبالتالي تسمح بعودتها مجددا حتى تحقق كثيرا من مصالحها، حيث استخدمت هذا التنظيم في ضرب الوحدة العراقية وأيضا في ضرب الوحدة السورية واستخدمتها في تحقيق مصالح لدول إقليمية لكي تهيمن على الأرض العراقية السورية وهى إيران".
وأكد الأشرم أن "استخدام التنظيم اليوم، على مستوى العراق فمن مصلحة إيران إرباك الوضع وتعطيل الانتخابات وإعادة تدشين الواجهة السياسية بعد العام 2003، وترسل رسائل للمجتمع العراقي من أجل عدم السماح بظهور وعي اجتماعي مشترك والذي أرسته ثورة تشرين عن طريق تحريك هذا التنظيم".
ولفت المحلل السياسي، الأشرم، إلى "أنه تم الإبقاء على الكثير من عناصر التنظيم بعد عملية التحرير والتي تمتلك تاريخ أسود من الإجرام وتم زجها في الحشود العشائرية والجهات الأمنية المسؤولة، حيث أن بعض الموالين للتنظيم من المسؤولين ولدى كبار الوزراء الكثير من الارتباطات مع هذه العناصر الإجرامية، إذا هم أبقوا تلك العناصر ليحركوها وقتما شاؤوا، وخلال السنوات الأربع الماضية كان هناك تحجيم لهذا التنظيم والدور الإيراني المرادف له، والآن تبدلت الإدارة الأمريكية، ويبدو أن هناك توافق كالذي حدث في عهد أوباما".
تكاتف إقليمي ودولي
ودعا الأشرم الشعب العراقي والدول العربية والمجتمع الإقليمي والدولي المحب للسلام وجميع من يريد التصدي لهذا الإجرام أن يأخذ هذا الأمر بجدية، وتكون هناك نظرة عربية جماعية مدعومة بقرارات دولية مهمة للتصدي لهذه الظاهرة التي تريد نسف تلك الدول من أساسها.
واستطرد الأشرم: "عودة التنظيم هذه المرة ربما لا يكون بنفس الشكل السابق، فقد يتم استخدام بعض المسميات والعناوين، لكن تظل الأداة والهدف واحد من حيث التدمير والاستهداف، الخطورة ليست في تغيير الأسماء والأشخاص بقدر تعلقها بالهدف من هذا الإجرام، علاوة على أن قوة التنظيم وضعفه مرتبط بالأجهزة العامة للدولة والمكونات التي تعمل خارج نطاق الجيش والشرطة".