العطش يهدد المغرب... ما مصير المساحات الزراعية في استراتيجية الحكومة

يواجه المغرب في الوقت الراهن مخاطر عدة إثر نقص مياه الري والشرب، في ظل توالي مواسم الجفاف وتراجع نسب الأمطار.
Sputnik
وسجلت نسب ملء السدود الكبرى في المغرب تراجعا كبيرا على أثر تراجع التساقطات المائية لأشهر عدة، حيث سجلت جهة الدار البيضاء - سطات، تراجعا بأكثر من 19 نقطة مقارنة في الفترة نفسها من العام الماضي.
وبلغت نسبة تراجع موارد الماء 59 في المئة، وتراجعا في نسبة ملء السدود، حتى الآن 34 في المئة، الأمر الذي يدق ناقوس الخطر مبكرا، طبقا للرؤية التي تحدث عن تراجع كبير عام 2050.
تأثر بعض المدن بالجفاف
وبحسب الخبراء ظهرت عملية الجفاف بشكل أكبر في مراكش وأكادير والرشيدية ووزارات، فيما سجل سد المسيرة، ثاني أكبر سد في المغرب، 7 في المئة كنسبة ملء، وسد بين الويدان بنحو 14 في المئة كنسبة ملء، الأمر الذي ينعكس بدرجة كبيرة على الموسم الفلاحي ومياه الشرب.
الآبار العشوائية في المغرب تهدد حياة آلاف الأطفال... ومخاوف من تكرار حادثة ريان
ويعاني المغرب، الذي تمثل الزراعة القطاع الأساسي في اقتصاده، من توالي مواسم الجفاف في السنوات الأخيرة.
ويتوقع أن يستفحل الأمر في أفق العام 2050، بسبب تراجع الأمطار "-11 بالمئة" وارتفاع درجات الحرارة "+1,3 درجة"، بحسب تقارير رسمية مغربية.
من ناحيته قال المهندس محمد بنعبو، خبير المناخ والتنمية المستدامة، والمتخصص في الهندسة البيئية بالمغرب، إن المملكة تعيش زمن ندرة المياه خلال الموسم الحالي، حيث لا تتعدى نسبة ملء السدود 33 في المئة، بالإضافة إلى الضغط الذي تعرض له العديد من المخزون المائي عبر توالي سنوات الجفاف.
تأثير ندرة المياه
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن ندرة المياه الحالية تنعكس بشكل مباشر على الموسم الفلاحي الحالي، الأمر الذي دفع القطاع الوصي على الماء في المغرب لتبني استراتيجية استعجالية لتأمين الماء، وتجنب سيناريو العطش الذي قد يهدد العديد من القرى والمناطق بالمغرب في السنوات القليلة المقبلة.
يوضح المهندس المغربي أن البرنامج الوطني 2020-2027 جاء استجابة للإشكالية التي يتسبب فيها تغير المناخ بشكل مباشر، وكذلك البرنامج الوطني للتزويد بماء الشرب ومياه السقي 2020-2027، لدعم المملكة في عملها الدؤوب لفائدة تدبير اقتصادي معقلن للموارد المائية، من أجل مستقبل مستدام للفئات الحالية والمستقبلية.
ضمن الخطوات التي اتخذتها الحكومة لمعالجة المخاطر المستقبلية، إعداد برنامج وطني للتزويد بماء الشرب ومياه السقي للفترة الممتدة ما بين 2020-2027 بكلفة إجمالية تصل إلى 115 مليار درهم، حيث أعد البرنامج بالتشاور بين مختلف القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية المتدخلة في قطاع الماء.
المغرب ينافس أكبر القوى الاقتصادية العالمية ويضع قدما في مستقبل الطاقة النظيفة
أهداف الخطة الحكومية
تتضمن الأهداف بحسب الخبير المغربي، ضمان الأمن المائي على المدى القصير والمتوسط، من خلال تسريع وتيرة الاستثمارات في قطاع الماء مع إيجاد حلول مهيكلة لتقوية التزويد بالماء الصالح للشرب ومياه السقي، كما يهدف البرنامج الوطني للتزويد بماء الشرب ومياه السقي 2020-2027 إلى تحسين مردودية شبكات التوزيع بالمدن والمراكز الحضرية بنسبة 78 في المئة في أفق 2027، واقتصاد ما مجموعه 207 مليون متر مكعب من الماء.
أهداف أخرى تتمثل في ترشيد كلفة الاستثمارات الخاصة بالمنشآت والتجهيزات المائية، وكذا ضمان استمرارية التزود بماء الشرب وتحسين جودة الخدمات.
معالجة مياه البحر
جانب آخر يتعلق بإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة، حيث اعتمد برنامج وطني مندمج للتطهير السائل بالعالم الحضري والقروي، وإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة، والذي يهدف إلى مواصلة إنجاز مشاريع التطهير السائل لفائدة 128 مدينة ومركز حضري، وتجهيز 1207 مركز قروي، بشبكات الصرف الصحي، إضافة إلى إعادة استعمال المياه العادمة المعالجة لسقي المساحات الخضراء.
ويرى الخبير أن من أهم الآليات التي يمكن أن يراهن عليها المغرب في زمن ندرة المياه هو التحسيس والتوعية في صفوف الساكنة والفلاحين والمستعملين لهذه المادة النادرة، خاصة جمعيات مستعملي الماء الصالح للشرب التي يمكن أن تلعب دورا استراتيجيا في عقلنة التدبير اليومي للتزود بالماء، وتوعية المنعشين السياحيين بالمحافظة على الماء في ملء المسابح بطرق تتماشى مع الظرفية الاستثنائية.
تأثر الموسم الفلاحي
في الإطار ذاته، قال الأكاديمي المغربي محمد بن عطا، المتخصص في حماية البيئة والتنمية المستدامة، إن الفلاحة تأثرت بشكل كبير خلال الموسم الحالي.
مشروع "إيكس لينكس" ينقل الطاقة المغربية النظيفة تحت المحيط الأطلسي إلى بريطانيا
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الجميع ينتظر تأخر الأمطار خلال الموسم الحالي، خاصة في ظل تراجع منسوب السدود المائية.
وأوضح أن هناك نسبة من الأراضي الزراعية يمنع عنها الري بسبب تراجع منسوب المياه، وأنه من الممكن أن تتأثر نسبة أكبر حال تأخر الأمطار، مشيرا إلى ضرورة عدم التوسعة في المساحات الزراعية التي تعتمد على الري بالسقي، خاصة في ظل استمرار الجفاف.
ويرى أن اتجاه المغرب نحو تحلية مياه البحر يساهم في التغلب على الإشكاليات التي يتسبب فيها الجفاف، خاصة فيما يتعلق بمياه الشرب، حيث أن بعض المدن يمكن أن تتعرض للعطش، خاصة في ظل تراجع المخزون الاستراتيجي.
وأنشأ المغرب تسع محطات لتحلية مياه البحر، بإنتاج سنوي يبلغ 147 مليون متر مكعب، فيما يسعى لبناء 20 محطة تحلية بتكلفة منخفضة.
كما يرتقب أن يبني المغرب 120 سدا تليا جديدا، وفق آخر المعطيات الوزارية، في أفق سنة 2023، حيث كان المعدل القديم لا يتجاوز 8 سدود، ليصل معدل التشييد إلى 5 سدود كل شهر.
في العام 2019 حذر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المغربي من وضعية ندرة المياه، حيث قدرت موارده المائية حينها بأقل من 650 مترا مكعباً للفرد سنويا، مقابل 2500 متر مكعـب سنة 1960، في ظل توقعات بانخفاض النسبة مع تزايد عد السكان وتراجع تساقطات الأمطار.
مناقشة