في 22 ديسمبر/ كانون الأول، وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على عقد اتفاق مدته 36 شهرا في ظل "التسهيل الائتماني الممدد"، بمبلغ يعادل 392.56 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (نحو 570.75 مليون دولار أمريكي أو 280% من حصة العضوية)، للمساعدة على سد احتياجات تشاد الكبيرة لتمويل ميزان المدفوعات والموازنة، بوسائل منها حفز الدعم المالي من المانحين الرسميين.
ويثير بطء تقدم خطة أكبر الاقتصادات لمساعدة الدول النامية المثقلة بالديون على إعادة هيكلة ديونها مخاوف صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، خاصة في ظل استحقاق مبلغ 35 مليار دولار عليها، حيث لا تزال تشاد وزامبيا ونحو70 دولة مؤهلة بالتقدم بطلبات، عالقة في محادثات شاقة، بحسب التقارير الاقتصادية للبنك الدولي.
مؤشرات إيجابية
المؤشرات الإيجابية التي أشار لها الخبراء سبقها إشارات سلبية ،في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، من البنك الدولي، حيث أشار تقرير البنك إلى استمرار التدهور على المدى المتوسط نتيجة سلسلة من الصدمات طويلة الأمد منذ بداية الجائحة واقترانها بتأجيلات في دعم المانحين بسبب عدم إحراز تقدم كاف في مناقشات معالجة الديون.
وقال البنك في تقريره حينها: "في أعقاب ضمانات التمويل التي قدمتها لجنة دائني تشاد، في شهر يونيو/ حزيران 2021، من أجل دعم عملية معالجة الديون في سياق الإطار المشترك، أصبحت الحاجة ماسة للتوصل إلى التزام قوي من جانب الدائنين من القطاع الخاص لإطلاق الموارد التمويلية من صندوق النقد الدولي، مما قد يحفز على إتاحة مبالغ كبيرة من التمويل الرسمي لتشاد".
وقامت بعثة من صندوق النقد الدولي بقيادة إدوار الجميَل بزيارة العاصمة التشادية إنجامينا، في الفترة من 5 إلى 9 أكتوبر 2021. وشارك فيتالي كرامارينكو، نائب مدير الإدارة الأفريقية بالصندوق، في المناقشات التي أجريت بشأن السياسات.
حصر التطورات الاقتصادية
حصرت البعثة التطورات الاقتصادية الكلية والمالية، وناقشت التقدم المحرز على صعيد أولويات الإصلاحات الحكومية، وراجعت جهود الحكومة لتكثيف المناقشات الجارية بشأن معالجة الدين مع الدائنين من القطاع الخاص.
وأشارت التقديرات إلى انكماش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 0.8% في 2020، مع توقعات نموه بقدر ضئيل هذا العام بنسبة 1%، أقل من تنبؤات ما قبل "كوفيد-19" ومن التوقعات الأولية لتأثير الجائحة، على حد سواء.
تحسن ملحوظ
في الإطار، قال الخبير الاقتصادي ناصر الناي، عميد كلية الدراسات العليا في جامعة الملك فيصل في تشاد، إن المؤشرات الاقتصادية في تشاد تتحسن بشكل ملحوظ عن العام الماضي الذي شهد العديد من التقلبات السياسية والمرتبطة بجائحة كورونا.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن جائحة كورونا إضافة إلى الديون الخارجية جعلت مؤشرات الاقتصاد تتجه نحو الاتجاه السلبي العام 2021.
تحسن طفيف تطور بشكل إيجابي نهاية 2021، حيث يشير الخبير الاقتصادي إلى أن الاقتصاد التشادي يتحرك بشكل تدريجي نحو التحسن، خاصة في ظل ارتفاع أسعار النفط، الأمر الذي ينعكس على الاقتصاد.
مؤشرات على الأرض
من ناحيته قال المستشار السابق للرئيس التشادي، إن الغلاء المعيشي أصبح يؤثر على حياة الناس، حيث ارتفعت أسعار المواد الأساسية بشكل ملحوظ.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن العديد من الأسباب ترتبط بالتغيير السياسي الذي حدث وكذلك تداعيات جائحة كورونا، وتراجع التبادل التجاري بسبب غلق الحدود مع الدول المجاورة، خاصة أن تشاد تعتمد بصورة أساسية على حدودها البرية مع كل من الكاميرون ونيجيريا والسودان وليبيا وأفريقيا الوسطى، حيث أنها لا تمتلك أي منفذ بحري على المحيط.
وأشار إلى أنه مع تطبيق الإجراءات الاحترازية في وقت من الأوقات أغلقت الحدود، حيث سمح بتمرير المواد الأساسية فقط، الأمر الذي أثر على الاقتصاد والحركة التجارية.
الحرب الأخيرة والأوضاع الحالية في البلاد ألقت بظلالها على الوضع الاقتصادي هي الأخرى، حيث يشير السياسي التشادي إلى حظر السفر إلى الخارج للحد من استقطاب الشباب في الحركات المسلحة كان له تداعياته كما للأوضاع في ليبيا تأثيرها أيضا.
وفي وقت سابق، رأت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، أن إلحاح الحاجة إلى تجنّب ما وصفته بأنه "انهيار اقتصادي" بالنسبة لبعض البلدان، يزداد بعدما انقضت في ديسمبر فترة إرجاء مدفوعات خدمة الدَّين من 70 دولة متعثرة، التي أقرتها مجموعة العشرين بدءا من مايو/ أيار 2020، بحسب صحيفة "المال".