قدم مسبار "جونو" التابع لوكالة "ناسا" معلومات جديدة خلال جولته حول كوكب المشتري، حيث رصد الميزات الفريدة للكوكب، خصوصا "عين المشتري الغاضبة" غلافه الجوي الغريب والمثير، بالإضافة إلى رصد ما يحدث أسفل غيومه العملاقة لأول مرة.
وبحسب المصادر، استطاع مسبار "جونو" الطيران بشكل منخفض من المشتري بسرعة تقدر بنحو 209 آلاف كيلومتر في الساعة، تمكن أثناءها العلماء من قياس تغيرات السرعة بمقدار 0.01 ملليمتر في الثانية باستخدام هوائي تتبع شبكة الفضاء العميقة، ودراسة مسافة تزيد عن 650 كيلومترا منها البقعة الحمراء الفريدة لكوكب المشتري.
قالت لوري جليز، مديرة قسم علوم الكواكب بوكالة "ناسا" بواشنطن: "هذه الملاحظات الجديدة من جونو تفتح كنزا من المعلومات الجديدة حول سمات كوكب المشتري الغامضة التي يمكن ملاحظتها. إن كل ورقة بحثية تلقي الضوء على جوانب مختلفة من عمليات الغلاف الجوي للكوكب".
وبدروه قال، المسؤول الرئيسي عن مسبار "جونو"، الباحث سكوت بولتون، من معهد "ساوث ويست" للأبحاث لمجلة "ساينس" العلمية، متحدثا عن عمق دوامات المشتري: "في السابق، فاجأنا جونو بإشارات تظهر أن الظواهر الغريبة في الغلاف الجوي لكوكب المشتري عميقة جدا أكثر مما كان متوقعًا. والآن، بدأنا في تجميع كل هذه الصور والإشارت الفردية والحصول على أول فهم حقيقي لطبيعة جو المشتري الجميل والعنيف - في صورة ثلاثية الأبعاد".
وتظهر النتائج الجديدة التي تحدث عنها مقال نشر في مجلة "phys"، أن الأعاصير تكون أكثر دفئا من الأعلى، مع كثافة أقل في الغلاف الجوي، بينما تكون أكثر برودة في الأسفل، مع كثافة أعلى. وتكون الأعاصير، التي تدور في الاتجاه المعاكس، أكثر برودة في الأعلى ولكنها أكثر دفئا في الأسفل.
كما تشير النتائج إلى أن هذه العواصف العظيمة أطول بكثير مما كان متوقع، حيث يمتد بعضها 60 ميلاً (100 كيلومتر) أسفل قمم السحب، بما في ذلك البقعة الحمراء العظيمة، التي تمتد لأكثر من 200 ميل (350 كيلومترا).
وقالت مارزيا باريزي، العالمة في مختبر الدفع النفاث التابع لوكالة "ناسا" والمؤلفة الرئيسية لورقة بحثية نُشرت في مجلة "Science" عن تحليق المسبار فوق سطح البقعة الحمراء الكبيرة: "إن القدرة على استكمال اكتشاف البقعة الحمراء في العمق يمنحنا ثقة كبيرة في أن تجارب الجاذبية المستقبلية في كوكب المشتري ستؤدي إلى نتائج مثيرة للاهتمام بالقدر نفسه".
بالإضافة إلى الأعاصير والأعاصير المضادة (المتعاكسة)، يشتهر كوكب المشتري بأحزمة مميزة، وهي عبارة عن مجموعات من السحب البيضاء والحمراء التي تلتف حول الكوكب، والتي تشكل رياحا عاتية شرقية وغربية قوية تتحرك في اتجاهات متعاكسة تفصل بينها أعاصير عملاقة. ولا يزال الباحثون يحاولون حل لغز كيفية تشكل هذه التيارات النفاثة عن طريق بيانات المسبار.
خلايا "فريل" على المريخ مختلفة عن الأرض
وقالت كيرين دوير، الباحثة في معهد وايزمان: "باتباع الأمونيا وجدنا خلايا دوران في نصفي الكرة الأرضي (للمشتري) الشمالي والجنوبي تشبه في طبيعتها خلايا فيريل، التي تتحكم في الكثير من مناخنا هنا على الأرض".
وتتابع الباحثة: "يحتوي كوكب الأرض على خلية فيريل واحدة لكل نصف من الكرة الأرضية، لكن كوكب المشتري يملك 8 خلايا، كل منها أكبر بثلاثين مرة على الأقل من تلك الموجودة على الأرض".
الجدير بالذكر، أن خلايا فريل هي عبارة عن حركة الرياح التي تتشكل في كوكب الأرض حول القطب الشمالي والجنوبي، حيث يتباعد جزء من هواء الأرض ويرتفع عاليا جدا عند خط عرض 60 درجة ويتجه نحو القطبين ويخلق الخلية القطبية (Ferrel). بينما يتحرك الباقي باتجاه خط الاستواء حيث يصطدم عند خط عرض 30 درجة مع الهواء العالي المستوى ليشكل خلية (Hadley).