ما هي مخاوف البرلمان العراقي من إقرار قانون النفط والغاز كما نص عليه الدستور؟

قانون النفط والغاز المركزي كان من المفترض أن يتم إقراره منذ السنة الأولى لإقرار الدستور العراقي، عام 2005، إلا أن الحكومات العراقية المتعاقبة وبتشجيع من القوى السياسية المشكلة لها، تمهلت في إقراره، مثل غيره من القوانين، التي رسم الدستور العراقي ملامحها الرئيسة، وترك للبرلمان سلطة إقرار تفاصيلها عبر قوانين خاصة.
Sputnik

وتصاعدت خلال الأشهر الماضية المؤشرات الدالة على أن القوى السياسية العراقية ذاهبة إلى حسم أهم الملفات الخلافية بين الحكومة الاتحادية المركزية ونظيرتها في إقليم كردستان العراق، عبر سعي البرلمان المركزي إلى إقرار قانون النفط والغاز المركزي، الذي كان مقررا في العام 2019، حيث تحدد من خلال القانون مختلف مستويات سلطة الطرفين على الثروة النفطية في مختلف مناطق البلاد، بما في ذلك إدارة الحقول وحقوق التعاقد مع الشركات الأجنبية والاستخراج والتصدير، التي تشكل واحدة من أشد الملفات الخلافية بين بغداد وأربيل.

وزير النفط العراقي: عدم التزام إقليم كردستان بالتخفيض له مبرراته ونحاول حل المشكلة
يقول الخبير الاقتصادي العراقي، الدكتور رحيم الكبيسي: "إن قانون النفط والغاز الذي تناولته وسائل الإعلام مؤخرا، هو قانون تمت الإشارة إليه في الدستور، حيث أن النفط ملك لجميع أبناء الشعب العراقي، والسؤال هل هذا القانون للآبار الموجودة قبل العام 2003 أم التي تم اكتشافها بعد هذا التاريخ، هذا صراع كبير ولا أعتقد أن يكون هناك قانون، لأننا أمام الفصل التشريعي الأخير في البرلمان، وحتى الآن لم يتم المصادقة على الموازنة العامة للبلاد، وبالتالي سوف يمرر هذا القانون إلى المجلس القادم".

لا مجال لمناقشته

وأضاف لـ"سبوتنيك": "هناك الكثير من القوانين المعطلة أمام البرلمان الذي لم يتبق من عمره سوى القليل، وهو ما يجعل الحديث عن إصدار القانون الجديد للنفط في تلك الفترة الزمنية القصيرة طموح غير واقعي، علاوة على ذلك فإن إصدار القوانين أو الموافقة عليها يخضع للمحاصصات بين الأحزاب السياسية التي تمسك بزمام الأمور منذ العام 2003 وحتى الآن".

صراع بغداد وأربيل

وتابع الكبيسي: "الصراع الآن يتمثل في أن الأشقاء في كردستان العراق يريدون السيطرة على آبار النفط الموجودة في شمال العراق ومنها نفط كركوك، وكما تعلم أن مشكلة كركوك لم تحل حتى الآن، ويتحدث البعض عن المادة 140 التي تختص بالملفات العالقة بين بغداد وأربيل، وكذلك المادة 142 الخاصة بتعديل الدستور".

إقليم كردستان يرفض تسليم عائداته من النفط وغيره للحكومة العراقية
وواصل "طالما تم تحديد مدة زمنية لتلك التعديلات، بعد انتهاء تلك المدة لن ترى تلك القوانين النور طالما بقيت تلك الطبقة السياسية تتحكم في زمام ومقاليد الأمور، فعندما لا تكون تلك الطبقة موجودة وتحل محلها طبقة مهنية تقود البلاد، عند ذلك يكون النفط تحت يد السلطة المركزية ويوزع على جميع المحافظات بالتساوي".

وأوضح الخبير الاقتصادي: "على سبيل المثال نجد أن هناك محافظات بها كميات كبيرة من النفط مثل البصرة التي تنتج أكثر من 2.5 مليون برميل نفط وهناك أيضا نفط في الناصرية، ومع ذلك أكثر من 50% من سكانها تحت خط الفقر".

تنظيم الصلاحيات

وقال النائب في البرلمان العراقي أمين بكر: "رغم الحديث من جانب الكتل والأحزاب السياسية عن القانون الجديد للنفط والغاز، وأنه قد يكون الحل لكل المشاكل المتعلقة بموضوع إدارة النفط بين الإقليم والحكومة الاتحادية، أرى أن مثل هذا القانون سوف يكون محل خلاف كبير، لأنه في ظل هذا القانون يجب أن تنظم صلاحيات كل طرف في إدارة الملف النفطي".

وأضاف لـ"سبوتنيك": "هناك خلاف عميق بين بغداد وأربيل حول تصور كيفية إدارة ملف النفط والغاز، لذا فإن هذا القانون سيعقد المشاكل، وكان يفترض أن نصل من البداية إلى اتفاق حول تنظيم الصلاحيات، ثم على أساس هذا الاتفاق المبدئي يتم تشريع قانون إدارة النفط، وطالما هناك اختلافات في أصل الاتفاق، فلن نصل إلى قانون يمكن قبوله". 

نائب عراقي: حكومة كردستان في ذمتها 120 مليار دولار يجب تسليمها إلى بغداد
وتتهم حكومة إقليم كردستان طوال السنوات الماضية، القوى السياسية العراقية المركزية بأنها تتقصد عدم إقرار كثير من القوانين الاتحادية التفسيرية للمواد الدستورية الرئيسة، مثل قانون المجلس الاتحادي، الذي من المفترض أن يشكل غرفة تشريعية نظيرة للبرلمان، وأكثر تمثيلا للجماعات والجهات العراقية، وكذلك قانون النفط والغاز، الذي يشير الدستور العراقي إلى أن يكون تشاركياً بين السلطات المركزية والإقليمية، وتذهب تفسيرات القوى الكردية لهذا التباطؤ من القوى المركزية العراقية إلى أنها ناتجة من مسعاها إلى الاستحواذ على الحقوق الدستورية للقوى الطرفية في الثروة الوطنية.

وكانت العلاقة بين الطرفين تسيرعلى وتيرة توافقية، إلى أن مالت القوى السياسية الكردية عام 2014 إلى تنفيذ قراءتها الخاصة لمواد الدستور العراقي المتعلقة بالشأن النفطي، واعتبرت أن الدستور يمنحها سلطة التعاقد مع الشركات العالمية واستخراج النفط من مناطقها وتصديره إلى الخارج.

دفعت تلك الإستراتيجية حكومة رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي إلى اتخاذ قرار محكم بالحجر على حصة إقليم كردستان العراق من الميزانية المركزية، والتي كانت تقدر بـ17 في المئة من مجموعها. وبقي ذلك الحجر مستمرا إلى أن أقرت الحكومة الحالية إفراجا نسبيا عن ميزانية الإقليم، متمثلا بدفع قرابة نصف رواتب موظفي إقليم كردستان، على أن تقوم هذه الأخيرة بتسليم كمية ربع مليون برميل نفط يوميا لشركة التصدير الحكومية العامة "سومو".

مناقشة