خبير سياسي مغربي: لا يوجد عداء أساسا بين إسرائيل والجزائر

شكّل التقارب العسكري المغربي الإسرائيلي الأخير، العديد من علامات الاستفهام حول هذه الخطوة الاستثنائية الأولى من نوعها في الساحة الدولية العربية، ولجوء المغرب إلى إسرائيل للحماية الأمنية. فلماذا عمّقت المغرب علاقاتها أمنيا مع إسرائيل؟ وما تداعيات هذا التقارب الأمني على المنطقة؟
Sputnik
حول هذا الموضوع، تحدّث الباحث المغربي في العلوم السياسية، الدكتور عبد الفتاح نعوم لوكالة "سبوتنيك": "برأيي، أن الأهمية العسكرية الأمنية للاتفاقية المغربية الإسرائيلية تأتي من مستوى التقدم الأمني والعسكري الذي وصل إليه البلدان، بمعنى حينما نتكلّم عن إسرائيل والتقدم التكنولوجي الحربي وصناعة الأسلحة والتقدم المغربي على مستوى العنصر البشري والذي هو عنصر مهم، فالمغرب له خبرة طويلة جدا في مختلف أشكال المعارك، وبالتالي فالبلدان يحتاجان إلى تعزيز علاقاتهما ببعضهما على المستوى العسكري لأنهما ستسفيدان معا من إمكاناتهما على الصعيدين العسكري والأمني".
وأضاف: "أما الجانب الثاني من أهمية إبرام هذه الاتفاقية، يتصل بالقضايا الأمنية التي تشغل العالم، الآن، هناك خطر حقيقي يوجد في منطقة الساحل والصحراء، وخصوصا بعد الأحداث والظروف السياسية الأخيرة، مثل مالي وتشاد وقتل الرئيس إدريس ديبي، وأيضا الظروف التي وفّرتها أحداث ليبيا طيلة السنوات الماضية، حيث جعلت المنطقة خزّانا بشريّا ولوجستيا للإرهاب، وبالتالي الخطر يتزايد مع مرور الوقت والآن أنظار العالم كله تتجه صوب الساحل والصحراء".
هل تصبح مصر الوسيط لحل الأزمة بين الجزائر والمغرب؟
وتابع نعوم: "التعاون العسكري الأمني بين المغرب وإسرائيل سيأخذ هذه الأبعاد، لأنها حقيقة مواضيع تؤرق الساسة وصناع القرار، وهو يعتبر مقدمة لاتفاقات أخرى ستكون وستنضم إليه لاحقا في تقديري مع دول أوروبية، وحتى الآن نحن نلاحظ تواجد أمني وعسكري روسي بدأ يتدفق على هذه المنطقة وبالتالي هذه المنطقة تهمّهم خلال اتفاق عسكري روسي موريتاني، يعني هذه الدول التي لديها إمكانيات عسكرية وخبرة في إدارة معارك خارج ترابها الوطني والتواجد في عمليات حفظ السلام، هذه الخبرة دول العالم الآن تحتاج إليها والمغرب هو البلد المؤهل الوحيد في هذه المنطقة ولديه خبرة طويلة في عملية حفظ السلام في الدول الأفريقية وخبرته في مكافحة الإرهاب ووصوله لمستوى قدرته على توفير معطيات دقيقة للمخابرات الأمريكية عن تحركات أمنية وعسكرية في أمريكا وأوروبا وكل دول العالم، ومصداقيته على صعيد مكافحة الإرهاب".

ما موقف الجزائر من ذلك؟

من الجهة الأخرى، ومن الجارة الجزائر التي ترفض التطبيع مع إسرائيل بكل أشكاله، هل سيشكل هذا التقارب العسكري تهديدا أمنيا عليها؟ وهل سيزيد من تأزم العلاقات بين الشقيقتين؟.
حول هذا أجاب نعوم: "أعتقد أن الجزائر قلقة ودائما تعتبر المغرب ليس تهديدا لها بل تعتبره عدوّا لها منذ زمنا، وهذا ليس جديدا وليس له علاقة بإسرائيل وعلاقة المغرب بها، فهذا موقف جزائري قديم وليس فيه أي جديد، وفي علاقة ربطه بإسرائيل، وبأنها تهدّد الجزائر من خلال علاقتها بالمغرب، فهذا أيضا أمر مبالغ فيه، لأن الجزائر لا تفعل شيئا لإسرائيل يجعلها تراها عدوا لها كما هو الشأن بالنسبة لإيران أو سوريا مثلا في دعم "حماس" و"الجهاد الإسلامي" بالسّلاح".
وتابع: "حتى في موقفها من فلسطين فهو عادي مثله مثل باقي الدول بالنسبة للمبادرة العربية للسّلام بشأن الدولتين، ولا موقف آخر لها، وبالتالي هذا مجرّد محاولة للجزائر بأن تعطي لنفسها دورا أهم أو موقعا لا تستحقه وغير موجود في الحقيقة".
تونس توقف الرحلات الجوية إلى المغرب
وأشار نعوم إلى أنه "في حالة افترضنا أن الجزائر تعاديها إسرائيل، فهل إسرائيل ستحتاج إلى البحث عن جوار جغرافي للجزائر لكي توجه لها ضربة عسكرية وتنظم حملة عالمية ضدّها، يمكن أن تفعل ذلك من مكانها، كما تفعل مع إيران، فهي أكثر عداء، فعلى المستوى الإقليمي على الأقل، هناك عداء بينهما لأن إيران تدعم الفصائل المسلحة وحماس بالسلاح وهذا الشيء يزعج إسرائيل، ومع ذلك لا تبحث عن علاقات استثنائية واتفاقات عسكرية مع دول مجاورة، فهذا محكوم بقواعد أخرى ومجموعة من الضوابط التي لا تملكها حتى إسرائيل حتى وإن كان العداء واضحا".
وقال: "إنه لا يوجد عداء أساسا بين إسرائيل والجزائر، فهو مجرد كلام يقال عبر وسائط الإعلام لتجييش الرأي العام، فحتى مسؤولو الدولة لا يجرؤون على قول هذا رسميا، فالحقيقي أن هذا الاتفاق العسكري المغربي بما أنه موجّه إلى الإرهاب في الساحل والصحراء، فهذا فعلا يضرّ المشروع الانفصالي الذي تغذّيه الجزائر، لأن انفصال تنظيم "البوليساريو" لديه علاقات مع التنظيمات الإرهابية الموجودة بالساحل والصحراء وهذا سيتضرر".
وتابع: "إن الجزائر نفسها تقول بأنها لا تدعم "البوليساريو" ولا علاقة لها بالمغرب أو تهديد الوحدة الترابية الوطنية وعلّقت بذلك في الأمم المتحدة، وبما أن الموضوع متعلّق بالساحل والصحراء فهل ستدافع الجزائر عن الإرهابيين والجماعات الإرهابية؟، هي لا تملك ذلك ولكن هي لا تستطيع أن تقول السبب الحقيقي في أن المغرب قوي وإمكانياته ومصداقيته على مستوى المجموعات الدولية قوي، فالمغرب يعقد اتفاقات أمنية وعسكرية مع دول أقوى بكثير من إسرائيل".
وأضاف: "لماذا لا تنزعج الجزائر مع اتفاقات المغرب بالولايات المتحدة الأمريكية؟، هذا اتفاق أهم وأقوى وأكبر ولا مجال للمقارنة، وأمريكا لديها اتفاقات مع إسرائيل وتدعهما وتحميها وعلاقاتها معها إلى العظم".
مناقشة