اليوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني هو اليوم العالمي للمكفوفين، وهذه المادة تتحدث عن كل ما يتعلق بهم، وميزاتهم الكبيرة التي تنم عن مدى إدراك العقل البشري اللامتناهي.
لوحظت القدرات غير العادية للمكفوفين منذ ولادتهم في العصور القديمة، وفي عصر التنوير، أصبح الباحثون مهتمين بطبيعة الحواس.
في عام 1688، طرح الفيلسوف الأنجلو-أيرلندي ويليام مولينو سؤالًا فلسفيًا مشهورًا يقول: "إذا كان الشخص المولود أعمى يستطيع أن يشعر بأشكال الأشياء عن طريق اللمس، فهل يمكنه، بعد أن تلقى القدرة على الرؤية، تحديد هذه الأشياء بمساعدة عينيه فقط؟".
أعطت العمليات الأولى لاستعادة الرؤية في القرن التاسع عشر إجابة سلبية، وأكدت التجارب اللاحقة ذلك. العمى، ولو مؤقتًا، يؤدي إلى تغيير لا رجعة فيه في الجزء البصري من الدماغ.
مع ظهور التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، تمكن المتخصصون من ملاحظة كيفية عمل دماغ الشخص الكفيف، حيث قام باحثون في الولايات المتحدة وكندا في عام 2009، بفحص 32 شخصًا كفيفًا، فقد نصفهم القدرة على الرؤية في السنوات الخمس الأولى من العمر، والنصف الآخر فقدوا القدرة على الرؤية بعد سن البلوغ.
ضمت المجموعة الضابطة 16 مبصرًا. ثم قام العلماء بقياس حجم مناطق مختلفة من الدماغ باستخدام طريقة دقيقة للغاية تدعى "قياس التشكل القائم على الموتر"، وقارنوا النتائج.
استندت التجربة إلى فرضية أن القشرة البصرية الأولية، وبشكل عام، الفص القذالي عند المكفوفين، والأجزاء المحيطة المسؤولة عن المعلومات من الحواس الأخرى متطورة للغاية. خاصة عند المكفوفين منذ الولادة، لأن لدونة دماغ الطفل أعلى.
وجد العلماء أن الجسم الثفني، الذي يشارك في نقل المعلومات المرئية بين نصفي الفصين الدماغيين، يكون أصغر حجمًا بشكل ملحوظ فقط في أولئك المكفوفين منذ الولادة. على الأرجح بسبب نقص المايلين، وهو نوع خاص من الخلايا التي تغلف الخلايا العصبية.
كما اتضح، في كلتا المجموعتين من المكفوفين، يتم توسيع الفص الجبهي المشارك في العمليات ذات الذاكرة العاملة بشكل غير طبيعي. واقترح المؤلفون أن هذا ربما يفسر القدرات غير العادية للمكفوفين.
من المعروف، على سبيل المثال، أن الشخص الكفيف هو الذي يحدد ما إذا كانت هناك نافذة في الغرفة من خلال أدنى تغيرات في درجة حرارة الهواء وصدى الصوت المنعكس من الأسطح.
تنتقل الإشارات من شبكية العين عبر العصب البصري إلى المنطقة القذالية، حيث توجد القشرة البصرية الأولية - مركز معالجة المعلومات المرئية. وتبين أنه، في الأشخاص المكفوفين منذ الولادة، كقاعدة عامة، يتلف العصب البصري. كما يحدث العمى نتيجة أمراض وراثية أو تلف شبكية العين.
في منتصف القرن الثامن عشر، كان الموسوعي الفرنسي دينيس ديدرو أول من لاحظ أن المكفوفين يستخدمون قدرة خاصة على إدراك الأشياء وتحديد المسافة التي تفصلهم عنهم. وقال إن بشرة الوجه والأيدي حساسة للغاية لدرجة أنها تتفاعل مع ضغط الهواء عند الاقتراب من الأشياء.
فيما بعد سميت هذه الظاهرة بـ "رؤية الوجه". ومع ذلك، بعد قرنين من الزمان، أظهرت التجارب أن هذا ليس أكثر من تحديد الموقع بالصدى.
عندما تم سد آذان الأشخاص، حُرموا من قوتهم الخارقة. وفقًا للعلماء، فإن حوالي 85% من المكفوفين مصابون به. وكلما تقدم الأشخاص (الفاقدون لبصرهم) في العمر، قل ظهوره.
على عكس الخفافيش والدلافين، التي تصدر أصواتًا خاصة بأفواهها، يستخدم البشر تحديد الموقع بالصدى المفاجئ إما بالأصابع أو العصا.
علاوة على ذلك، قال علماء من بريطانيا: إن القشرة البصرية الأولية للمكفوفين، المدربة على هذه الطريقة، تشكل خرائط مكانية، مثل شبكية العين.
وأضافوا: اتضح أن هذا الجزء من الدماغ يعمل بشكل طبيعي ويتولى وظائف معالجة الصوت.
عند تقييم حالة الآخرين، يعتمد الناس عادةً على أعينهم التي تساعد على قراءة العواطف والمزاج عند الناس، ونفك شيفرة الأوضاع المحيطة بالأشخاص. فالبصر هو المزود الرئيسي للمعلومات الاجتماعية.
أظهرت الدراسات أن الأطفال المكفوفين يجدون صعوبة في تخيل الاستجابات العقلية والعاطفية للآخرين. ومع ذلك، عندما يتقنون الكلام، فإنهم يطورون مهارات الإدراك، مثل تلك الخاصة بالمبصرين.
قام علماء من إيطاليا بتحليل جميع الدراسات حول هذا الموضوع من أجل فهم كيفية عمل الشبكة العصبية لمراقبة المحفزات، وهو أمر مهم للتفاعل في المجتمع، في المكفوفين. انطلق المتخصصون من مفهوم العقل الاجتماعي الذي يفترض وجود روابط خاصة بين الأقسام.
اتضح أن دماغ المكفوفين منذ الولادة وظيفيًا هو نفسه دماغ المبصر، على الرغم من أنه يعتمد على المعلومات الواردة من نوع مختلف، على السمع والأحاسيس اللمسية. كل ذلك له تأثير في تعليم الأطفال المكفوفين على مهارات الاتصال.
يوجد الآن في ترسانة المكفوفين العديد من الأدوات التي تساعد على التنقل، كطريقة اللمس المخترعة من قبل لويس برايل في القرن التاسع عشر، ابن صانع الأحذية البالغ من العمر 15 عامًا والذي أعمته عدوى وراثية، وكانت السمة الثابتة للشخص ضعيف البصر هي العصا البيضاء. وهي الآن مجهزة بأشعة الليزر وأنظمة تحديد الموقع بالصدى لتوسيع نطاق الاحتمالات للمالك.
في عام 2017، تم إجراء عملية فريدة من نوعها في روسيا لأول مرة - تم تثبيت عين إلكترونية Argus II على رجل أعمى. يتكون الجهاز من كاميرا مصغرة ومعالج ينقل الصور إلى شريحة مزروعة في شبكية العين. من هناك تذهب الإشارة إلى الدماغ.
ظهر حاليا اتجاهين، الأول يؤسد تثبيت غرسات في شبكية العين، باستخدام العلاج الجيني، لتوصيل الجزيئات التي ستشكل مستقبلات ضوئية طبيعية.
الاتجاه الآخر هو زرع أقطاب كهربائية في القشرة البصرية الأولية للدماغ، والتي من خلالها تدخل الصور المرئية هناك.
وانتشرت أخبار من وسائل إعلام حول امرأة تبلغ من العمر 57 عامًا من إسبانيا، والتي قررت إجراء مثل هذه التجربة، بحسب ما نشرته وسائل الإعلام العالمية، ومن خلال التحفيز المباشر للدماغ، حيث علمها الباحثون أن تميز بين الحروف وموقعها وشكل الأشياء المختلفة.
بعد ستة أشهر فقط، تمت إزالة الجهاز، وقيم مؤلفو العمل النتائج بشكل إيجابي. كما اتضح، حتى بعد 16 عامًا من العمى، يمكن للدماغ استعادة بعض الوظائف البصرية.