ويعتقد البعض أن لبنان ذاهب إلى تأجيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وهو ما يتطلب بالضرورة التمديد للبرلمان الحالي، وذلك على الرغم من الضغوط الخارجية التي تسعى للدفع نحو ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في وقتها المحدد.
وقبل نحو شهر فتح لبنان وحتى 15 مارس/آذار المقبل، باب الترشح للانتخابات النيابية اللبنانية المقررة منتصف مايو/أيار المقبل، وسط أزمات سياسية واقتصادية يعج بها البلد، زادت وطأتها منذ استقالة الحكومة السابقة على وقع انفجار مرفأ بيروت العام قبل الماضي.
ضغط خارجي
وقالت السفيرة الأمريكية في بيروت، دوروثي شيا، إن هناك "إجماعا" في المجتمع الدولي على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية اللبنانية في موعدها، مؤكدة أنه "لا مجال للمناورة"، بعد تلميحات من حلفاء حزب الله، بعدم جدواها وأنها لن تغير شيئا، وفقا لـ"سكاي نيوز".
والأسبوع الماضي، شدد مجلس الأمن الدولي، في بيان، على "أهمية إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة وشاملة في الموعد المحدد لها".
وتناقلت وسائل إعلام لبنانية محلية عن قوى سياسية مختلفة من بينها حزب الله، ما شأنه أن يقلل من أهمية الانتخابات البرلمانية، وتقول هذه القوى أن الانتخابات المقبلة لن تشهد أي تغييرات جذرية في تشكيلة مجلس النواب.
وتعد الانتخابات المرتقبة في مايو/ أيار المقبل، هي الأولى لاختيار 128 عضوا في البرلمان منذ احتجاجات أكتوبر/تشرين الأول 2019.
شأن داخلي
اعتبر قاسم هاشم، عضو مجلس النواب اللبناني، أن الانتخابات النيابية مسار دستوري ديمقراطي تفرضه مواقيت محددة وفق الإطار الدستوري لإعادة إنتاج مؤسسات النظام.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، يأتي هذا في السياق الطبيعي للنظام البرلماني وأي حديث عن كلام خارجي حول الانتخابات لن يقدم أو يؤخر باعتبار هذه مسألة وطنية سيادية داخلية.
ويرى عضو مجلس النواب اللبناني أنه أيا كانت آراء الخارج فليست بذات أولوية؛ نظرًا لأن المواضيع السيادية تحتم أن تكون قراراتها من منطلق المصلحة الوطنية.
ويعتقد هاشم بأن خطوة استقالة الرئيس سعد الحريري وانسحابه من الحياة السياسية خطوة جديدة على الحياة السياسية الحديثة ولا شك أنها تركت آثارها السلبية ولكنها لن تكون عائقا أمام إجراء الاستحقاق الدستوري المتعلق بالانتخابات البرلمانية.
تأجيل محتمل
وفي هذا السياق، اعتبر المحلل السياسي اللبناني ميخائيل عوض، أن تأجيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية في لبنان هو الأرجح، لعدة أسباب موضوعية أهمها خروج الحريري والسنية السياسية من الحياة، وهو ما آثار موجة من الاضطرابات وصنع حالة من الضبابية لم يعد أحد يثق في نتائج الانتخابات أو مقاربتها كما كانت في السابق.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هناك فوضى انتخابية ونيابية في ظل حقيقتين؛ هما الانهيار الاقتصادي وانهيار ثقة المجتمع في المنظومة السياسية بكامل أركانها، بما في ذلك الثنائي الشيعي، وكذلك انهيار أحد أعمدة المنظومة وهو النظام السني، وما أصاب المارونية المسيحية سياسيًا من ضعف وافتقاد للوزن العددي والنوعي، وهو ما يجعل نتائج الانتخابات غير مضمونة والكل يدرك أنها لن تكون كسابقتها من التوازنات.
ويرى عوض أن الإدارة الأمريكية التي أرادت إنجاز الانتخابات لحصد أكثرية في مواجهة المقاومة، هي الأخرى لن تحقق نتائجها الفعلية بالقدر الذي يمكن أن تخسر فيه أركان في النظام كانوا عناصرًا أساسية في اختراقات أمريكية للدولة اللبنانية، وهذا يجعل المنظومة بكل أطيافها وزعمائها وكتلها ترغب في التجديد لنفسها بانتظار ما يمكن أن تصل إليه المعادلات الدولية والإقليمية وانعكاساتها في لبنان.
وفي إطار هذه المعطيات، يعتقد المحلل اللبناني أن الاحتمال الأرجح لا يزال في اتجاه التمديد للمجلس النيابي، وهو مستحيل بدون التمديد لرئيس الجمهورية باعتبار أن المدة الفاصلة بينهما لا تتخطى 10 أشهر، بين ولاية المجلس والانتخابات الرئاسية، وإن لم يقع التمديد المزدوج فلبنان ذاهب إلى فراغ دستوري يستوجب إما حكومة انتقالية من خارج السياق أو مؤتمرًا تأسيسًا لتعديل بنية النظام وتوازنه.
وفي نهاية شهر يناير/كانون الثاني الماضي، وفي بيان نشره عبر حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أعلن الحريري خطوتين سيقوم بهما، "أولا تعليق العمل بالحياة السياسية ودعوة عائلتي في تيار المستقبل لاتخاذ الخطوة نفسها، وثانيا: عدم الترشح للانتخابات النيابية وعدم التقدم بأي ترشيحات من تيار المستقبل أو باسم التيار".
وتم تسجيل نحو ربع مليون ناخب لبناني في الخارج للتصويت في الانتخابات المقبلة بالبرلمان المكون من 128 مقعدا، ما يوازي نحو ثلاثة أمثال الرقم السابق المسجل في انتخابات 2018.
وكان "حزب الله" قد تقدم في انتخابات مايو 2018، والتي كانت أول انتخابات برلمانية تجري في لبنان منذ العام 2009، إذ قام المجلس النيابي منذ العام 2013 بالتجديد لنفسه، لتعذر التوصل إلى قانوني انتخابي جديد، واعتباره الأوضاع الأمنية غير صالحة لإجراء الانتخابات.