يرسل المغرب سنويا آلاف العاملات الموسميات، للمشاركة في عملية جني الفراولة بأجر محدد عند 37 يورو يوميا، وذلك في إطار اتفاقية ثنائية تجمعه بإسبانيا، فيما يطالب البعض بتعديلات على الأجور.
وقالت مصادر حقوقية مغربية، إن عودة إسبانيا لاستجلاب العاملات المغربية العام المقبل جاء بعد فشل تعويض العمالة المغربية بجنسيات أخرى، وإن الأمر يتطلب إجراءات صارمة من الجانب المغربي لعدم تكرار الانتهاكات السابقة التي كانت تقع بحق العاملات في الحقول الإسبانية.
في هذا الإطار قال محمد الطيب بوشيبه، المنسق الوطني لجمعية "ماتقيش ولدي" بالمغرب، إن الجانب المشرق في الأمر يرتبط بالناحية الاقتصادية، حيث يوفر العمل مقابل مادي للأسر.
"شروط استعبادية"
وأضاف الطيب بوشيبه في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الشروط الأخرى التي تفرضها إسبانيا تدخل في أوجه "الاستعباد" وانتهاك حقوق النساء، حيث تشترط على الأمهات ترك أطفالهن في المغرب والذهاب إلى العمل وحدهن من أجل عدم الاستقرار في إسبانيا.
وأوضح أن العاملات في حقول الفراولة يعشن حياة دون المستوى في الأكواخ الواقعة في الحقول، إضافة إلى تعرضهن لاعتداءات جنسية، وأن هناك الكثير من الشكاوى من طرف نساء تعرضن لانتهاكات وحالات تشرد إثر العمل في الحقول بإسبانيا.
الاتفاق الموقع بين المغرب وإسبانيا في عام 2006، يعتمد في المقام الأول الخاص بالتوظيف على الجنس، حيث يرتبط الاختيار بجلب النساء للعمل وليس الرجال.
كما يقع الاختيار غالبا على العاملات من المناطق الريفية، على أن يكون لديهن طفل واحد على الأقل دون 18 عاما لضمان عودتهن إلى المغرب مرة أخرى وعدم البقاء في إسبانيا.
وشدد على أن العودة الحالية لا تحل الأزمة السابقة، وأنه رغم حديث إسبانيا مرارا عن حقوق الإنسان، فإن العديد من الجرائم والانتهاكات تقع داخل الحقول بحق المرأة في مشهد يؤكد "الكيل بمكيالين"، بحسب الحقوقي المغربي.
أسباب عودة العاملات المغربيات
من جانبها قالت الحقوقية المغربية فاطمة بوغنبور، إن عودة العاملات المغربيات للعمل في إسبانيا جاء بعد تعثر الموسم الفلاحي الماضي المرتبط بالفراولة في البلد الأوروبي، وكذلك فشل تجربتها في استقطاب عاملات من أوكرانيا ورومانيا.
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن الجارة الإسبانية أصبحت ملزمة بالاعتراف بكفاءة وجدارة العاملات المغربيات، التي لم تجد سبيلا في الاستغناء عنهن، وأصبح لزاما عليها أن تفتح أبوابها لما يتجاوز 14 ألف عاملة للعمل بعقود موسمية.
تسوية الأوضاع
وأوضحت بوغنبور أنه من بين العاملات من عملت مع الشركات لمدة 12 عاما، وهو ما يستوجب تسوية وضع من عملن طيلة هذه الفترة.
وأشارت إلى أن هذه الطبقة من النساء هن في وضعية صعبة، إما أرامل أو مطلقات يتركن أبناءهن في المغرب، ما يعني ضرورة تحرك الحكومة المغربية لتقنن المجال والتفاوض بشأن تسوية الأوضاع المرتبطة بالعاملات.
وطالبت بوغنبور الجانب المغربي بالعمل على ضمان السلامة الجسدية والنفسية ومناقشة القوانين المتعامل بها في صحة العقود.
اتفاق سابق
وفي العام 2018 قام نقابيون ومهنيون مغربيون بوضع اتفاقية تدعو إلى توفير حماية أكبر وضرورة ضمان المساواة بالنسبة للعاملات الموسميات في حقول الفراولة الإسبانية بعد قضية التحرش بهن، إضافة إلى التدرب على طرق التعامل معهن بأساليب لا تثير المشاكل وتضمن سلامتهن.
الاتفاقية وقعت من قبل جمعية الفلاحين الشباب واتحاد نقابات العمال الإسباني، حيث تنص على وجوب توفير الحماية للنساء العاملات في حقول الفراولة، خاصة عقب الجدل الكبير الذي أثارته قضية التحرش والاعتداءات الجنسية على عاملات مغربيات.
ودعتالوثيقة نفسها إلى ضرورة إدراج بروتوكولات بشأن إقرار المساواة بين كل العمال، بغض النظر عن الجنس أو الأصل وحتى العمر، وحماية المشتغلات من التحرشات، مع ضرورة خضوع المسؤولين عن العاملات إلى تدريب خاص.
كما تنص الاتفاقية، كذلك، على منح المسؤولين عن العاملات الموسميات معلومات عن لغاتهن، ووضع دليل يتضمن طرق التعامل معهن بشكل سلمي ودون مشاكل، مع تعيين وسطاء.