وتقدمت مجموعة من نواب البرلمان الموريتاني، بشكوى إلى وكيل الجمهورية بمحكمة نواكشوط الغربية، ضد الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز اتهموه فيها بـ"القذف والتشهير"، ووقعت العريضة من طرف أغلب نواب البرلمان.
وكان ولد عبد العزيز قد اتهم النواب بتلقي رشوة مقابل تشكيل لجنة التحقيق البرلمانية التي فتحت ملفات فساد سنوات حكمه للبلاد.
وقال نواب إن "الرئيس الموريتاني السابق يسعى لتسييس قضيته، ومحاولة إيهام الرأي العام بأنه الوحيد الذي يمثل المعارضة، وأن التحقيقات الجارية بشأنه فقط من أجل الانتقام منه بسبب موقفه المعارض للنظام الحالي".
صراع جديد
ونقل موقع "صحراء ميديا"، عن مصادر برلمانية قولهم إن الشكوى سلمت بالفعل إلى وكيل الجمهورية، وتتهمه بالقذف حين "اتهمنا بالرشوة".
وأضافت المصادر أن الشكوى التي سلمت إلى وكيل الجمهورية كانت معززة بنسخة من مقابلة ولد عبد العزيز مع صحيفة "جون أفريك".
وكانت تصريحات الرئيس السابق قد أثارت غضب الفرق البرلمانية التي أصدرت بيانا الأسبوع الماضي قالت فيه إن على لرئيس السابق "إثبات اتهامه لهم بالرشوة أو نيل العقاب".
ووقع البيان من طرف؛ رئيس فريق حزب الاتحاد من أجل الجمهورية جمال ولد اليدالي، رئيس فريق الميزان الدان ولد عثمان، رئيسة فريق حزب تواصل أنيسة با، رئيس فريق تكتل القوى الديمقراطية واتحاد قوى التقدم عبد الرحمن ولد ميني، رئيس فريق حزب الصواب والتحالف الشعبي التقدمي والتحالف من أجل الديمقراطية والعدالة عبد السلام ولد حرمه.
تسييس متعمد
يحيى أحمد الوقف، النائب في البرلمان الموريتاني، ومقرر لجنة التحقيق النيابية، اعتبر أن ما يحدث بين الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز ومجلس النواب لا يمكن وصفه بتبادل التهم، حيث أن الجمعية الوطنية هي من أحالت التقرير للعدالة وأتهمت الرئيس السابق.
وأكد في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الرئيس الموريتاني السابق وفي غياب الحجج التي يمكن أن يدافع بها عن نفسه، يحاول تسيسس ملفه القضائي، وذلك عبر اتهام بعض نواب البرلمان بالرشوة.
وكشف أن رؤساء الفرق البرلمانية قرروا تقديم عريضة وشكوى للعدالة بحق الرئيس السابق، للتحقيق في قضايا الرشوة التي تحدث عنها، واتخاذ الإجراءات المترتبة على ذلك.
حراك برلماني
في السياق ذاته، اعتبر النائب في البرلمان الموريتاني، الدكتور أباب ولد بنيوك، أن اتهامات الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز هي في الحقيقة سابقة من نوعها في حق نواب الشعب وممثلوه.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، خلقت هذه الاتهامات انسجاما كبيرا بين الأغلبية والمعارضة، وحراكا برلمانيا قويا باتجاه مقاضاته بتهم التشهير بالنواب واتهامهم بتلقي الرشوة وتضليل للرأي العام.
وعن الاتهامات التي ساقها الرئيس السابق، قال: "كيل التهم التي وجهها للبرلمان والحكومة وللرئيس الحالي يندرج في إطار الرسالة التي يحاول تقديمها للرأي العام الداخلي والخارجي".
وتابع: "هذه الرسالة تقول بإنه الوحيد اليوم الذي يمثل المعارضة بخطابها وببرنامجها وكل ما يتعرض له إنما هو استهداف بفعل مواقفه السياسية المعارضة للنظام الحالي".
وقبل أيام قال الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز إن البلد يتعرض لمؤامرة خطيرة بين النظام والمعارضة ضحيتها الشعب الموريتاني الضعيف.
وأضاف ولد عبد العزيز في مؤتمر صحفي أن لجنة التحقيق البرلمانية التي اتهمته بقضايا فساد مالي "لا تستند على أي دليل قانوني.... والتهم الموجهة له لا أساس لها وملفقة".
وتابع: "أحظى بالحصانة ولا أحد يستطيع محاكمتي، ولم استغل أموال الدولة ولم اختلس فلسا وعملت طوال مسيرتي المهنية على تحقيق مصالح موريتانيا".
وأكد أنه تعرضه للاستهداف من طرف "جهة وقبيلة" دون أن يسميها وقال: "عندما ينظر إلى الأشخاص الذين يوجدون حاليا في الواجهة سنجد أنهم من هذه الجهة والقبيلة بكل بساطة".
ودافع الرئيس السابق ولد عبد العزيز عن طريقة تسييره للدولة خلال فترة توليه الحكم من 2009 إلى 2019، وقارن بينها وبين الفترة الحالية وأكد ان موريتانيا تعاني حاليا من تدهور كبير على جميع المستويات بسبب زيادة ميزانيات التسيير وانتشار الفساد والمحسوبية.
وهاجم ولد عبد العزيز في جل فترات المؤتمر الصحفي الذي حضرته عائلته وأنصاره النواب الذين شكلوا لجنة للتحقيق في فترة حكمه (2009 - 2019) واتهمهم بمعاداة مصالح الشعب والبحث عن إرضاء آخرين.
واعترف الرئيس السابق أنه نفذ انقلاب 2005 ضد الرئيس معاوية ولد الطايع، ولم يطمع في السلطة بل رجع إلى صفوف الجيش.
وأكد أنه عيّن الرئيس الحالي محمد ولد الغزواني قائدا لأركان الجيش لمدة عشر سنوات ثم وزيرا للدفاع من أجل أن يتمرس على تسيير البلاد، مشيرا إلى أن "الرئيس الحالي يعرف أنه لم يختلس ولم يستخدم أموال الدولة لأمور شخصية".
ومنعت السلطات ولد عبد العزيز من عقد المؤتمر الصحفي بمنزله لأنه من ضمن المحجوزات التي قرر القضاء مصادرتها، فاضطر إلى نقل المؤتمر الصحفي لمقر حزب "الرباط من أجل الحقوق".
ويحاكم القضاء الموريتاني الرئيس السابق بعشرات التهم من بينها الاختلاس وتبييض أموال وعرقلة العدالة واستغلال موارد الدولة، وبلغت قيمة المحجوزات التي صادرها القضاء أكثر من 2.9 مليار أوقية (80 مليون دولار) أغلبها أصول مالية في المصارف.