وفي ظل تلك المعارك الطاحنة والتدخلات الدولية، طرحت جماعة "أنصار الله" مبادرة لإنهاء الأزمة، لكن تلك المبادرة لم يتم النقاش حولها بصورة كبيرة ولم تسوق إعلاميا، حيث اعتبرتها بعض أطراف الشرعية "استعلائية".
فلماذا انزوت تلك المبادرة عن النقاش؟
بداية يقول الشيخ غالب بن ناصر كعلان، رئيس الدائرة السياسية في حزب المؤتمر الشعبي في محافظة مأرب: "بالنسبة لعدم النقاش حول مبادرة الحوثيين "أنصار الله" بشأن الوضع في مأرب، هناك أكثر من سبب وراء ذلك، من بينها، إفراد مأرب بمبادرة لوحدها وهذا مغالطة من طرف الحوثي، كما أن المبادرة لم تعرض على أبناء مأرب عبر وسيط موثوق يأتي بها وينقل الرد".
مبادرة استعلائية
وأضاف في حديثه لـ "سبوتنيك": "مأرب جزء من مشروع يسمى الشرعية وليست مأرب طرفاً مستقلا بذاته، كما أن بنود مبادرة الحوثي معظمها استعلائية وتحمل تهديدات مبطنة، وباختصار لم تعد هناك ثقه في طرف الحوثي للمصالحة الوطنية الحقيقية وذلك بسبب نكصه المتكرر بكل الاتفاقات التي وقعها سابقآ".
وتابع كعلان: "الناس أصبحوا يرون أن قتال الحوثيين هو الضامن الوحيد لسلامة كرامتهم وممتلكاتهم وحماية ثروات البلاد رغم خيبة الأمل في الشرعيه الفضفاضة الفاشلة".
وأكد القيادي المؤتمري، أن "المصالحة الوطنية الحقيقية لن تتوفر إلا بضمانات انتهاء مشروع الحوثي الطائفي العنصري والتمميزي، الذي يمنح سلالة معينه حق الحكم والتسلط على بقية الشعب كحق إلهي بعقيدة جهادية مغلوطة".
ولفت كعلان إلى أن ضمان الحقوق والحريات العامة والخاصة وعدم فرض المعتقدات المذهبية والطائفية على الآخرين وتساوي الجميع في السلطة والثروة، هو المخرج وممكن التفاوض حوله.
مكاسب سياسية
واستطرد: "كما أن الاتهامات الموجهة في المبادرة من الحوثي بخصوص داعش هي شماعة ودعاية كاذبة اعتاد على استمراءها من سنوات، يهدف بها كسب رأي دولي وتعاطف على حساب معاناة المواطنين والنازحين والمشردين في مأرب وغير مأرب، ومأرب كلنا نسكنها نازحين من الحوثي ومثلنا ملايين اليمنيين".
وأوضح: "كما أنني بصفتي أحد أبناء مأرب، أؤكد بأن السلام مطلبنا وغايتنا ونؤمن به، ونؤمن بالتعايش وقبول الآخر دون فرض معتقد ولا مذهب".
وطالب القيادي المؤتمري "بإحلال السلام. سلام الشراكة والندية والمواطنة المتساوية، بعيدا عن خرافات الحق الإلهي المدعى، وبعيداً عن العنصريات والفئويات والمناطقية بكل أشكالها وصورها".
المعرقلون للمبادرة
وعلى الجانب الٱخر قال الشيخ محمد الأمير، أحد مشايخ ووجهاء محافظة مأرب إن "قيادة حزب الإصلاح بدعم من دول العدوان على رأسها النظام السعودي، هم من يقفون معرقلين للقبول بالمبادرة، بالرغم من أن اغلب أبناء محافظة مارب مرحبين بالمبادرة، ومتمسكين ببنودها في الوقت الحاضر والمستقبل، ونجد فيها ما نطالب به كأبناء للمحافظة منذ عشرات السنين بما فينا من المعرقلين لها اليوم وكان يجب انتهاز هذه الفرصة".
وأضاف في حديثه لـ "سبوتنيك": "نتمنى أن يستوعب المرتزقة في مأرب المبادرة، والمسارعة إلى تنفيذها إذا أرادوا تجنيب مأرب الحرب والدمار، وإذا كان لديهم شجاعة في اتخاذ القرار فنحن مستعدون للجلوس معهم".
وتابع الأمير: "المبادرة مُنصفة، وتُشرك أبناء مأرب في السلطة والثروة، وهذا لم يحصل عليه أبناء مأرب منذ 40 عاماً، حتى صدرت هذه المبادرة".
وأكد أن تلك المبادرة هي الحل والمخرج السليم نحو سلام حقيقي، لأنها واقعية ومنصفة لأبناء المحافظة خاصة وللشعب عامة.
وحمّل الأمير قيادات حزب الإصلاح المسؤولية الكاملة عن تبعات رفضهم وعرقلتهم لتنفيذ تلك المبادرة.
بنود المبادرة
ونصت المبادرة التي طرحتها أنصار الله على تشكيل إدارة مشتركة متكافئة من أبناء مأرب لقيادة المحافظة وإدارة شؤونها بشكل مشترك ومتكافئ في جميع المجالات ووقف أشكال التدخل الخارجي لأي دولة في شؤونها.
بالإضافة إلى تشكيل قوة أمنية مشتركة بقيادة مشتركة من أبناء مأرب لإدارة الشؤون الأمنية في المحافظة تتبع الإدارة المشتركة لقيادة المحافظة المشتركة وإخراج كافة القوات الأجنبية، بجانب إخلاء مأرب من عناصر داعش والقاعدة بشكل كامل، و الالتزام بحصص المحافظات الأخرى من الغاز والنفط وضمان إيصالها وغير ذلك من الخدمات الأخرى وتوزيعها وفق معايير صحيحة.
ونصت المبادرة أيضا على، تشكيل لجنة مشتركة لمعالجة الجوانب الفنية اللازمة لإصلاح أنبوب صافر – رأس عيسى واستئناف ضخ النفط وإصلاح غازية مأرب الكهربائية، وإيداع إيرادات النفط والغاز في حساب خاص لصرف الرواتب ودعم الجوانب الإنسانية مع إعطاء مأرب أولوية في ذلك، مع ضمان أمن وحرية التنقل في مأرب لكل مواطن.
ونصت كذلك على عدم اعتراض المسافرين عبرها على خلفية الصراع والإفراج عن المختطفين المسافرين، بجانب الإفراج عن كل المخطوفين من أبناء مأرب، وضمان أمن وحرية المواطنين من أبناء مأرب وعدم الاعتداء عليهم، وتعويض المتضررين عما لحق بهم من أضرار، مع عودة المهجرين والنازحين من أبناء مأرب إلى مناطقهم وقراهم وممتلكاتهم.
ومنذ مارس/ آذار 2015، ينفذ تحالف عسكري تقوده السعودية وبمشاركة قوات الحكومة اليمنية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، عمليات عسكرية ضد جماعة "أنصار الله".
وقد اجتمعت أطراف النزاع في اليمن في ديسمبر/كانون الأول 2018، لأول مرة منذ عدة سنوات، على طاولة المفاوضات، التي نظمت تحت رعاية الأمم المتحدة في ستوكهولم، وتمكنوا من التوصل إلى عدد من الاتفاقيات المهمة، لا سيما بشأن تبادل الأسرى، ووقف إطلاق النار في مدينة الحديدة الاستراتيجية ووضعها تحت سيطرة الأمم المتحدة.