ارتفاع الأسعار وعودة الطوابير... هل تفجر الأزمة الاقتصادية حراكا شعبيا في لبنان؟

في ظل وضع اقتصادي مترد وصعب، عادت الطوابير إلى لبنان مجددا، بعد الارتفاع الجنوني الذي أصاب معظم السلع والمواد، بما فيها أسعار المحروقات التي شهدت قفزة جديدة في ظل شح المعروض خلال الفترة الماضية.
Sputnik
وأصدرت وزارة الطاقة والمياه والمديرية العامة للنفط، جدول أسعار المحروقات الجديد الذي تضمن قفزات كبيرة في الأسعار وصلت إلى 28 ألف ليرة للصفيحة.
وطرح البعض تساؤلات بشأن تحول الغضب الشعبي في لبنان على إثر الأزمة القائمة إلى حراك جديد، حيث اعتاد لبنان خلال الفترة الماضية على التظاهرات وقطع الطرق.
هيئة تحقيق مصرف لبنان تطلب أسماء السياسيين ممن لم يعيدوا الأموال من الخارج
ارتفاع الأسعار
وفي لبنان، شهد البنزين 95 أوكتان ارتفاعا وصل إلى 28000 ليرة، والـ 98 أوكتان 27000 ليرة، والمازوت 52 ألف ليرة، وأسطوانة الغاز 9 آلاف ليرة.
وبهذا الارتفاع صارت صفيحة البنزين 95 أوكتان بنزين 95 أوكتان: 425 ألف ليرة، وبنزين 98 أوكتان 434 ألف ليرة، والمازوت: 427 ألف ليرة، وقارورة الغاز: 297 ألف ليرة.
وشهد لبنان خلال الفترة الماضية شحا في المحروقات داخل محطات الوقود، وعادت الطوابير مرة أخرى إلى المشهد أمام تلك المحطات.
وكان ممثل موزعي المحروقات في لبنان فادي أبو شقرا، قد أكد السبت الماضي أن المخزون لا يكفي إلا لـ4 أو 5 أيام على الأكثر، موضحا أن اتصالات مع عدة شركات تمت، لكنه لم يعلن عن نتائج تلك الاتصالات.
وعلى صعيد المواد الغذائية والاستهلاكية، سارع كبار التجار في لبنان إلى رفع الأسعار واحتكار المواد الغذائية تمهيدا لرفع أسعارها.
أوضاع صعبة
بدوره اعتبر أسامة وهبي، الناشط المدني اللبناني أن لبنان يشهد عودة الطوابير مجددًا، بعد الارتفاع الجنوني في الأسعار، لا سيما أسعار النفط، جراء الحرب الروسية الأوكرانية، وتأثيرها على المواد التي كان لبنان يستوردها من هذه الدول، لا سيما القمح والمواد الأساسية، كما أن التجار والمحتكرين عمدوا إلى تخزين المواد لبيعها بأسعار مرتفعة.
رغم الأزمة الاقتصادية... لماذا رفع لبنان سعر المحروقات وما تأثير القرار على أزمة الوقود؟
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هناك موجة غضب في لبنان، لكن ليس من الممكن أن تقود لثورة على غرار ما حدث في 17 تشرين/أكتوبر، خاصة وأن الأحزاب المعارضة منهمكة بالتحضير للانتخابات النيابية مثلما تفعل الأحزاب المرتبطة بالمنظومة الحاكمة، مؤكدًا أن لبنان يشهد موجات غضب في بعض المناطق، واحتجاج وأعمال شغب محدود.
ويرى وهبي أن هناك أولوية للأحزاب والمجموعات المعارضة للدولة بأن تخوض الانتخابات النيابية القادمة، وتحدث تغييرًا وخرقًا في المنظومة الحاكمة، مشيرًا إلى أن الأزمة الحالية مستمرة، في ظل عدم امتلاك الحكومة والنظام أي خطة أو مشروع للتخفيف من أعباء الشارع اللبناني.
وأكد أن هناك قلقًا يوميًا من كيفية تأمين المحروقات والخبز والمواد الغذائية، وكل ما يتعلق بالحياة اليومية، وهو ما جعل أكثرية الشعب اللبناني منهمكًا في تأمين قوت يومه وسلامة ومستقبل أولاده، متوقعًا أن يعود الزخم للحياة السياسة للبنان بعد الانتخابات النيابية وتشهد البلاد موجة احتجاجات كبيرة خاصة إذا حافظت النخبة السياسية الحاكمة على الأكثرية النيابية وعادت للحكم مرة أخرى.
انقسام المعارضة
اعتبر المحلل السياسي اللبناني، سركيس أبوزيد، أن أزمة الأسعار والطوابير في لبنان لا تزال مستمرة، رغم المداهمات التي تقوم بها أجهزة الدولة للحد من الاحتكار والجشع، مؤكدًا أن لبنان شهد اليوم ارتفاعًا جنونيًا بسعر الدولار، مما أعاد حالة عدم الاستقرار للقطاع المالي والمصرفي.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، رغم كل هذه الأزمات الاقتصادية والمالية، هناك صمت بالقطاع الشعبي، ولا يوجد غضب أو تحرك سوى بالكلام، وذلك نتيجة غياب الأحزاب والنقابات وغياب الطليعة المثقفة والواعية التي يمكن أن تلعب دورا. وما يسمى حراكا شعبيًا بعد طرح موضوع الانتخابات يشهد الآن تناقضات وخلافات بين هذه الأطراف الشعبية والمتنافسة الآن على الانتخابات.
ارتفاع جديد لأسعار المحروقات في لبنان
وتابع: "الحياة السياسية منصبة على القطاع الانتخابي، الكل يريد أن يكون له دور وفعل لذلك هناك انقسامات حادة داخل قوى المعارضة والتغيير، لذلك الشعب في حالة ثبات، لأن طبيعة النظام الطائفي والقائم على المحسوبيات يضعف الحراك الشعبي بسبب الغياب الجدي للأحزاب والقوى المنظمة وغياب الوعي بهذا الموضوع".
وأكد أن الأزمة في لبنان لا تزال متفاقمة والغضب الشعبي في حالة انتظار وترقب دون أن يتحول لحراك شعبي جاد حتى الآن.
وكان وزير الطاقة اللبناني وليد فياض، قد صرح مؤخرا أن "وضع الكهرباء في لبنان ليس بالجيد، بل نحن نعيش في أزمة، وكمية الفيول الوحيدة التي نعتمد عليها حاليا، هي من دولة العراق، ونشكرها على مساعدتنا".
وأشار الوزير اللبناني إلى أن "العمل من أجل إحضار الغاز من مصر، ونحن بانتظار المراسيم بأن تسن من مجلس النواب للحصول على الموافقة للدخول بالمفاوضات مع البنك الدولي، التي ستكون بدورها بوادر إيجابية".
مناقشة