وقال شولتز، عقب اجتماع مع أبو مازن في برلين، أمس الثلاثاء، إن ألمانيا تواصل حل الدولتين، لكنه يرى أن الوقت ليس مناسبا للاعتراف بدولة فلسطينية، داعيًا إلى حل تفاوضي بين إسرائيل والفلسطينيين، قبل تغيير الوضع الحالي لفلسطين كدولة مراقب في الأمم المتحدة، وفقا لـ "دويتشه فيله".
وطرح البعض تساؤلات بشأن تداعيات التصريحات الألمانية على القضية الفلسطينية، لا سيما وأن القيادة الفلسطينية تعول كثيرًا على موقف أوروبي قد يغير من المعادلة ويفضي إلى إقامة دولة فلسطينية على ترابها الوطني.
الحل التفاوضي
اعتبر جمال نزال، المتحدث باسم حركة "فتح" وعضو مجلسها الثوري، أن حديث المستشار الألماني شولتز عن أن الوقت ليس مناسبًا للاعتراف بدولة فلسطينية، يؤكد أن موقف الدول الأوروبية التي تتغنى بموافقتها على حل الدولتين بين إسرائيل وفلسطين، مربوط بسياق ما تسميه بـ "الحل التفاوضي".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الحل التفاوضي الأوروبي يعني أن توافق إسرائيل أولا على استقلال الدولة الفلسطينية، حتى توافق على ذلك الدول الأوروبية، وهذا بمثابة إعطاء حق الفيتو لإسرائيل للاعتراض على حق تقرير المصير الفلسطيني، وهذا أمر مرفوض.
وأوضح أن فلسطين تنطلق في تعريفها للبرنامج السياسي من أن الشرعية الدولية وقراراتها تصلح من وجهة نظرها، وهي تعترف بالقدس عاصمة لفلسطين، وتعترف بفلسطين كدولة في أغلبها، وبحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.
وتابع: "نقبل بالشرعية الدولية كأساس لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، ونسعى لتوسيع الجبهة الدولية المؤيدة لهذه الطروحات، والتواصل الفلسطيني مع دول العالم يهدف إلى إبقاء هذا السقف قائمًا، وإلى توسيع رقعة الدول المؤيدة لهذا الحل، والمساندة له".
ويعتقد المتحدث باسم حركة "فتح"، أن غالبية دول العالم تقر بإمكانية وضرورة إقامة دولة فلسطينية، مضيفًا: "بالتالي نحن نعول وبشكل واقعي على إبقاء المساندة الدولية من أجل هذا الهدف المركزي للشعب الفلسطيني".
موقف أمريكي أوروبي
في السياق، اعتبر فادي أبو بكر، المحلل السياسي الفلسطيني، أن الموقف الألماني الذي عبر عنه شولتز في لقائه مع الرئيس الفلسطيني، يبدو متناسقًا مع الموقف الأمريكي، الذي عبر عنه الرئيس جو بايدن بقوله إن خيار حل الدولتين هدف بعيد جدا.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن "العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا أعادت زخم العلاقات الأوروبية الأمريكية بعد أن تأثرت في ضوء حقبة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي كان يحارب العولمة الاقتصادية وتشكل سياساته خطرًا على المصالح الأوروبية، هذا فضلا عن خروج بريطانيا الحليف الأكبر للولايات المتحدة الأمريكية من الاتحاد الأوروبي".
وفيما يتعلق بالدبلوماسية الفلسطينية تجاه أوروبا من أجل حل قضيتها حلا عادلًا، قال أبو بكر إن فلسطين تعول على وجود رأي عام أوروبي أقرب إلى الفلسطينيين، وهو يضغط باتجاه انتزاع قرارات واعترافات أوروبية رسمية بفلسطين.
وأوضح أن هذه الاعترافات التي تسعى لها فلسطين تعزز المخزون القانوني والدبلوماسي الفلسطيني في إطار مسيرة النضال المستمرة على مختلف الجبهات والمساحات والميادين.
وتتمتع السلطة الفلسطينية حاليًا بوضع مراقب في الأمم المتحدة. وقال شولتز: "هذا ليس الوقت المناسب لتغيير هذا الوضع"، مضيفا: "يجب أن تستند الخطوات الأخرى إلى حل تفاوضي مع إسرائيل".
واتهم عباس إسرائيل بأنها تمنع ذلك تماما منذ مدة طويلة. وقال إن حكومته ستقوم بدفعة جديدة في الأمم المتحدة للاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة.
يشلر إلى أن عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين متوقفة منذ عام 2014.
وأعلنت الحكومة الألمانية، اليوم الأربعاء، استدعاء رئيس البعثة الدبلوماسية الفلسطينية في برلين للاحتجاج على تشبيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأعمال الإسرائيلية بالمحرقة.
وقال متحدث باسم الحكومة الألمانية، في مؤتمر صحفي في برلين: "من الواضح بالنسبة لنا، الحكومة والمستشار، أن الاضطهاد والقتل الممنهج لستة ملايين يهودي أوروبي جريمة لا مثيل لها ضد الإنسانية"، حسب وكالة "رويترز".
ولاقت تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلال مؤتمر صحفي عقده أمس الثلاثاء، في برلين مع المستشار الألماني، أولاف شولتز، ردود فعل واسعة في إسرائيل، لما جاء فيها من أن إسرائيل ترتكب محرقة بحق الفلسطينيين على مدار سنوات، قائلا إن "اسرائيل ارتكبت منذ عام 1947 حتى اليوم 50 مجزرة في 50 موقعا فلسطينيا"، وأردف "50 مجزرة 50 هولوكوست".
في حين، رفض المستشار الألماني أولاف شولتز بعبارات واضحة اتهام الرئيس الفلسطيني محمود عباس لإسرائيل بارتكاب "محرقة هولوكوست" بحق الفلسطينيين. وفي تصريحات لصحيفة "بيلد" الألمانية، قال شولتز أمس الثلاثاء: "أي تهوين من شأن الهولوكوست هو أمر لا يمكن احتماله ولا قبوله بالذات بالنسبة لنا نحن الألمان".