يرى مراقبون أن الأوضاع السياسية المضطربة في البلاد والطريقة التي تتم بها إدارة المشهد السياسي وسيطرة بعض الكتل على القرار السياسي لن تسمح بحل الملفات العالقة بين بغداد وأربيل قبل إجراء الانتخابات، من أجل استغلالها كورقة ضغط سياسية على الإقليم وأيضا لتحقيق الأهداف التي تريدها تلك الكتل بغض النظر عن المصلحة العامة للعراق، لذا فإن الوضع الراهن لا يمكن أن يتغير إلا بتغير التفكير من جانب تلك الكتل وتغليب المصلحة العامة على المصالح الحزبية والطائفية.
حلول جزئية
وقال أمين بكر في حديثه لـ"سبوتنيك"، إن "الأزمة المالية بين الإقليم وبغداد، لا تحل بطريقة موافقة الحكومة العراقي على إرسال دفعات من الاستحقاقات المالية على شكل السلف السابقة، بل يجب أن تحل مشكلة الموازنة بطريقة قانونية ملزمة".
وأشار بكر إلى أن "الحل الذي وافقت عليه الحكومة للتسوية مع أربيل، هو حل سياسي وليس قانوني ودستوري، وأن تلتزم بغداد بعد اللجوء مرة أخرى إلى معاقبة الإقليم وشعبه من خلال قطع حصتهم في الموازنة أو حجزها كما يحدث في السابق وحتى الآن، الأمر يجب أن يكون قانونيا ملزما".
أزمة متجددة
من جانبه يرى الدكتور عبد الرحمن نجم المشهداني، أستاذ العلاقات الاقتصادية الدولية المساعد بالجامعة العراقية، أن الأزمة بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان المتعلقة بالموازنة "متجددة" ولم تنهي، وأن ما تم مؤخرا بين الكاظمي ورئيس حكومة الإقليم، بشأن دفع جزء من المخصصات للإقليم بأثر رجعي حتى يناير الماضي، هى حلول جزئية.
وأضاف في حديث لـ"سبوتنيك"، "وفق المعلومات التي وصلتنا، هناك قسم من نواب البرلمان العراقي، يسعون إلى الطعن أمام المحكمة الاتحادية في البلاد ضد قرار الحكومة الخاص بتقديم سلف بأثر رجعي لإقليم كردستان عبارة عن 200 مليون دولار شهريا، بإجمالي 1,2 مليار".
وأشار إلى أن "هناك نص في الموازنة العامة ينص على أن يسلم الإقليم انتاجه من النفط إلى شركة "سومو" العراقية والإيرادات الأخرى تخصم من حساباته، وإن لم يسلم الإنتاج إلى الشركة يتم تقييمه بالسعر الذي تبيع به "سومو"، والأمر بحسبة بسيطة، أن العجز في حصة الإقليم والذي تطالب به بغداد هو 2.250 مليار دولار، وهنا سوف يحصلون وفق الاتفاق مع الكاظمي على 2.4 مليار دولار".
طعن برلماني
ولفت المشهداني، إلى أن "الحل الذي تعهدت به حكومة الكاظمي هو حل جزئي، وربما تتعمق جذور المسألة إذا ما طعن نواب البرلمان بتلك الإجراءات، التي اتخذتها الحكومة، وحتى إن لم يطعن النواب، لن تنتهي الأزمة بين الجانبين، لأن الحل الجزئي كان لمدة 6 أشهر بن أول العام الحالي إلى نهاية يونيو/حزيران الجاري، ومن المفترض أن يصدر بيان حكومة خلال الأشهر الـ 6 القادمة، يوضح الآلية التي ستتبعها الحكومة، وهل سوف تستمر في دفع 200 دولار شهريا، واعتقد أن هذا يرضي الإقليم لتكملة حصتهم بالموازنة العامة".
تبادل اتهامات
وقال النائب العراقي عن ائتلاف دولة القانون، عبدالاله النائلي، في وقت سابق، إن "حكومة إقليم كردستان في ذمتها أكثر من 120 مليار دولار يجب تسليمها إلى حكومة بغداد، قبل المضي في أي اتفاق بين الجانبين"، مشيرا إلى أن "هذه المبالغ تم تدقيقها وتوثيقها من قبل لجنة مشتركة شكلت في زمن حكومة رئيس مجلس الوزراء السابق، عادل عبد المهدي".
ونقلت وكالة "بغداد اليوم" عن عبد الإله النائلي، قوله إن "الكرد يطالبون بزيادة حصتهم في مشروع قانون الموازنة الاتحادية العامة للبلد لسنة 2021، وذلك على حساب المحافظات الجنوبية المنتجة للنفط والملتزمة في تطبيق القانون والدستور".
وتتطرق المادة 11 من مشروع الموازنة إلى حصة إقليم كردستان شمال العراق، وبحسب نص المادة يقوم الإقليم بتسليم 250 ألف برميل نفط يوميًا، مع إيراداته الضريبية لبغداد، مقابل حصوله نسبة قدرها 12.6 من الموازنة.
مستحقات الإقليم
أعلن رئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني، التوصل إلى اتفاق مع بغداد بشأن مستحقات الإقليم في الموازنة العامة للبلاد.
وقال بارزاني إنه تحدث مع مصطفى الكاظمي، رئيس وزراء العراق، بشأن المفاوضات المستمرة بين الطرفين لجعل العلاقة بين بغداد وأربيل أكثر وضوحا.
ونهاية العام الماضي 2020، أعلن إقليم كردستان العراق، الموافقة على بنود قانون "الاقتراض" الذي صوت عليه البرلمان العراقي، ويتضمن تسليم نفط الإقليم بواقع 250 ألف برميل نفط يوميا.
وتتركز الخلافات المالية والنفطية بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان في موازنة 2021، حول نسبة الإقليم المالية، وكميات النفط التي يصدرها بعيدا عن شركة تسويق النفط العراقية "سومو"، والتي يجدر به تسليمها ضمن الصادرات الكلية للبلاد.
يذكر أن العلاقة بين بغداد وإقليم كردستان العراق شهدت مراحل مختلفة من التوتر بعد سقوط النظام العراقي السابق عام 2003، وازداد التوتر خاصة بعد إجراء الإقليم استفتاء الانفصال، في 25 سبتمبر/ أيلول عام 2017.
وتتضمن الأزمة مشاكل عدة، على رأسها إدارة المناطق المسماة "المتنازع عليها" وفق المادة 140 من الدستور، وأبرزها كركوك التي تعتبر أغنى مدن العراق نفطيا، بالإضافة إلى إدارة المنافذ الحدودية، ومستحقات قوات البيشمركة والموظفين في الإقليم وحصته من الموازنة الاتحادية.