اعتبار "أنصار الله" جماعة إرهابية... هل يحسم الصراع في اليمن؟

جاء قرار مجلس الأمن الأخير بتصنيف "أنصار الله" جماعة إرهابية، في مشهد يمني معقد ومتشابك، ليطرح الكثير من القضايا حول الأطراف التي ستتأثر بالقرار وتداعيات هذا الوضع على جبهات القتال والحلول السلمية للأزمة، وهل يمثل ضغوطا على الشمال للقبول بالجلوس للتفاوض بلا شروط.
Sputnik
فما هي تداعيات قرار مجلس الأمن على كل الأطراف السياسية المتصارعة في اليمن؟
بداية يقول رئيس تجمع القوى المدنية الجنوبية، عبد الكريم سالم السعدي، لا شك أن قرار تصنيف جماعة الحوثي جماعة إرهابية يشكل خطوة طيبة ستسهم في الحد من جرائم هذه الجماعة، وتقوض نشاطها وتؤثر على حركتها سياسيا وعسكريا.
تأثير محدود
ويضيف في حديثه لـ"سبوتنيك"، "أما عن تأثير هذا القرار على مسار الأزمة اليمنية سياسيا وعسكريا، فأعتقد أنه سيكون محدود، فالأزمة اليمنية التي تنوعت وتشعبت واتخذت أبعادا إقليمية ودولية، لا تتطلب اليوم فقط تصنيف هذه الجماعة إرهابيا، لكنها بحاجة أكبر إلى حسن استثمار هذه الخطوة من قبل دولتي التدخل في اليمن "السعودية والإمارات".
ردود فعل مختلفة على قرار تصنيف "أنصار الله" اليمنية جماعة إرهابية
وتابع السعدي: "لكي تؤتي هذه الخطوة ثمارها وتنعكس ايجابا على مسار الأزمة اليمنية سياسيا وعسكريا، فإن ذلك يتطلب، إخلاص النوايا من قبل دولتي التدخل في وضع حد للحرب في اليمن التي دخلت تقريبا عامها الثامن، فالجميع يعرف أن الحرب لم تتمدد كل هذه السنوات بسبب أن جماعة الحوثي لم تكن مصنفة كجماعة إرهابية فقط، ولكنها أخذت كل هذه السنوات لأسباب أخرى كثيرة تضاف إلى هذا السبب من أهمها خروج أو انحراف دولتي التدخل "السعودية والإمارات"عن الهدف الرئيسي للمعركة والمتمثل في إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة الدولة الشرعية ومؤسساتها".
وأشار إلى أن من بين الأسباب التي أدت إلى طول أمد الحرب أيضا، تمثلت في أن هناك مشاريع وأهداف لأطراف خارجية من وراء معركة اليمن، وهو الأمر الذي افضى إلى ميلاد وتشكيل مليشيات وجماعات أخرى جديدة وموازية لجماعة الحوثي، وذلك لخدمة هذه المشاريع والأهداف الخاصة لكل طرف.
أدوات المواجهة
وأوضح رئيس تجمع القوى المدنية أن هذا القرار قد يحد من فاعلية ونشاط جماعة الحوثي "أنصار الله"، ولكنه لن يوقفها خصوصا أن هذه الجماعة ليست المرة الأولى التي تواجه فيها هذا التصنيف أو العقوبة، فقد سبق لها أن صنفت كجماعة إرهابية وتم إنهاء تصنيفها في فبراير العام الماضي 2021 تقريبا، وفي اعتقادي أن الجماعة التي سبق وواجهت مثل هذه العقوبة قد اكتسبت خبرات وامتلكت أدوات لمواجهة تداعياتها والتخفيف من تأثيراتها على نشاطاتها ومن هنا يأتى قولنا بأن العقوبة ستحد من نشاطها وحركتها ولكنها لن توقفها، و أرى في جانب آخر أن ما سيوقفها وينهي الأزمة اليمنية فعلا هو إتفاق طرفي التحالف في اليمن على العودة إلى هدف المعركة الرئيسي، والكف عن ممارسة سياسات إضعاف الشرعية وسلب قرارها وتقييد حركتها على الأرض، والتوقف عن صناعة وتشكيل الجماعات والمليشيات المسلحة خارج إطار هذه الشرعية.
وتابع: كما أن حسم المعركة ووضع حد للأزمة اليمنية يتطلب التعاطي الإيجابي مع كل قوى المجتمع اليمني في الشمال والجنوب، والابتعاد عن الانتقائية في التعاطي التي تقوم على أساس استحضار بعض الأطراف واستثناء أطراف أخرى وذلك على أساس الولاء والتبعية.
واختتم السعدي بقوله: قرار اعتبار جماعة الحوثي جماعة إرهابية على رغم ما يمثله من أهميه، إلا أنه في اعتقادي سيشكل عقبة أمام جهود الحل السياسي والسلام عامة، إذا تمت عملية توظيفه خارج هذا السياق و لخدمة هذا الهدف.
تأكيد القرارات السابقة
من جانبه يقول، رئيس مركز جهود للدراسات باليمن، الدكتور عبد الستار الشميري، إن قرار مجلس الأمن الدولي بتصنيف الحوثيين "أنصار الله" جماعة إرهابية، في الحقيقة هو لم يضف جديدا، لكنه تأكيد للقرارات السابقة، إلا أن لفظ "جماعة إرهابية" ورد لأول مرة في هذا القرار.
مصر تعلق على قرار مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن وهجمات "أنصار الله"
ويضيف في حديثه لـ"سبوتنيك"، لا شك أن تراكم مثل تلك القرارات يعمل على عزلة المليشيات بصورة أكبر، لكن على صعيد الأمر الواقع وما يتعلق بحل الأزمة سياسيا وعسكريا، هذا القرار تحصيل حاصل ولن يؤثر في الأمر كثيرا، لكنه أحد المكاسب السياسية للتحالف ويساهم في تعزيز الوعي الجمعي الخارجي بأن هذه الجماعة إرهابية من باب النشاط السياسي أكثر من أنه عامل حاسم في الميدان أو في حل سياسي.
هواجس الانفصال
وتابع الشميري، وفيما يتعلق بحظر الأسلحة ربما يستفيد منها التحالف لاحقا، إذا ما أقدمت شركات إيرانية على تزويدهم بالسلاح، هنا أصبح الحظر منصوص عليه دوليا وفق البند السابع، كما أن هناك جزئية في القرار تؤكد على المرجعيات السابقة والتي من بينها مخرجات الحوار الوطني، وهو مطلب للكثير من القوى السياسية والشرعية، إذا ما حدث اتفاق بعد سنوات، لكي ينهي الهواجس الموجودة بشأن أي عمليات انفصال سواء في الجنوب أو غيره.
التسوية القادمة
في نفس السياق يقول القيادي في الحراك الجنوبي، عبد العزيز قاسم، أعتقد أن قرارات مجلس الأمن لم تعد لها صدى وتأثير على أرض الواقع، طالما أن قرارات المجلس تجاه الحوثيين لم تنفذ منذ بداية الحرب، ولهذا فإن مسألة تنفيذ هذه القرارات هي الأهم.
ويضيف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أرى أن قرار مجلس الأمن مجرد رأي غير قابل للحياة، وبالنسبة لتأثير هذه القرارات على أي تسوية قادمة، بالطبع لا تأثير لها، كونها في حكم المنتهي ولم تنفذ، ومن يبحث عن التسوية ووقف الحرب، لا بد له إدراك حقيقة المعوقات المعروفة لدى الجميع، تحديدا من قبل دول التحالف.
فوات الأوان
وتابع قاسم، التسوية القادمة تفرض شروطها، ووفقا للميدان لا أتوقع أن يكون لها تأثير، لأن هذا القرار لن ينفذ وليس بمقدور مجلس الأمن تنفيذه، والتسوية لابد منها ولكنها مكلفة بعد فوات الآوان، وغدا سوف تتضاعف العوامل والأسباب التي تحول دون ذلك، وربما اختيار هذا الوقت لإصدار القرار له دلالات سياسية لا يمكن مرورها.
الخارجية الإيرانية: قرار مجلس الأمن الأخير حول اليمن يتحدى جهود العملية السياسية
وعلى الجانب الآخر يقول المحلل السياسي اليمني من صنعاء، أكرم الحاج، إن قرار مجلس الأمن الأخير هو بالتأكيد لإرضاء السعودية والإمارات، باعتبار أنه لم يأت بجديد أو قام بوضع أي فقرات تدين السعودية تحديدا، ولا يخفى على أحد أن وجود منظمة أممية هو بمثابة كذبة كبرى على مستوى العالم، فلم نجدها في يوما ما تناصر الشعوب الضعيفة أو قضاياها على مستوى العالم.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"،أما ما يتعلق بالسلاح، فإن هذا يؤكد أن هناك كذبة كبرى، لأن الأسلحة الموجودة في صنعاء هى أسلحة يمنية، حيث يمتلك الجيش اليمني إرثا كبيرا من الأسلحة منذ عقود، وأعتقد أن اليمن لا تحتاج أسلحة لخوض حروب كما يخيل لهم، وكل ما تستخدمه القوات اليمنية سواء ما يتعلق بالصواريخ الباليستية أو الطائرات المسيرة تم تصنيعه محليا.
مهزلة أممية
واستطرد: ناهيك عن أن القرار لم يتناول أي شىء يتعلق بالحصار أو الحرب أو حتى الجانب الإنساني، لذا فالقرار مهزلة أممية واضحة لأنه دائما مع أصحاب النفوذ ومن يمتلكون المال والسيطرة، فالقرار سوف يؤجج الصراع في اليمن ولن يساهم في أي تسوية.
ما إن اعتمد مجلس الأمن الدولي مشروع قرار يتضمن توسيع حظر الأسلحة على جماعة أنصار الله اليمنية، على خلفية هجمات للجماعة على الإمارات والسعودية حتى توالت ردود الفعل بين مرحبة ومنددة بالقرار.
الناطق باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده قال إن بلاده تعتبر قرار مجلس الأمن الدولي الأخير بشأن الأزمة اليمنية مسيسا ويتحدى جهود العملية السياسية.
وقال خطيب زاده، في بيان له اليوم الثلاثاء، "للأسف هذا القرار والأدبيات المستخدمة فيه تتأثر بالاعتبارات السياسية والضغط من جانب دول التحالف المعتدي في اليمن، وفي تحد للجهود القائمة من أجل استئناف العملية السياسية".
وأضاف أنه "منذ بداية الحرب اليمنية، لم يكن لوجهة النظر المنحازة وغير الصحيحة عن اليمن، بقيادة الداعمين الرئيسيين لغزوها في مجلس الأمن الدولي، أي تأثير على الحد من الأزمة فحسب، بل كانت عاملاً في استمرار أسوأ مأساة إنسانية في القرن الحاضر".
واعتبرت الخارجية الإيرانية أن القرار "ستكون له عواقب سلبية على عملية السلام، وسيزيد من تنفير مواقف أطراف الصراع".
من جانبه قلل عضو المجلس السياسي المشكل من "أنصار الله"، محمد على الحوثي، من تأثير القرار، مؤكدا أن "سبب استمرار الحرب هو صفقات السلاح للسعودية والإمارات وارتكاب جرائم الحرب، والإرهاب، والحصار، والاستهداف المتعمد لليمن من دول العدوان الأمريكي البريطاني السعودي الإماراتي".
وأضاف الحوثي: "هذا معيار يدفع لحظر أسلحتهم لو كانت العدالة هي المنشودة لا المال الذي يفقد أي قرار حظر قيمته ويتجاهل معه كل جريمة".
الإمارات تعلق على تبني مجلس الأمن قرارا يصنف "أنصار الله" اليمنية "جماعة إرهابية"
من جانبه رحب مجلس الوزراء السعودي في اجتماعه اليوم بالقرار، وأعرب مجلس الوزراء عن "التطلع بأن يسهم القرار في وضع حدٍ لأعمالها وداعميها، وتحييد خطرها على الشعب اليمني الشقيق والأمن والسلم الدوليين".
واعتمد مجلس الأمن الدولي، أمس الاثنين، مشروع قرار يتضمن توسيع حظر الأسلحة على جماعة أنصار الله اليمنية، على خلفية هجمات للجماعة على الإمارات والسعودية، وتضمن مشروع القرار رقم 2624 الذي تقدمت به دولة الإمارات، واعتمد بأغلبية 11 صوتاً مع امتناع 4 دول هي أيرلندا والنرويج والمكسيك والبرازيل، توسيع حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على عدد من القادة الحوثيين ليشمل الجماعة بأكملها.
وجدد القرار عقوبات الحظر المالي وحظر السفر على اليمن حتى 28 شباط/فبراير 2023، ومدد ولاية فريق الخبراء المعني باليمن حتى 28 آذار/مارس 2023.
ويشهد اليمن منذ 7 أعوام معارك عنيفة بين جماعة أنصار الله، وقوى متحالفة معها من جهة، والجيش اليمني التابع للحكومة المعترف بها دولياً مدعوماً بتحالف عسكري عربي، تقوده السعودية من جهة أخرى لاستعادة مناطق شاسعة سيطرت عليها الجماعة بينها العاصمة صنعاء وسط البلاد أواخر 2014.
وأودى الصراع الدائر في اليمن، بحياة 377 ألف شخص، 40 بالمئة منهم سقطوا بشكل مباشر، حسب تقرير للأمم المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
مناقشة