ركزت أغلب الأبحاث الأخيرة على دور بعض الفيتامينات في رفع مناعة الجسم ومحاربة الأمراض، مثل "فيتامين د"، لكن الدلائل المتزايدة تشير إلى أن الفيتامينات الأقل شهرة تلعب دورا مهما في عمليات الشيخوخة مع تقدم الإنسان في العمر.
بحسب المقال المنشور في جريدة "Globe and Mail" الكندية العريقة، يعد "فيتامين ك" من الفيتامينات المهمة جدا للحصول على شيخوخة مثالية حيث أثبت دوره في العديد من الأمور الحيوية والمهمة لجسم الإنسان، خصوصا في المراحل المتقدمة من العمر، أي بعد سن الـ50 تقريبا.
أشار المقال إلى أن تناول كميات قليلة من "فيتامين ك" قد يؤثر سلبا على صحة العظام مع تقدم الإنسان في العمر، حيث أشارت الدراسات إلى أن "فيتامين ك" ينشط البروتينات المهمة في الجسم التي تبني وتقوي العظام.
وربطت الدراسات القائمة على الملاحظة الواسعة لعدد كبير من المرضى، تناول كميات أكبر من "فيتامين ك1" بانخفاض خطر الإصابة بحدوث كسر في الورك، وهي الإصابات التي تؤدي إلى موت الأشخاص في سن الشيخوخة والتي يطلق عليها بعضهم في العالم العربي "كسرة الموت"، وأشير إليها في مقال سابق نشر في وكالة "سبوتنيك" تحت عنوان (تأثيرات مفاجئة لـ"فيتامين د" بعد سن 50 على الضغط و"كسرة الموت").
ووجدت إحدى الدراسات التي أجريت على أكثر من 800 شخص من كبار السن (الرجال والنساء)، أنه كان لدى المشاركين الذين تحتوي وجباتهم اليومية كمية "فيتامين ك1" بنسبة 254 ميكروغراما، مقارنة بأقل من (56 ميكروغراما) خطر أقل بنسبة 65 % للإصابة بكسر الورك.
وجدت أبحاث أخرى في اليابان، حيث تنتشر في البلاد وجبة تقليدية تحمل اسم "ناتو" (Nattō) تحتوي على كميات كبيرة من "فيتامين ك2"، وجد أن النساء بعد سن اليأس اللائي تناولن هذا الطبق التقليدي يوميا، كان معدل لديهن معدلات هشاشة عظام منخفضة جدا وأبطأ بشكل ملحوظ على مدى ثلاث سنوات.
ربط عدد من الدراسات بين تناول كميات كبيرة من "فيتامين ك" وارتفاع مستوياته في الدم مع تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
وجدت دراسة دنماركية حديثة، نُشرت في شهر أغسطس/ آب الماضي، أنه من بين 53 ألف بالغ تمت متابعتهم لمدة 23 عامًا، كان أولئك الذين تناولوا أكبر قدر من "فيتامين ك1" أي نحو 192 ميكروغراما في اليوم، مقابل أقل 57 ميكروغراما، انخفضت لديهم نسب دخولهم المستشفى بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية المتعلقة بتصلب الشرايين (مثل تراكم الترسبات في الشرايين) بنسبة 21 %، وكان "فيتامين ك2" له عامل وقائي أيضا.
وبحسب المقال، ينشط "فيتامين ك" بروتينا مهما يمنع تكلس الأوعية الدموية، وهو عامل خطر للإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية.
وتعتبر تكلسات الأوعية الدموية عبارة عن ترسبات الكالسيوم على جدران الأوعية الدموية التي تسبب ضيقا داخل جدران الأوعية والشرايين وانخفاضا في تدفق الدم، كما أشير إلى أن "فيتامين ك" يقلل أيضا من الالتهابات في الجسم.
نوعان من "فيتامين ك"... التوازن معيار ذهبي
يأخذ "فيتامين ك"، وهو فيتامين قابل للذوبان في الدهون، شكلين اساسيين، وهما مركب يسمى فيلوكينون أو "فيتامين ك1"، وهو متوفر بشكل كبير في الخضراوات والمأكولات الخضراء أو الورقيات، مثل السبانخ واللفت، وبعض الزيوت النباتية.
اما النوع الآخر يطلق عليه اسم "فيتامين ك2" هو عائلة عائلة مركبات تحمل اسم ميناكينون. ويتواجد هذا الفيتامين في اللحوم ومنتجات الألبان والبيض والأطعمة المخمرة بما في ذلك الجبن والناتو (فول الصويا المخمر).
يلعب "فيتامين ك" دورا مهما في المساعدة على تخثر أو تجلط الدم بشكل طبيعي، لكن إذا كان الإنسان يعاني من بعض مشكلات التجلط أو يتناول أدوية "الوارفارين warfarin"، وهو أحد مضادات التخثر التي تُصرف بوصفة طبية ويستخدم لمنع تجلط الدم ويوصف لدى الأشخاص الذين قد يعانون من تجلطات دموية، فمن الضروري تناول كمية ثابتة من "فيتامين ك" بناء على توصيات الطبيب، حيث يمكن أن تؤثر الكميات الكبيرة قدرة الوارفارين على تسييل الدم.
وعلى الرغم من ضعف وقلة الدرات العلمية التي تؤكد أهمية هذا الفيتامين بالنسبة إلى صحة الجسم، إلا أن أغلب الدراسات والعلماء أكدوا أهمية الحصول على هذه الفيتامينات من مصادرها الطبيعية، وتبقى النصيحة الذهبية التي تقول إن "التوازن بالكميات هو المعيار الأصح" هي المقولة الثابتة التي اتفق عليها أغلب العلماء.
ملحوظة مهمة حول المعلومات الطبية
© Sputnik