ومن المرجح أن يتمخض عن الزيارة الإعلان عن عدد من العقود مع شركات فرنسية، وستركز هذه الجولة الخليجية على مواضيع عدة أبرزها أزمات الشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب والملفين اللبناني والليبي، وفقا لـ"فرانس برس".
وقال مراقبون إن زيارة الرئيس الفرنسي تأتي في ظل محاولات عقد صفقات اقتصادية مع دول الخليج قبل الانتخابات الرئاسية، وكذلك لمناقشة الملف النووي الإيراني، والأزمة اللبنانية وغيرها من الملفات المهمة.
زيارة ماكرون
ويقوم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بجولة خليجية، يومي الجمعة والسبت، يزور خلالها كلا من الإمارات وقطر والسعودية ويتوقع أن تتضمن الإعلان عن عدد من العقود مع شركات فرنسية، حسبما أعلن الإليزيه، الثلاثاء.
وسيتم خلال الجولة بحث مواضيع مختلفة من بينها أزمات الشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب وأزمة لبنان والانتخابات في ليبيا وغيرها.
وعلى الصعيد الاقتصادي، قد يتم الإعلان عن طلب شراء عشرات الطائرات المقاتلة من طراز "رافال" من قبل الإمارات. لكن لم تصدر أي معلومات من الرئاسة الفرنسية أو مجموعة "داسو" لصناعة الطائرات حول ذلك، وفقا لـ"فرانس برس".
ويصل ماكرون، ليل الخميس الجمعة، إلى دبي في الإمارات، بعد يوم من احتفال الدولة الخليجية بالذكرى الخمسين لتأسيسها. وسيلتقي مع ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وفي هذا الصدد، قال الإليزيه إن فرنسا "تجمعها شراكة طويلة الأمد" مع الإمارات، مشيرا إلى أن الزيارة "ستسمح بتعزيزها سياسيا واستراتيجيا ودفاعيا وأيضا اقتصاديا وثقافيا".
ولاحقا، يتوجه ماكرون إلى قطر للقاء الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قبل أن ينتقل السبت إلى جدة في السعودية لعقد "لقاء معمق" مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
يرافق ماكرون في هذه الجولة كل من وزير الخارجية جان إيف لودريان ووزير الاقتصاد برونو لو مير، ووزيرة الجيوش فلورنس بارلي، إلى جانب وزيرة الثقافة ووزير التجارة الخارجية ورؤساء مجموعات فرنسية كبرى.
تسويق انتخابي
اعتبر الدكتور رامي الخليفة العلي، الباحث في الفلسفة السياسية في جامعة باريس، أن هناك هدفين رئيسيين من زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى منطقة الخليج العربي، الأول هو عقد اتفاقيات اقتصادية مع دول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن الرئيس الفرنسي يدرك أن نقطة الضعف في حملته الانتخابية هي المجال الاقتصادي، بسبب ما حدث خلال السنوات الماضية، سواء أزمة كورونا، أو تظاهرات السترات الصفراء، وشعور لدى طبقة الوسطى في فرنسا أن الرئيس يمثل الليبرالية وأحيانا الليبرالية المتوحشة، وبالتالي دعم الاقتصاد الفرنسي عبر اتفاقيات مع دول الخليج سوف يقوي حظوظه في الانتخابات الرئاسية والمقرر لها شهر آيار/مايو المقبل.
ويرى العلي أن السبب الثاني يتمثل في تحقيق اختراق في مجال السياسية الخارجية، وهذا هدف انتخابي من جهة ورغبة للرئيس الفرنسي أن يترك أثرا في دور فرنسا في منطقة الشرق الأوسط.
وعن أبرز هذه الملفات، أكد العلي أن الملفات التي تهم فرنسا هي الملف الإيراني والملف اللبناني على وجه التحديد والملفات الأخرى في المنطقة، ففيما يتعلق بالملف الإيراني، تأثير فرنسا إلى حد ما محدود إذا ما قورن ذلك بتأثير الولايات المتحدة الأمريكية، لكن ربما الاختراق يمكن أن يحدث في الملف اللبناني، ففرنسا يمكن أن تلعب دور الوسيط ما بين دول الخليج ولبنان، كما يريد الرئيس الفرنسي دعما لحكومة نجيب ميقاتي، لكن هذا الأمر على الأقل في الظروف الحالية في غاية الصعوبة.
لبنان وإيران
بدوره أكد الدكتور فواز كاسب العنزي، المحلل السياسي والاستراتيجي السعودي أن زيارة الرئيس الفرنسي إلى منطقة الخليج تأتي في ظل اعتبار المملكة العربية السعودية عنصرا فعالا في المسرح السياسي الإقليمي والشرق الأوسط وإقليم الخليج العربي، حيث تعيش المملكة منذ 5 سنوات في التنمية السياسية وهو ما ظهر على سلوكها السياسي الإيجابي لاحتواء الكثير من الملفات بما فيها الملف السوري والعراقي واللبناني والملف النووي الإيراني.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، موقف المملكة من هذا الملف، بأنها تحرص هي ومجلس التعاون الخليجي وتنطلق نحو تحقيق أمن قومي خليجي وعربي للتواجد على طاولة المفاوضات بين الدول الراعية لاتفاقية الملف النووي برعاية الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا معع إيران.
ويرى العنزي أن المملكة لها بعد استراتيجي ومركز ثقل، وبالتالي يهم فرنسا وبعض الدول أن تشاور وتحقق مصالحا مشتركة وهي تأخذ بعين الاعتبار مصالح السعودية والتي انتهجت نهج التطور الجديد في سياستها، وأصبحت دولة قيادية في المنطقة، وبالتالي يأخذ بعين الاعتبار مصلحة المملكة ومناقشة أبرز الملفات معها.
وعن أهم الملفات على الطاولة، أكد أن ملف السوريين يأتي في مقدمة الملفات لإرجاع سوريا لجامعة الدول العربية، وقد يكون هناك مناقشة للملف، حيث هناك علاقات متعمقة بين فرنسا والجانب اللبناني ويهم باريس الوضع الراهن هناك، لا سيما أن لبنان أصبحت بعيدة عن مساعدات الدول الخليجية والدول العربية وأيضا الدول العالمية لا سيما وأن الحكومة الحالية تشكل أعباء على التغيير الإيجابي، وهي أحد الحكومات التي تؤثر عليها طهران بشكل مباشر، من خلال وجود "حزب الله".
ويعتقد العنزي أنه منذ تفجير مرفأ بيروت كان هناك تواجد فرنسي وأصبح هناك تفاؤل من قبل الحكومة اللبنانية ولا تزال تعلق آمالها على القيادة الفرنسية، لكن للأسف كل ما كان هناك تغير إيجابي يكون هناك أحد المتغيرات في الساحة اللبنانية والتي تؤثر على التقارب السياسي اللبناني الخليجي.
وأشار إلى أن الزيارة سوف تأخذ بالاعتبار مصالح المملكة، والملف الأفغاني والإيراني، وقد يكون هناك منافسة بين فرنسا وتركيا التي بدأت التقارب مع دول مجلس التعاون الخليجي من خلال الزيارات الأخيرة والتصريحات.
واستطرد: "وكذلك تأتي الزيارة بعد إعلان الجانب البريطاني عن اتفاقية التجارة الحرة مع دول مجلس التعاون الخليجي، وهذا أيضا يشكل عبئا على الفرنسيين، لا سيما في موضوع التحالف الأمريكي الأسترالي البريطاني، والذي جعل فرنسا من أكبر الخسارين، خاصة في مسألة الغواصات النووية، وسوف يدفع هذا فرنسا بالتوجه للأسواق الخليجية، وهي من أهم الأسواق في العالم".
ويترقب لبنان زيارة ماكرون للمملكة العربية السعودية، بعد اندلاع الأزمة الدبلوماسية بين لبنان ودول الخليج بعد نشر مقابلة متلفزة جرى تسجيلها مع جورج قرداحي قبل توليه مهام منصبه وزيرا للإعلام في لبنان، اعتبر فيها أن جماعة أنصار الله اليمنية "تدافع عن نفسها في وجه اعتداء خارجي على اليمن منذ سنوات"، وما فاقم الأزمة أكثر، هو رفض قرداحي الاعتذار.
وأعلنت بعدها السعودية استدعاء سفيرها لدى بيروت، وإمهال السفير اللبناني في المملكة 48 ساعة لمغادرة البلاد، ولحقت بها في هذا القرار الكويت والإمارات والبحرين، كما أعلنت المملكة، وقف دخول الواردات اللبنانية إلى أراضيها.