الرباط- سبوتنيك. وبحسب الخبراء فإن "تجار المخدرات" يمثلون أحد أهم التحديات أمام الخطوة التي تعتزم الحكومة القيام بها، خاصة أنهم يعتمدون على الزراعة غير المقننة وبيعها.
ويرى الخبراء أن التقنين يساعد الفلاحين في منطقة جبال الريف على تقنين أوضاعهم الاقتصادية وكذلك الحد من عمليات السجن التي تطال الكثيرين منهم بسبب عدم قانونية الزراعة التي تمارس هناك.
وبحسب القانون، "فإنه يشترط الحصول على رخصة زراعة القنب الهندي، التي تسلمها الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بـ"الكيف"، حيث يمكن للمزارعين الانخراط في زراعته، مع وجوب تسليم محاصيله إلى شركات التصنيع والتصدير، كما أنه يفرض عقوبات لردع المخالفين لتوجهات الدولة".
كما يمكن للحكومة أن تحدد لاحقا، من خلال مرسوم وطني، الأقاليم المعنية بزراعة وإنتاج القنب الهندي، بعد حصول الأفراد على الترخيص.
ويقدر عدد المطاردين والمتابعين على النحو القضائي في قضايا مرتبطة بزراعة القنب بنحو 30 ألفا شخص، بحسب الخبراء.
فالحديث عن تقنين "القنب الهندي" (الكيف) في المغرب طرح عدة مرات في سنوات سابقة، حيث قدم حزب "الأصالة والمعاصرة" مقترح قانون في مجلس النواب في 2014، لكن لم يتم التجاوب معه من قبل الحكومة.
كما قدم حزب "الاستقلال المغربي" أيضا مقترح قانون مماثل في 2013، يدعو رفع التجريم عن زارعة القنب الهندي ولكنه رفض من قبل الحكومة.
من ناحيته، قال الدكتور محمد الغالي أستاذ العلوم السياسية المغربي، في حديثه لوكالة "سبوتنيك"، "إن اتجاه المملكة يجد سنده في إخراج زراعة القنب الهندي من طور غير مشروع غير شفاف، إلى طور مشروع أكثر شفافية، يسمح باستغلال جوانبه المضيئة التي تتعلق بالاستغلال المشروع في مختلف المجالات الصناعية خاصة الطبية".
وأوضح الغالي "بأن الخطوة تهدف أيضا إلى عزل الاستعمالات غير المشروعة التي قادت الى استغلال فاحش، وأكثر شراسة وفتكا بحقوق الناس، نتيجة المنع الذي لم يكن عادلا".
وأضاف: "أن جعل زراعة القنب الهندي مباحة في مناطق محددة، ومحصورة بموجب ترخيص تسلمه وكالة متخصصة، يساهم في تقنين الأمر في حدود الكميات الضرورية لتلبية احتياجات إنتاج المواد لأغراض طبية وصيدلية وصناعية".
ويرى الغالي "أن الترخيص للمزارعين يؤدي إلى ضرورة انخراطهم في تعاونيات، مع إجبارية استلام المحاصيل من طرف شركات التصنيع والتصدير المختصة المرخص لها مع تحدي العقوبات التي سيضعها القانون للمخالفين سيكون له المزيد من الفوائد".
في ذات الإطار قال الكاتب المغربي يوسف الحايك: "إن توجه المغرب نحو تقنين زراعة القنب الهندي كانت خطوة متوقعة".
وأضاف الحايك في حديثه لـ"سبوتنيك"، :أنه من مؤشرات هذا التوجه تصويت المغرب، قبل أشهر، بالإيجاب على إعادة تصنيف لجنة المخدرات بالأمم المتحدة من فئة "الأكثر خطورة" إلى الفئة "الأقل خطورة"، وفتح باب استعمالها الطبي، وقبلها إنجاز مجلس جهة طنجة تطوان التي تعد النطاق الجغرافي الرئيس لزراعة هذه النبتة للدراسة الخاصة بتثمين النبتة".
كما يرى الحايك "أنه من شأنه وضع نقطة نهاية لعقود من المتابعات القضائية في حق أبناء منطقة الشمال".
إضافة إلى جانب جدواها الاقتصادية، فإن التأطير القانوني لزراعة النبتة سيقطع الطريق على أباطرة المخدرات والمهربين من الوضع الراهن.
من ناحيته قال الدكتور عبد الإله الخضري الحقوقي المغربي، إن القانون الجديد، الذي تم إرجاء المصادقة عليه من طرف الحكومة المغربية، قد يفتح بارقة أمل من أجل رفع مظاهر الغبن والإقصاء والخوف والابتزاز التي يعاني منها مزارعو القنب الهندي منذ عقود من الزمن بحسب نص قوله.
وأضاف الخضري في حديثه لـ"سبوتنيك"، "أن مزاولة تلك الزراعة بشكل مقنن والحصول على الرخصة، يعد خطوة إيجابية، إلا أنه يظل التوجس قائما وبقوة في كيفية تنزيل المشروع على أرض الواقع".
ويرى الخضري "أنه بالتوازي مع تنزيل القانون يجب إصدار عفو عام على آلاف المزارعين الذين يعتبرون حاليا في عداد المبحوث عنهم قضائيا، بتهمة زراعة القنب الهندي".
وأشار الخضري "إلى أن المزارعين في المنطقة لا يعملون جميعا في زراعة القنب، وهو ما يتطلب العمل على تنمية المنطقة من خلال جلب مشاريع فلاحية مبتكرة، ملائمة لخصوصيات تلك المنطقة جغرافيا ومناخيا".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" أن تجار المخدرات سيشكلون تحديا حقيقيا إزاء مساعي الحكومة لتقنين زراعة القنب الهندي، وأنهم سيعملون على استغلال ثغرات المراقبة والرصد، ولن يدخروا جهدا في إغراء الفلاحين وغوايتهم.
وتابع أن هذه التحديات تواجه نجاح الحكومة المغربية في مشروعها الاستراتيجي وأنها ليست بالهينة.
وبحسب جريدة "هسبريس" المغربية، فقد نص مشروع القانون على إخضاع كافة الأنشطة المتعلقة بزراعة وإنتاج وتصنيع ونقل وتسويق وتصدير واستيراد القنب الهندي ومنتجاته لنظام ترخيص.
وينص المشروع كذلك على خلق وكالة وطنية يعهد إليها بـ "التنسيق بين كافة القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والشركاء الوطنيين والدوليين من أجل تنمية سلسلة فلاحية وصناعية تعنى بالقنب الهندي مع الحرص على تقوية آليات المراقبة".