إذا، لماذا فشلت الحكومة في تنفيذ الترتيبات الأمنية في السودان؟
يرى الخبير العسكري والاستراتيجي السوداني، جلال تاور، أن: التفلتات الأمنية منتشرة في كافة أرجاء البلاد، ابتداء من الجنينة في دارفور مرورا بالفاشر وغيرها وصولا إلى بورتسودان، وحتى العاصمة الخرطوم لم تسلم من تلك الأحداث، المتمثلة في الخروج على القانون وظهور العصابات التي تحمل الأسلحة البيضاء وغيرها.
الترتيبات الأمنية
وأضاف لـ"سبوتنيك": "في الحقيقة هناك أحداث من وقت لآخر والأجهزة الرسمية تتصدى لها وهذا في الطبيعي، أما ما أثار الرأي العام هو ما حدث مؤخرا في مدينة الفاشر و شمال دارفور، نظرا لأنها المرة الأولى التي تشارك فيها جماعات الحركات المسلحة المشاركة في عملية السلام في دارفور، لكن إلى الآن ورغم ما قيل، لم يصدر بيان رسمي يحمل جهة بعينها المسؤولية عما حدث، كما أن هناك تضارب في المعلومات الرسمية وغير الرسمية".
وقال الخبير الاستراتيجي، الشيء المؤكد الآن، هو أن اتفاق جوبا للسلام له معارضين، بداية من مجلس الصحوة السوداني، حيث أصدر الشيخ موسى هلال بيانا أشار فيه إلى أن، اتفاق جوبا هو اتفاق ناقص، كما ترى جهات أخرى أن هذا الاتفاق قد كرس لمسألة قبلية في دارفور، ولا يمثل غالبية أهالي الإقليم".
وأضاف: "لكن في النهاية هو اتفاق رسمي واجب التنفيذ، وكان يجب أن يكون لدى الحركات المسلحة كشوفات بمن تريد دمجهم في القوات المسلحة أو في الشرطة والدعم السريع أو في الأجهزة الرسمية، وأن تتم تلك العملية بسرعة ويتم تدريبهم، ثم يتم إرسالهم بعد ذلك لممارسة الصلاحيات المنوطة بهم لتحقيق الأمن والاستقرار في ولايات دارفور وغيرها، وهذا ما لم يتم حتى الآن".
رسالة تحذير
وأوضح تاور، أن: "أحاديث بعض قادة الحركات المسلحة الموقعين على اتفاق جوبا، يرون أن حكومة الخرطوم تغلق أمامهم بعض أبواب المناصب الحساسة ولا تريدهم أن يشغلوها، هذه الأمور تمثل أحد العوائق أمام تنفيذ الشق الأهم والأخطر و هو الترتيبات الأمنية، فإذا لم ينفذ هذا البند في الوقت المناسب وتأخذ الأمور بجدية، سوف تحدث نتائج غير حميدة".
واعتبر أن ما حدث مؤخرا في شمال دارفور هو مجرد بداية، ورسالة تحذير للحاكم الجديد للإقليم، وفي كل الأحوال هي شرارة يجب الانتباه لها وضرورة تسريع تنفيذ الجانب الأمني، الذي بدونه لن تكون هناك أهمية لاتفاق جوبا.
اتفاق مطاطي
من جانبه، أكد المحلل السياسي السوداني، ربيع عبد العاطي، أن السبب في توسع دائرة الانفلات الأمني في الكثير من المناطق السودانية رغم توقيع اتفاق السلام في جوبا، أن هذا الاتفاق مطاطي وغير منضبط، حيث أدى هذا الاتفاق أيضا إلى دخول فصائل مسلحة إلى البلاد لا ارتباط بينها ولا حتى مع الجيش السوداني، ولا قانون يحكمها.
وأشار في حديثه لـ"سبوتنيك"، إلى تأخر الترتيبات الأمنية، متوقعا أنها "ستكون صعبة ومعقدة جدا في المرحلة الحالية، نظرا لاختلاط الأمور بين تلك القوات والحركات المسلحة، وعلاقة كل الأطراف مع السلطة المركزية التي تبدو هى منقسمة في داخلها، وهو ما يعني أن هناك جيوش متعددة".
وأكد عبد العاطي، أن: تلك العقبات والمعوقات هى نتيجة للأجواء التي تمت فيها اتفاقية جوبا، حيث توصف بـ"الهشة"، معربا عن اعتقاده صعوبة تنفيذ بنود تلك الاتفاقية، فليس هناك سلطة مركزية أو مؤسسة تشرف على هذا الاتفاق، لذلك من الصعوبة بمكان التكهن بنتائج تلك المرحلة.
وفرضت حكومة ولاية شمال دارفور السودانية حالة الطوارئ على بلدة "كولقي " وأرسلت إليها تعزيزات عسكرية خلال اليومين الماضيين.
وقال موقع "سودان تربيون" إن هذه الخطوة جاءت في محاولة من حكومة شمال دارفور لإنهاء نزاع مسلح دامي وسط توتر قبلي حاد.
وراح ضحية هذا النزاع المسلح ما لايقل عن 13 شخصا بين قتيل وجريح، حيث اندلعت اشتباكات بين مسلحين وقوة من حركة تجمع قوى تحرير السودان التي تبادلت مع مكونات عربية الاتهامات حول البدء بإطلاق النار.
وأصدرت لجنة أمن ولاية شمال دارفور بيانا قالت فيه إنها قررت "جعل مناطق كولقي وقلاب والبلدات المجاورة لها، مناطق طوارئ يمنع فيها التجمع والتحرك دون إذن".
وأرسلت لجنة الأمن تعزيزات عسكرية على متن 45 سيارة لتنضم إلى القوة الموجودة بالمناطق التي تشهد النزاع، كما تم تشكيل لجنة تحقيق بقيادة النيابة العامة، فيما سحبت القوات غير المنضوية تحت مظلة القوات المشتركة من مناطق النزاع.
من جانبها، طالبت تنسيقة أبناء الرحل بشمال دارفور حكومة الولاية بضبط الجناة وتقديمهم للعدالة، وإخراج الحركات من منطقة كولقي، وإجراء تحقيق دولي، داعية الجيش وقوات الدعم السريع للعمل إلى حماية المدنيين العُزل.
يذكر أن شمال دارفور تشهد نزاعات مستمرة بين المزارعين والرعاة بسبب الزراعة في مسارات الرعاة وحرق مخلفات الزراعة بعد الموسم على يد المزارعين مما يتسبب في إتلاف المراعي الطبيعية.