المغرب وإسبانيا... ما سر عدم عودة العلاقات لطبيعتها رغم التصريحات الإيجابية

تمر العلاقات بين المغرب وإسبانيا بمرحلة متباينة، تتصدرها تصريحات إيجابية، إلا أنها على المستوى العملي لم تعد لما كانت عليه.
Sputnik
المعلومات المتوفرة من بعض المصادر المغربية المطلعة تفيد باستمرار المباحثات والمشاورات لبعض التقارب، إلا أن هناك مواقف لا تزال خلافية حتى اللحظة.
في الإطار نفت مصادر دبلوماسية مغربية تخفيض التمثيل الدبلوماسي بسفارة المغرب في مدريد.
وقالت المصادر الدبلوماسية في تصريحات خاصة لـ"سبوتنيك"، إن الأمر مرتبط بانتهاء فترة عمل بعض المسؤولين بالسفارة طبقا للمدد المحددة للعمل الدبلوماسي في السفارات، وإن مسؤولين جدد يحلون محل من عادوا للمغرب طبقا للآليات المعمول بها في جميع السفارات.
قبل يومين صرح رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، بأن العلاقات مع المغرب إيجابية، مؤكدا في جوابه على سؤال لـ"سكاي نيوز عربية"، أن مدريد تتطلع إلى الاستمرار في التعاون الثنائي مع الرباط.

معوقات العودة

بحسب الخبراء فإن العلاقات مع إسبانيا لن تعود إلى طبيعتها السابقة إلا إذا توفرت العديد من العوامل المرتبطة بالملفات الخلافية، منها "قضية الصحراء" و"سبتة ومليلية"، والجزر المحتلة وملفات أخرى مشتركة.
وزيرة البيئة التونسية رئيسة للصندوق المتوسطي للبيئة لمدة 3 سنوات
من ناحيته قال يونس التايب المحلل الاستراتيجي المغربي، إن تقييم ديناميكية العودة إلى علاقات طبيعية بين المغرب وإسبانيا، يستوجب استيعاب ثقل التاريخ المشترك في العلاقة بين البلدين، كما يقتضي العودة إلى ما يمكن تسميته بقواعد السلوك.

مؤشرات إيجابية

وأضاف التايب في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن العاهل المغربي الملك محمد السادس، أكد في خطاب الذكرى 68 لثورة الملك والشعب، يوم 20 أغسطس/ آب 2021، تطلع المغرب لتدشين مرحلة "جديدة وغير مسبوقة" في العلاقات مع إسبانيا، وفق مبادئ وأسس مختلفة.
وأوضح أن ذلك يعني أن شروط العودة السريعة إلى مسار علاقات طبيعية هي استحضار حكومة مدريد لحقيقة أن المغرب لن يقبل أي مس بمصالحه العليا، وأنه لا يمكن التعاطي مع المغرب مستقبلا إلا على أساس قاعدة رابح – رابح.

مطالب المغرب

ويرى التايب أن عودة العلاقات المغربية- الإسبانية إلى طبيعتها، يقتضي من الحكومة الإسبانية التزام موقف إيجابي واضح ونهائي من قضية "الوحدة الترابية" للمملكة المغربية، والتقدم خطوات إلى الأمام لبناء قواعد علاقات وفق مرتكزات جديدة.
وأشار إلى أن تسجيل تصريحات إيجابية تشيد بالدور المغربي كشريك استراتيجي للاتحاد الأوروبي ولإسبانيا، وكفاعل أساس في حفظ الأمن والسلام ومحاربة الإرهاب في المنطقة، سواء من طرف رئيس الحكومة أو وزير خارجيته، لا تعني تجاوز الأزمة.

الحكم الذاتي

ويرى التايب أن تجاوز الأزمة يمكن من خلال دعم مدريد لمقترح الحكم الذاتي، خاصة أن المغرب لن يقبل بأي سيناريوهات أخرى، وأنها لم تعد مقبولة.
رئيس الوزراء الإسباني: مدريد تتطلع إلى توطيد العلاقة مع الرباط
وأشار إلى أن المغرب ينتظر أن تتوقف جهات حزبية ولوبيات سياسية إسبانية عن التحريض في الكواليس ضد مصالح المغرب، والتوقف عن دعم "جبهة البوليساريو" وغطاء منظمات حقوقية أو إنسانية.
وبحسب الخبير المغربي، فإن تصريحات العاهل الإسباني مؤخرا، وتوالي تصريحات رئيس حكومة مدريد ووزير خارجيته، توحي بأن إسبانيا تقترب من تصويب موقفها من "قضية الصحراء" التي كانت تحت الاستعمار الإسباني.

مواقف متوقعة

من ناحيته قال البرلماني المغربي السابق، جمال بن شقرون، إنه كان من المتوقع أن تعود العلاقات إلى طبيعتها في ظل المصالح المشتركة.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن التوترات ما زالت قائمة خاصة فيما يتعلق بملف "سبتة ومليلية"، مشيرا إلى أن المغرب يحاول معالجة الملف بما يعود بالفائدة على العمالة المغربية، وألا تعود للوضعية القديمة التي يستفيد فيها الجانب الإسباني فقط.
وأوضح أن العديد من الملفات المشتركة المرتبطة بمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة تفرض التواصل المستمر بين البلدين، إضافة إلى قضية الصحراء التي تتطلب مساهمة إسبانيا في الحل، حسب بن شقرون.
مندوب البوليساريو يدعو الاتحاد الأفريقي لمعالجة الأسباب الحقيقية لأزمة اللاجئين الصحراويين
ويرى البرلماني المغربي السابق أن القضايا الخلافية مرتبطة بالمياه الإقليمية والجزر المحتلة، وأن هذه الملفات تطرح للنقاش خلال الفترة المقبلة.
وأكدت إسبانيا، عبر وزارة التحول البيئي، أن المغرب سيكون بمقدوره الحصول على الغاز الطبيعي المسال من الأسواق الدولية، وإيصاله إلى مصنع لإعادة التحويل في شبه الجزيرة الإسبانية.
كما سيستخدام خط أنابيب الغاز المغاربي (جي إم إي) الذي كانت تستخدمه الجزائر لتصدير الغاز إلى أوروبا قبل أن تتوقف عن استخدامه في نهاية أكتوبر/تشرين الأول من السنة الماضية، حسب صحيفة "هسبريس".
مناقشة