قبل يومين عقدت بمراكش، أشغال الدورة 14 لقمة الأعمال الأميركية – الإفريقية، تحت شعار "لنبن المستقبل معا"، في ظل مساعي أمريكية للتوجه بشكل أكبر نحو إفريقيا.
شارك في القمة مجموعة من الوزراء الأفارقة وكبرى الشركات الأفريقية والأمريكية ورجال أعمال من مختلف البلدان.
بحسب الخبراء، تهدف القمة لتحقيق أهداف واشنطن عبر التموقع في القارة الإفريقية خاصة في ظل التنافس العالمي باتجاه إفريقيا.
كما تسعى واشنطن عبر المغرب لإحداث منطقة حرة للتبادل القاري، لكن أحد الخبراء يشير إلى وجود العديد من العراقيل أمام تحقيق أهداف واشنطن، خاصة في ظل الوضع المعقد في القارة وتعدد القوى المتنافسة.
وبلغت قيمة التبادل التجاري بين المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية خلال سنة 2020 حوالي 3,3 مليارات دولار، ما يعادل 29 مليار درهم، حسب المعطيات الصادرة عن غرفة التجارة والبعثة الدبلوماسية الأمريكيتين بالمغرب.
سياق معقد
تعيش العديد من دول القارة الإفريقية حالة من عدم الاستقرار فضلا عن النزاعات وانتشار الجماعات المسلحة والإرهابية، وهو ما يراه أحد الخبراء ضمن التعقيدات التي تواجه واشنطن.
من ناحيته قال أوهادي سعيد الخبير الاقتصادي المغربي، إن القمة جاءت في سياق دولي معقد، وفي ظل أزمات اقتصادية خانقة على مستوى العالم وتنافس متعدد الأبعاد بين التجمعات الإقليمية الدولية.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن التحرك الأمريكي واعتماده على نوعية العلاقات مع المغرب (البلد الإفريقي الوحيد الذي يربطه اتفاق التبادل الحر مع الولايات المتحدة) وتفعيلها للاتفاق الثلاثي أكدت واشنطن بحثها الحثيث على تموقع مناسب في القارة الإفريقية الواعدة مستقبلا. ولفت إلى أن إفريقيا بحلول 2025 سيكون نصف سكانها دون الخامسة والعشرون سنة.
وبحلول 2050 سيكون ربع سكان العالم من إفريقيا ويتجاوز عدد سكان نيجيريا سكان الولايات المتحدة الأمريكية لتصبح ثالث دولة في العالم، كما يولد طفلين من خمسة أطفال في العالم بإفريقيا.
الأهداف الأمريكية
وحول الأهداف الأمريكية من خلال التموقع في إفريقيا، يشير الخبير الاقتصادي إلى أن واشنطن تسعى لاستغلال شراكتها مع المملكة المغربية لتكون الأخيرة همزة وصل بين الشركات الكبرى الأمريكية للاستثمار بالقارة الأفريقية في مجالات عديدة، منها البنيات التحتية الصناعات الغذائية والطبية والتكنولوجيات الحديثة، والرقمنة والتحول الطاقي بالإضافة إلى عرض نماذج واعدة أفريقيا.
ويرى الخبير أن الولايات المتحدة تسعى للوصول إلى أهدافها الاستراتيجية مع القارة الإفريقية، بالرفع في اتجاه تحقيق وحدة إفريقية عوض تعدد التجمعات الإقليمية والجهوية، وذلك بخلق منطقة حرة للتبادل القاري الإفريقي، والتي تصبح خامس منطقة حرة في العالم، حال تنفيذها، خاصة أنها تسهم في تغيير الوضع داخل إفريقيا
عراقيل أمام واشنطن
الطريق أمام واشنطن في إفريقيا ليس سهلا، هذا ما يؤكده سعيد، حيث يشير إلى أن تعقيد الوضع داخل أفريقيا وتعدد المتدخلين في الشؤون القارية لن يضع واشنطن أمام التنافسية القوية مع قوى عالمية منها الصين وروسيا وتركيا والهند والاتحاد الأوروبي.
وبحسب سعيد فإن الواقع الاقتصادي والاجتماعي الحالي والمستقبلي يرغم على الولايات المتحدة استعمال جميع الأوراق الممكنة لربح الرهان.
التنافس الدولي
رغم التنافسية وتعدد الأزمات في القارة، يتوقع الخبير المغربي، أن الاتفاق الثلاثي الأمريكي- المغربي-الإسرائيلي، يمكنه أن يمكّن واشنطن من تحقيق نصيبها من السوق الإفريقية.
يشدد الخبير الاقتصادي على أن تحقيق واشنطن لأهدافها لن يأت إلا بتغيير نظرتها للقارة الإفريقية باعتبارها شريكا استراتيجيا له الحق في التنمية المستدامة بالاعتماد على مقوماتها الطبيعية والبشرية، وتشجيع الشباب الإفريقي على الإبداع والابتكار وريادة الأعمال والاستفادة من خيرات القارة.
دور محوري للمغرب في إفريقيا
قال البرلماني المغرب محمد التويمي بن جلون، إن المغرب يلعب دورا محوريا في إفريقيا، وأن العلاقات بين واشنطن والرباط تستند على التاريخ المشترك.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن احتضان المغرب للقمة يترجم أهمية اتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة، موضحا أن واشنطن تعي جيدا أن القارة الإفريقية تزخر بموارد طبيعية كالمعادن، الغاز، البترول، كذلك بشرية بشبابها، وهو ما يدفعها نحو تعزيز علاقاتها مع دول القارة.
ولفت إلى أن المغرب يلعب دورا محوريا في الجانب الاقتصادي، بحكم حضور العديد من الشركات المغربية في بلدان القارة الافريقية وكذلك الجانب الاجتماعي و السياسي.
الشراكات المتعددة
فيما قال الخبير الاقتصادي رشيد ساري، إن قمة الأعمال الأمريكية- الأفريقية تخلق مجموعة من الشراكات المتعددة على رأسها الطاقة.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن القمة تضم نحو 1000 ألف رجل أعمال، ما يساهم في خلق العديد من الفرص الاستثمارية لجميع الأطراف. ولفت إلى أن اختيار المغرب يعني قدرتها لتكون منصة حقيقة للاستثمارات الأمريكية في أفريقيا، وأن مكتب الإزدهار يهدف لخلق العديد من الفرص للجانب الأمريكي في إفريقيا.
وبحسب ساري، يخلق اللقاء قيمة مضافة بشأن الاستثمارات في إفريقيا.
ونظمت خلال القمة حوارات رفيعة المستوى وجلسات عامة، وحلقات نقاش وموائد مستديرة وأنشطة أخرى حول أولويات القارة في مجالات الأمن الغذائي والصحة والفلاحة والانتقال الطاقي والتكنولوجيات الجديدة، والبنيات التحتية واندماج المنظومات الصناعية.