تأتي هذه الخطوة بعد الوعود التي قطعها الدبيبة لأكثر من مره في ظل تزايد وتيرة الاعتصامات والاضرابات العمالية من موظفي القطاع العام في ليبيا.
ويصل متوسط الرواتب الحالية في ليبيا 150 دولار للموظف الواحد بالقطاع العام مقارنة بسعر صرف الدولار الحالي (نحو 4.5 دينار)، ما يجعلها ضعيفة جدا في ظل موجات ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية.
وفي هذا الإطار يقول المحلل السياسي محمد محفوظ في تصريح خاص لــ "سبوتنيك"، إن هذه الزيادة التي تطرق لها الدبيبة تأتي وفق لائحة تنفيذية صدرت من مجلس الوزراء بحكومة الوحدة الوطنية، وبالتالي هذا الجدول يمكن العمل به دون وجود نص قانوني رسمي بحكم أن مجلس الوزراء يحق له اصدار لوائح وقرارات تنفيذية دون أن يكون هناك قانون، وفق قانون العمل الليبي رقم 12 الصادر في 2010.
تزايد الاعتصامات والاضرابات للمطالبة بهذه الزيادة
وأضاف جاءت هذه الخطوة وسط تصاعد موجات الإضرابات والاعتصامات في أغلب قطاعات الدولة بسبب ضعف المرتبات الحكومية في ظل ارتفاع سعر الدولار مقابل الدينار، وزيادة مرتبات بعض القطاعات وحرمان القطاعات الأخرى من حق الزيادة في الراتب الشهري، ومن هذه الجهات مصلحة الأحوال المدنية، والداخلية وغيرها مما صعد حدة المطالبات.
ووصف محفوظ هذه الخطوة بمحاولة الدبيبة كسب ود وتأييد الناس كونها مطلب شعبي واسع، وأضاف "ربما ستتورط الدولة في أرقام طائلة من هذه الخطوة، وربما من الأفضل أن تأتي هذه الخطوة في أجواء سياسية واقتصادية مستقرة أكثر مما هي عليه الآن، وأتمنى ألا تكون هذه القرارات ارتجالية بالرغم من أنها مطالب شعبية، ولكنها تحتاج للكثير من التأني والحرص، خاصة وأن هذا الأمر مرتبط بمعدل التضخم في الدولة".
فيما يرى الأكاديمي الليبي فرج المجريسي أن توحيد مرتبات موظفي الدولة هو نوع من المساواة، وليس من العدالة، وليبيا تعمل بنظام الدرجات الوظيفية بعكس دول العالم التي تتعامل بمعدل الإنتاجية.
أما من الجانب التنفيذي يقول المجريسي في تصريح خاص لـ" سبوتنيك" بأنه لا يرى أي صعوبة في آلية عمل تلك الخطوة وتنظيمها، لأن النظام موجود وعامة الناس يرون بأنها شيء أساسي، وطالبوا عدة مرات بضرورة تنفيذه، والمواطنون بحاجة لهذه الزيادة نظرا للارتفاع الكبير في السلع والمواد الغذائية، ويرون بأنها زيادة مشروعة.
مع ذلك، اعتبر أن المؤشرات والميزانية والوضع العام للدولة ليس في الوقت المناسب لتطبيق هذه الخطوة.
القوانين والقرارات
وتابع أن هذه الأمور تأتي عن طريق سن القوانين ولا تأتي عن طريق قرارات، لأن القرارات ترتبط ببقاء الحكومات ومتى ما تغيرت الحكومات ربما سيتم إلغاء مثل هذه القرارات لأنها ليست قوانين رسمية، وربما سيسبب هذا الأمر إحباط أكبر لشريحة موظفي الدولة، أما من ناحية تأثيره على ميزانية الدولة، فيعتقد المجريسي بأن ظروف الدولة وميزانيتها غير قادرة على مثل هذه الأنواع من القرارات في الوقت الحالي.
يشار إلى أن ليبيا تشهد أزمة سياسية متصاعدة في ظل نزاع بين حكومتين، واحدة برئاسة وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، التي منحها البرلمان المنعقد في طبرق أقصى شرق البلاد ثقته، في مارس/ آذار الماضي، والثانية حكومة الوحدة الوطنية المنبثقة من اتفاقات سياسية رعتها الأمم المتحدة، قبل أكثر من عام، ويترأسها عبد الحميد الدبيبة، الذي يرفض تسليم السلطة، إلا عبر انتخابات.