7 أيام على انتهاء آجال المشاورات... ما هي الملامح الكبرى للدستور التونسي الجديد؟

البرلمان التونسي - مجلس نواب الشعب، تونس 21 يناير 2021
قطعت مشاورات قصر الضيافة من أجل "مشروع الجمهورية التونسية الجديدة" شوطها الثالث، مقتربة من صياغة مشروع الدستور الجديد الذي حدد الرئيس التونسي، قيس سعيد، يوم 20 يونيو/ حزيران الجاري موعدا لتسلمه، قبل طرحه للعموم نهاية الشهر.
Sputnik
فهل تنجح الهيئة الاستشارية في صياغة الدستور الجديد في الموعد المحدد، خاصة وأن أشغال اللجان القانونية والسياسية لم تنطلق بعد؟ وما هي الملامح الكبرى لهذه الوثيقة الدستورية التي ستعرض على الاستفتاء الشعبي يوم 25 يوليو/ تموز المقبل؟
دستور صالح لعشرات السنين
أنهت اللجنة الاستشارية للشؤون الاقتصادية والاجتماعية، يوم أمس، مرحلة طرح الاقتراحات المتعلقة بالإصلاحات الكبرى التي سيتم تضمينها في مسودة الدستور الجديد، ومن المفترض أن تقدم اليوم تقريرها الأولي قبل المرور إلى لجنة الحوار للتأليف بين المقترحات التي تقدمت بها الأطراف المشاركة في النقاشات من أحزاب سياسية ومنظمات وطنية وجمعيات حقوقية وخبراء.
وخصص الاجتماع الثالث للجنة أمس للاستماع إلى ممثلين عن الحكومة في علاقة ببرنامج الإصلاحات الكبرى الذي ستعتمده الحكومة بدءا من عام 2023 إلى حدود سنة 2035، إلى جانب مناقشة برنامج الإصلاحات الذي سيعرض على صندوق النقد الدولي.
قال المنسق العام للهيئة الاستشارية من أجل جمهورية جديدة، الصادق بالعيد، في تصريح إعلامي واكبته "سبوتنيك"، إن "اللجنة ستستفيد من النقاشات بين الأطراف الحكومية وأعضاء اللجنة الاستشارية في إعداد الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي سينطلق التداول فيها هذا الأسبوع".
وذكر بالعيد أنه "يسعى إلى أن يكون نص الدستور الجديد صالحا لعشرات السنين وأن لا يكون قصير المدى خلافا لدستور 2014 الذي سطر على المقاس، وفقا لتعبيره".
منظمة تونسية تحث المواطنين على عدم المشاركة في "مهزلة استفتاء الدستور"
اتفاق على النظام الرئاسي
وأوضح رئيس حزب التحالف من أجل تونس، سرحان الناصري، المشارك في اجتماعات اللجان الاستشارية، أنه "سيتم إدراج المقترحات التي تقدمت بها المنظمات والأحزاب السياسية والخبراء والكفاءات الوطنية في مسودة الدستور الجديد بالتعاون مع اللجنة القانونية".
وأكد لـ"سبوتنيك" أن "اللجنة القانونية ستبحث في الاجتماع المقبل الذي سينعقد هذا الأسبوع مسألة صياغة المقترحات في شكل نصوص قانونية"، مشيرا إلى "تسجيل تقدم كبير على مستوى النقاشات".
وبيّن الناصري أن "الأطراف المشاركة في الحوار اتفقت على إعلاء شأن الإصلاحات الاقتصادية في الدستور الجديد"، مشيرا إلى أن "بعض المقترحات لن يتم صياغتها في شكل فصول ولكن سيتم التنصيص عليها كمبادئ عامة".
وأضاف الناصري أن "الدستور الجديد سيتضمّن فصولا جديدة في اتجاه دعم الاقتصاد الرقمي والأمن الغذائي والموروث الثقافي والجانب البيئي إلى جانب تدعيم الحقوق والحريات".
أما في علاقة بالنظام السياسي، فأكد الناصري "وجود اجماع بين مكونات اللجنة الاستشارية على اعتماد النظام الرئاسي"، قائلا: "هناك من طالب باعتماد نظام رئاسي بحت فيما طلب آخرون باتعماد نظام رئاسي معدل، ولكن لا أحد طالب باعتماد النظام البرلماني".
وأضاف: "من الممكن أن يكون رئيس الجمهورية رئيسا للسلطة التنفيذية ويتولى اختيار رئيس الحكومة، وأن تكون السلطة التشريعية مستقلة وممثلة في البرلمان وفي غرفة تشريعية ثانية تسمى غرفة الجهات شبيهة بمجلس المستشارين، ولكن عوض أن يعين الرئيس المستشارين، يتم انتخاب شخصين عن كل محافظة لتمثيل جهتهم. أما السلطة القضائية فيجب أن تكون مستقلة بذاتها".
وأكد الناصري أن "النظام القاعدي الذي يتبناه رئيس الجمهورية لم يطرح من قبل أي جهة خلال المشاورات"، مشيرا إلى أن "رئيس الدولة لم يقدم أي مقترح أو أية ورقة عمل للجنة الاستشارية".
ولفت الناصري إلى أن "بين المواضيع التي تم طرحها هي حذف مرجعية الإسلام من الفصل الأول للدستور، مشيرا إلى وجود توجه نحو إدراج الهوية في التوطئة".
ويتوقع المتحدث أن "تكون مسودة الدستور جاهزة في الموعد المحدد وأن يقع تقديمها إلى رئيس الجمهورية قبل 20 يونيو الجاري، مشيرا إلى أنه سيقع تكثيف اجتماعات اللجان في الأيام المقبلة".
آليات جديدة لضمان توازن السلط
بدوره، أكد وزير التجارة السابق والقيادي في حركة الشعب محمد المسليني لـ"سبوتنيك" "وجود توافق كبير حول اعتماد النظام الرئاسي، مشيرا إلى أن الأهم من ذلك هو أن يضمن الدستور الجديد التوازن بين السلط".
وأضاف: "الإشكال لا يكمن في طبيعة النظام السياسي لأنه لا وجود لنظام مثالي ومتكامل، لذلك فإن الأمر يتعلق بوضع آليات دستورية جديدة تضمن التوازن بين السلط وتمنع تغوّل سلطة على أخرى كما حصل في السابق، والدستور الجديد سينصص على هذه الضمانات".
وأشار المسليني إلى أن "صياغة هذه الآليات أمر موكول للمختصين ولخبراء القانون الدستوري"، قائلا إن الفكرة الأساسية هي أن "يكون هناك سلطة برأس واحد مع ضمان التوازن بين السلط وأن تلعب كل سلطة دورها بشكل واضح".
ولفت المسليني إلى أن "الدستور الجديد لن يأتي على كل التفاصيل خاصة في الجانب الاقتصادي والاجتماعي، مشيرا إلى كل ما يتعلق بعمل الحكومة وبرامجها سيكون مضمنا في الدستور في شكل مبادئ عامة"، وأكد في الصدد "وجود تمشي نحو دسترة بعض الحقوق والواجبات وخاصة منها المتعلقة بالثروات الوطنية ودور الدولة الاجتماعي".
وبشأن موقف حركة الشعب من مسودة الدستور الجديد، قال المسليني إن "الحركة ستنتظر استكمال الصياغة النهائية لمشروع الدستور وتصدر موقفها بناء على ما إذا كانت اللجان قد أخذت بعين الاعتبار آراء ونقاشات المشاركين في الحوار أم اكتفت برأي رئيس الجمهورية".
عميد المحامين التونسيين: استفتاء يوليو كاليمين الحاسمة في النزاع المدني
نحو مزيد تكريس حقوق المرأة
وفي تصريح لـ"سبوتنيك"، أكدت رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، راضية الجربي، "تسجيل تقدم ملحوظ في تحرير دستور الجمهورية الجديدة خاصة على مستوى الجوانب الاقتصادية والاجتماعية".
وتابعت: "بعد تسلم الورقات من كل المشاركين وخبراء الاقتصاد والاستماع إلى المؤسسات بما فيهم البنك المركزي ووزارة المالية، أصبحت الصورة واضحة حول ما يجب أن يتضمنه الدستور على مستوى الاصلاح الاقتصادي والحد من الوضعية الاجتماعية الهشة التي عاش على وقعها التونسيون بعد الثورة.. المهمة اصبحت موكولة الآن إلى اللجنة السياسية التي ستتولى بلورة الأفكار المطروحة في مشروع الدستور".
وقالت الجربي إنه "من السابق لأوانه الحديث عن مخرجات اللجان، لأن النقاشات توقفت عند عرض الأفكار التي ستطرح على اللجنة السياسية ثم على لجنة الحوار حيث سيتم الحسم فيها".
ولفتت في المقابل إلى أن "من بين المسائل المطروحة بقوة هي تفعيل المساواة التامة بين النساء والرجال خاصة على مستوى القانون، إلى جانب مسألة المساواة في الإرث بين الرجال والنساء".
وأضافت: "من بين المواضيع المطروحة هي تكريس المواطَنة الحقيقية والكاملة للتونسيات اللاتي بقين ضحايا للتمييز السلبي، ومنع التمييز الاقتصادي على مستوى الارث، وتغيير المنوال التنموي في اتجاه حماية النساء العاملات في القطاع الهش وغير المنظم الذي يشكل مجال استغلال كبير للنساء، فدستور 2014 لم ينجح في حمايتهن".
وأشارت الجربي إلى "وجود توجه نحو دعم الحقوق الفردية وخاصة الحق في الصحة والتنمية والعيش الكريم خاصة في المناطق الريفية التي بقيت فيها هذه الحقوق مجرد شعارات"، وفقا لقولها.
وقالت الجربي إن "مهمة اللجان الاستشارية صعبة خاصة وأنها مضغوطة بموعد تسليم مشروع الدستور لرئيس الجمهورية في أجل لا يتجاوز 20 يونيو، ولكنها ليست مهمة مستحيلة" بحسب قولها.
مناقشة