بعد "المائدة المستديرة"... هل بدأت خطوات إعادة نظام البشير في السودان؟

فما هى المواقف التي تبلورت حول المؤتمر ومدى القبول أو الرفض لها؟

بداية تقول الرئيس الانتقالي للتحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية من العاصمة السودانية الخرطوم، لنا مهدي، إن مبادرة "نداء أهل السودان" قائدها مؤتمر وطني عريق متدثر بغشاء صوفي، و"هي إعادة تدوير لنفايات حزب المؤتمر الوطني المحلول وإعادة قادة النظام السابق للمشهد السياسي من جديد، تمهيدا لاعتلائهم سدة الحكم مع البرهانيين".

وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، هو أمر يرفضه الشارع السوداني الذي لم يرفض مبادرة الطيب الجد وحدها، بل كل مبادرة تعيد إنتاج النظام القديم، و"ذهب أبعد من ذلك فرفض الشارع الثائر الملتهب الرافض للظلم كل تقارب أو حوار مع العسكر من قادة انقلاب 25 أكتوبر/تشرين أول المشؤوم، ومن يواليه ومن يقتات على فتات موائد لئامه".

وأوضحت أن "الشارع بثورته المشتعلة وجه عدة رسائل للانقلابيين؛ أننا لسنا معكم ولن نتقارب معكم ولن نحاوركم ولن نتفاوض معكم ولن نقتسم جيفة الحكم التي انتفخت بدماء الشهداء الشرفاء".

وأكدت:

وتابعت مهدي: "أما ما يخص (توحيد قوى الثورة) فهو شعار فضفاض لأن هناك قوى ثورية ترى أن المخرج الوحيد هو إسقاط النظام دون أي تقارب أو حوار معه، لأن الانقلابيين غير جادين في مسألة تسليم السلطة ومن يصدق ذلك إما واهم أو حالم أو مغالط للواقع، وبالتالي القوى السياسية سقوفها غير واحدة في مسألة التعاطي مع الانقلاب.

وترى الرئيس الانتقالي للتحالف الديمقراطي، أنه لم يعد هناك متسع لكلام عاطفي، و"أن الأطراف تجلس سويا، لأن (البلد انتهت) فمن أورد البلد موارد الهلاك معروفين وعليهم تحمل مسؤلياتهم دون مزايدات على الآخرين، أما الثابتين على مبادئهم المنادين بإسقاط النظام، يرون أنه الحل الوحيد كي ينعم أصحاب المصلحة الحقيقية في التغيير بسلام حقيقي وحريات حقيقية".

من جانبها تقول المحللة السياسية السودانية، أمل أحمد تبيدي،إنه بما أن الانقلاب فى حد ذاته "غير شرعي" وكان محاولة فاشلة مدعومة من بعض رموز النظام السابق وبعض القيادات السياسية والحركات المسلحة التى شاركت فى نظام الإنقاذ، "فمن المنطق أن كل ما يقوم به هو محاولات تجميلية لشرعنة الانقلاب، ومبادرات فوقية ومصنوعة لا صلة لها بالشارع و الحراك السياسي الثوري".

وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن المبادرة التي يتحدثون عنها (نداء السودان) "ولدت وهي تحمل شهادة وفاتها"، مشيرة إلى أن "هناك مطالب واضحة للشارع تتمثل في الحرية والسلام والعدالة، حتى يمكن بناء دولة القانون التي تقوم على الشفافية والمحاسبة والمراقبة".

أكدت تبيدي أن "ما يحدث هو محاولة لعودة رموز النظام السابق مع تغيب كافة المؤسسات، بمعنى حكم عسكري استبدادي يبحث عن الشرعية المفقودة التى لن يجدها طالما أن من فى السلطة يمثلون الوجه الآخر للنظام السابق، القائم على الفساد ونهب موارد البلاد".

وأكدت المحللة السياسية: "حتما ما يحدث لن يحل قضية البلاد بل سيعقدها وسيرفع من نسبة الانهيارات في كافة أوجه الحياة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والآن بعد قمع الثوار، أصبح (عبد الفتاح) البرهان و(محمد حمدان دقلو) حميدتي لا قبول لهم في الشارع، وبالتالي لن تجد لمبادراتهم أي قبول".

وأوضحت تبيدي، أن "الحراك سيحدث تغيير ولكن سيحتاج إلى وقت، وأعتقد أن هناك بعض القيادات السياسية التى تناضل ضد حكم العسكر والاستبداد والفساد تعمل بجدية تامة لصنع واقع مستقر عبر حكومة كفاءات، مستفيدين من أخطاء مرحلة حكومة (عبد الله) حمدوك وأعتقد أن تلك الجهود التي يدعمها الحراك الثوري ستنجح، رغم أن هناك تخاذل من البعض".

من جانبه قال محمد صالح رزق الله، القيادي في جبهة المقاومة السودانية، إنه "لمن سخرية القدر أن تتحول المبادرة التى يقودها كادر الحركة الإسلامية وعضو وقيادي في المؤتمر الوطني الذى كان يتزعمه المخلوع عمر البشير، الشيخ الطيب الجد رئيس مجلس تنسيق نداء أهل السودان للوفاق الوطني، كما يطلقون عليها".

وأضاف رزق الله في حديث سابق لـ"سبوتنيك": "من العجب العجاب، أن من يقف خلف هذه المؤامرة من هم ضد ثورة ديسمبر/ كانون أول وقادتها الميدانيين، من لجان المقاومة وتنسيقياتها وقوى المقاومة والثورة الحية".

وأشار إلى أن ما يحدث ليس بجديد فى تاريخ الثورات المضادة، و"لكن تشكل وعي جديد لدى الثوار وكل أهل السودان"، مؤكدا أن "أعداء الوطن والثورة أصبحوا مكشوفين دون حجاب أو ستار، وعلى رأسهم فلول الحركة الإسلامية العالمية والمؤتمر الوطنى وأعوانهم من بعض الطرق الصوفية، والإدارات الأهلية وما نسميها أحزاب الفكة".

وتابع رزق الله: "تلك الأحزاب كانت تتغذى من ثدي الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني، أضف إليهم بعض إفرازات الكفاح المسلح الذين نعتوا أنفسهم ’بالجبهة الثورية وهم أحد أطراف ما كان يعرف بنداء السودان بقيادة المرحوم الصادق المهدى، الذى كان يفاوض نظام الإنقاذ في أديس أبابا حتى عشية اندلاع ثورة ديسمبر".

وأردف عضو جبهة المقاومة: "مما سبق علينا أن نستقرأ مستقبل ما أطلقوا عليه الحوار أو المائدة المستديرة، فهذا الفعل القادم وإن تم له الانعقاد لا علاقة له بالسودان، ولا ما يتعرض له من مأزق حقيقي، ويجب أن تتسارع خطى قوى الثورة جميعها في اتجاه توحيد نفسها".

مشيرا إلى أن "هذه المائدة المستديرة ستدور عليهم بما لم يكن في حسبانهم أو توقعهم وستدق آخر مسمار فى نعش الثورة المضادة وقواها، وقد بدأت تتضح من الآن مآلاتها، ففي اجتماعهم في قاعة الصداقة الأخير لتدشين تلك المائدة، لم يحضر لهم لا الآلية الثلاثية ولا دول الترويكا ولا حتى الإمارات والسعودية".

ويرى أن ذلك يؤكد أن تسويق هذه المائدة للمجتمع الدولي "فشل من الآن وسيكون فشلهم الحاسم قريبا على يد قوى الثورة ولجان المقاومة والشعب السوداني عامة".

من جانبها نشرت تنسيقيات لجان "مقاومة ولاية الخرطوم" السودانية جدول التصعيد لشهر أغسطس/ آب حتى نهايته.

وأوضحت أن المليونيات المركزية في العاصمة، ستجرى في أيام 11 و18 و31 من الشهر الجاري، والمليونيات اللامركزية في أيام 7 و22 و25 من الشهر ذاته.

يعاني السودان من أزمة سياسية منذ 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، حين أعلن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، إجراءات طارئة بحل حكومة عبد الله حمدوك الانتقالية، وإعلان حالة الطوارئ.