وتقدم عضو مجلس الشيوخ الجمهوري تيد كروز وآخرون، أمس الخميس، بمشروع قانون يحظر على إدارة جو بايدن التنازل عن عقوبات الكونغرس، التي تحظر التعاون في البرنامج النووي الإيراني.
وفي ظل الانقسام الأمريكي والصراع الدائر بين الجمهوريين والديمقراطيين حول العودة للاتفاق النووي، يبقى هناك تساؤل ملح مفاده: إلى أي مدى يمكن لهذه الأصوات والتحركات أن تعرقل أي اتفاق محتمل بين واشطن وطهران، لا سيما في ظل إصرار بايدن على إتمام الاتفاق في أسرع وقت ممكن.
مشروع قانون
النائب الجمهوري كروز، قال خلال تقديمه مقترح مشروع القانون، إن إدارة الرئيس جو بايدن تفكك العقوبات وتسعى لتأمين اتفاق جديد مع النظام الإيراني، أضعف من الاتفاق النووي الكارثي الأصلي الموقع بين أوباما وطهران، وفقا لـ"سكاي نيوز".
وأكد أن هذا السبب هو ما دفعه لتقديم مشروع قانون يسعى لمنع إدارة بايدن من إصدار أي إعفاءات نووية مدنية تسمح لروسيا ببناء برنامج إيران النووي، وفقا لقوله.
ومضى قائلًا: "أنهى ترامب هذه الإعفاءات، والآن تقوم إدارة بايدن بإحيائها، إنه أمر غير معقول، وعلى الكونغرس أن يضع حدا لذلك".
وكان الموقع الإلكتروني الأمريكي "أكسيوس"، قد أكد، الأربعاء الماضي، أن الإدارة الأمريكية تبحث رفع الحرس الثوري الإيراني من لائحة الإرهاب، وذلك مقابل التزام إيراني علني بوقف التصعيد في منطقة الشرق الأوسط.
ونقل الموقع على لسان مصادر أمريكية وإسرائيلية أن طلب إيران من الرئيس الأمريكي جو بايدن، رفع اسم الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب، يأتي على رأس المطالب الإيرانية خلال المباحثات الجارية في العاصمة النمساوية، فيينا، بين إيران والقوى الدولية، بمراقبة أمريكية.
ولفت الموقع إلى أن الإدارة الأمريكية قد أطلعت الحكومة الإسرائيلية بهذا الأمر، رغم عدم الإعلان عنه صراحة أو علانية، وإنما مجرد التفكير أو العزم فحسب، في وقت تشعر تل أبيب بالقلق والتوتر من مجرد هذه الفكرة، خاصة وأن الجانب الأمريكي لم يطلب التزامات بعينها من إيران تتعلق بعدم استهداف المصالح الأمريكية في المنطقة.
وأكد الموقع الإلكتروني الأمريكي أن مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي السابق، قد ألمح بذلك خلال زيارته إلى إسرائيل، الأسبوع الماضي، أثناء لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، ووزير خارجيته يائير لابيد، من أن الرئيس جو بايدن يخطط لشطب الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب، مقابل التزام إيراني بعدم استهداف أمريكيين.
مساع أمريكية
اعتبر صباح زنكنة، المحلل السياسي المختص بالشأن الإيراني، أن الكونغرس الأمريكي لديه في مجلس الشيوخ أغلبية جمهورية، وهي التي تحاول عرقلة التوافقات مع إيران التي توصل لها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هذا هو أسلوب الجمهوريين في التعامل، حيث يعتبرون أن العقوبات والحصار الاقتصادي المفروض على إيران هو الأسلوب الأمثل، على الرغم من أن هناك من يجد بأن الحصار والعقوبات على طهران تضر الاقتصاد الأمريكي، وتؤدي إلى فقدات الثقة في واشنطن بالعلاقات الدولية.
ويرى زنكنة، أن التحركات الداخلية الأمريكية لمحاولة عرقلة الاتفاق لن تؤثر على مسار التفاوض، ففي النهاية الأمور تسير في اتجاه رفع العقوبات عن إيران، وبدونها لا يمكن الوصول إلى نهاية التفاوض، مؤكدًا أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يحاول جاهدًا الوصول إلى نتيجة إيجابية واتفاق يرضي الطرفين في أسرع وقت ممكن.
صراعات داخلية
اعتبر صادق الموسوي، المحلل السياسي الإيراني، أن محاولات مجلس الشيوخ والكونغرس الأمريكي إصدار قانون يمنع الرئيس جو بايدن من رفع العقوبات المفروضة على إيران متوقعة، في ظل وجود منافسة بين الجمهوريين والديمقراطيين في كيفية التعامل مع طهران بشكل عام، ومع الملف النووي والمفاوضات بشكل خاص.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الجمهوريون ومن خلال ترامب حاولوا إيهام الرأي العام الأمريكي بأن إيران هي الشيطان الأكبر، تمامًا كما يعتقد الإيرانيون بشأن أمريكا، ويحاول الرئيس بايدن الآن تجاوز هذه الأمور بدعم الديمقراطيين، والذين يمثلون الأغلبية في مناطق صنع القرار الأمريكي.
وعن تأثير مثل هذه القوانين على أي اتفاق محتمل بين أمريكا وإيران، قال الموسوي بأن بايدن لديه سلطة قانونية لتجاوز مثل هذه القوانين، ويملك حق سلطة الفيتو لرفض أي قانون يصدره الكونجرس الأمريكي.
ويرى المحلل الإيراني أن ما يحدث مجرد صراعات ومشاكسات أمريكية داخلية، خاصة في ظل محاولات ترامب تمهيد الطريق للمشاركة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر عقدها في 2024م، فيما تحاول المحكمة العليا الأمريكية والمحاكم الأخرى منعه من المشاركة، وذلك من خلال رفع الدعاوى والقضايا عليه وملاحقته قانونيًا.
ويعتقد الموسوي أن هناك قرارًا استراتيجيًا من الطرفين تتعلق بالمفاوضات وضرورة العودة للاتفاق النووي، لكن الطرف الإيراني وكذلك الأمريكي كانا بحاجة إلى تهيئة الأجواء الداخلية وإقناع الرأي العام في البلدين بضرورة الاتفاقية، والتي باتت قاب قوسين أو أدنى من خروجها لحيز النور.
ومنذ العام الماضي، تشهد فيينا مفاوضات بين القوى الكبرى وإيران بشأن إحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015، والذي انسحبت منه الولايات المتحدة عام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب وأعادت فرض عقوبات على طهران ما دفع الأخيرة إلى الإعلان عن تخليها عن الالتزامات النووية التي تقيدت بها بموجب الاتفاق.