هل تتمكن حكومة أخنوش من تطبيق المساواة بالميراث في المغرب

علم المغرب
بين فترة وأخرى، يثار النقاش في الشارع المغربي حول "المساواة في الإرث"، إذ يستند من يطالبون بتفعيله إلى نص الفصل 19 من الدستور المغربي، الذي نص على المساواة وعدم التمييز.
Sputnik
وينص الدستور المغربي في الفصلين 19 و164 على مبدأ المساواة بين الرجال والنساء، فيما يلزم الفصل 6 الدولة بتفعيل القوانين التي تضمن المساواة بين المواطنين والمواطنات.
ومؤخرا أظهرت نتائج دراسة حديثة أنجزتها "جمعية النساء المغربيات للبحث والتنمية"، بشراكة مع "المنظمة المغربية لحقوق الإنسان"، هيمنة الرأي الرافض لأي تعديل لمنظومة الإرث وسط المجتمع المغربي.
وأفادت الدراسة بأن 86.6 في المئة يعرفون قواعد نظام الميراث، 90.4 في المئة منهم في الوسط الحضري، و79.5 في المئة في الوسط القروي.
كما عبّر 82 في المئة من المستجوبين عن أنهم يؤيدون قاعدة "صف النصيب للفتاة"، ويؤيد 73.6 في المئة هذه القاعدة حتى داخل الأسر التي ليس لها ذكور، ويبرر 89.7 في المئة موقفهم لكون هذه القاعدة لها مرجعية دينية.
مجتمع
ميراث المعاش... وصية تقدر ب 6 مليون يورو للجيران
ما حقيقة المطالب؟
من ناحيتها، قالت الأكاديمية والحقوقية المغربية، لطيفة البوحسيني، إن "بعض الآراء تعبر عن نفسها وكذلك بعض المؤسسات وتدلو بموقفها في الموضوع، وأن الأمر لم يصل بعدُ لمرحلة النقاش العمومي في المغرب".
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، أنه "لمناقشة هذا الموضوع ينبغي التمييز بين ثلاثة مستويات، أولها المستوى المبدئي الحقوقي، ثم المستوى السوسيولوجي، وأخيرا المستوى السياسي".
ولفتت إلى أن "الدستور المغربي نص في الفصل 19 على المساواة والمناصفة بين الجنسين وعدم التمييز، كما نص على اعتماد مرجعية حقوق الإنسان وسموها بما لا يتناقض مع المرجعية الدينية".
وترى أن "المطالبة بتطبيق المساواة في الإرث لا يخالف جوهر وروح ومقاصد الدين الإسلامي، وأنه قد يخالف بعض القراءات المحافظة "الذكورية" التي تدافع عن امتيازات الرجال، والقراءات التي تعتمد النقل بدل العقل والمتشبثة بعدم المساس بالنصوص القطيعة الدلالة بدلا من استحضار روح الدين الإسلامي".
وفيما يتعلق بالمستوى الاجتماعي، أوضحت أن "شرائح مهمة من النساء أصبحن معيلات للأسر، وأن هناك أعداد مهمة يساهمن في الإنفاق على الأسرة، لكن المعنيات بالأمر بالدرجة الأولى هي فئة النساء المنتميات "للبرجوازية" صاحبات المصلحة في الدفاع عن المساواة في الإرث، وأن من حقهن الدفاع عن حقوقهن، في حين أن الأمر لا يشمل جميع النساء في المغرب، لعدم وجود ما يناضلن من أجل ورثه".
الأولويات
وبحسب الحقوقية، فإن "الأولوية في الوقت الراهن لأغلبية المغاربة تتمثل في ضرورة إنتاج الثروات أولا، والتوزيع العادل لها".
ولمحت إلى أن "ما يشغل الشارع المغربي الآن هو ارتفاع أسعار المواد الغذائية وثمن المحروقات والقدرة الشرائية التي تم ضربها بشكل مهول، وأن إثارة هذا الموضوع الآن يتوخى معه السعي إلى إلهاء الشارع عن الارتفاع الصاروخي للأسعار".
جدل دون أرضية
فيما قال البرلماني المغربي السابق، عبد العزيز أفتاتي، إنه "لا يوجد ما يؤكد مطالب المجتمع العميق بالمعنى الحقيقي في هذا الاتجاه".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أنها "قد تكون مجرد نزوعات لـفئات معزولة ولها إشكال مع المرجعية الإسلامية".
ولفت إلى أن "معظم الأسر لا تملك شيئا كي تنازع عليه، وأن الأغلبية يعيشون بالتضامن الأسري فيما بينهم".
نص الفصل 19
فيما قالت الحقوقية المغربية، حميدة جامع، إن الفصل 19 من دستور 2011 من الباب الثاني الذي حمل عنوان الحريات والحقوق الأساسية، ينص على: أن الرجل والمرأة يتمتعان على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية الواردة في هذا الباب من الدستور. وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب. وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها.
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك" أن "الدولة تسعى إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء. وتحدث لهذه الغاية هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز".
وترى أنه "انطلاقا من الفصل 19 فإن المساواة الفعلية وبدون تحفظ بين النساء والرجال أصبحت دستورية في المغرب".
وأشارت إلى أن "مطالب المساواة في الإرث هي حقيقة من طرف مجموعة من الجمعيات الحقوقية والنسائية، والحركة النسائية بالمغرب، والقوى الديمقراطية والتقدمية".
وفيما يتعلق بالشريعة الإسلامية، ترى حميدة جامع أن "اجتهادات سابقة جرت في نصوص قطعية الدلالية من طرف عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حينما أوقف قطع يد السارق بسبب المجاعة والظروف الاقتصادية الصعبة التي كان يعيشها المجتمع آنذاك".
نساء يرأسن بلديات ثلاثة من أكبر مدن المغرب في خطوة غير مسبوقة
نساء معيلات
وتطرقت جامع إلى أن "الإحصائيات تشير إلى أن مجموعة ليست قليلة من الأسر الآن أصبحت تعولها المرأة، وأن الإنفاق لم يعد حكرا على الرجل، وأن الضرورة الاجتماعية والاقتصادية تستوجب النضال من أجل المساواة في الإرث".
وأكدت أن "من يعارض المساواة في الإرث هم" التيار الإسلامي والحركات ذات المرجعية الدينية"، مع الأخذ في الاعتبار أن الشعب المغربي يعتبر الدين "خطا أحمر" لكنهم لا يدركون أن الاجتهاد الفقهي توقف، وأن المرأة بالفعل أصبحت تعول، وأن المجتمع المغربي يتعامل مع الدين بانتقائية وكأن العرف والتقاليد هي التي أصبحت تحكم وتسود"، حسب قولها.
وتؤيد الحركة النسائية والجمعيات الحقوقية والقوى والأحزاب السياسية اليسارية والتقدمية طرح المساواة في الإرث.
وبحسب الدراسة التي أجريت في عام 2020، وعُرضت نتائجها في ندوة بجامعة محمد الخامس الرباط، فقد أشارت إلى موقفين رئيسيين: الأول هو الموقف المهمين الذي يرفض أي تعديل لمقتضيات مدونة الأسرة المتعلقة بالإرث، ويمثل 44 في المئة من عيّنة البحث.
ويؤيد الموقف الثاني تغيير "لمقتضيات القانونية التمييزية تجاه النساء في الإرث"، وفق التعبير الوارد في الدراسة، ويمثل هذا الموقف 36 في المئة من العينة المستجوبة، بينما لم يعبّر 20 في المئة عن رأيهم، بحسب صحيفة "هسبريس" المغربية.
مناقشة