وبحسب السلطات الإسرائيلية، فإن الإجراءات التي نشرت في فبراير/ شباط الماضي، تستهدف بالأساس الأجانب الراغبين في الإقامة أو العمل أو الدراسة أو ممارسة نشاط تطوعي في
الضفة الغربية، كما ستؤثر على عدد كبير من الطلاب في إطار برنامج "إيراسموس".
وقال مراقبون إن الإجراءات الإسرائيلية الجديدة خطيرة وتهدد الترابط الأسري الفلسطيني، لا سيما وأن هناك الكثير من الفلسطينيين يحملون الهويات الأجنبية، مؤكدين أن ما تقوم به إسرائيل هو جزء من
الحرب الشاملة على الفلسطينيين لإبقاء حالة عدم الاستقرار والحرمان من التعليم.
اعتبر زيد الأيوبي المستشار القانوني والمحلل السياسي الفلسطيني والقيادي في حركة "فتح"، أن الإجراءات الجديدة التي تسعى إسرائيل لفرضها على الأجانب الراغبين في الوصول إلى الضفة الغربية سواء كانوا زوارا أو طلابا أو أكاديميين أو حتى فلسطينيين يحملون جنسيات أخرى، إجراءات تعسفية وقهرية تهدف إسرائيل من خلالها إلى التضييق على الفلسطينيين والأزواج الذين لا يمتلكون الهوية الفلسطينية بسبب عدم اعتراف إسرائيل بحقهم في الإقامة في المناطق المحتلة عام 1967.
وأشار الأيوبي إلى أن هذه الإجراءات تمس الترابط الأسري الفلسطينين لأن أحد أفراد العائلات الفلسطينية لن يستطيع العيش مع أسرته بسبب حيازته جنسية أجنبية وهذا ينطبق على آلاف العائلات الفلسطينية.
ويرى الأيوبي أن هذه الإجراءات التعسفية تتعارض مع أهداف برنامج التبادل الثقافي والأكاديمي "إيراسموس+" والذي بموجبه يجب أن يتمكن الطلاب الفلسطينيين من الوصول للجامعات الأوروبية
مقابل وصول الطلاب الأوروبيين إلى الجامعات الفلسطينية.
وأوضح أن إسرائيل تمنح الحرية الكاملة لوصول الطلاب الأجانب إلى الجامعات الإسرائيلية وفي المقابل فإن 1803 طلابا وأساتذة إسرائيليين وصلوا إلى الجامعات الأوروبية في 2020، وهذا يؤكد بأن هذه الإجراءات التعسفية الإسرائيلية مدروسة وممنهجة وتهدف بالأساس إلى تدمير مستقبل الشعب الفلسطيني وخلق مناخ
طارد للفلسطينيين لإجبارهم على الرحيل.
بدوره، اعتبر المحلل السياسي الفلسطيني شرحبيل الغريب، أن إسرائيل تتعامل مع الفلسطينيين ككيان يهدد مستقبل وجودهم، وهذه القيود مقصودة بشكل كبير لحسم الصراع الديمغرافي مع الفلسطينيين حتى يظلوا أقلية.
ويرى الغريب أن ما تقوم به إسرائيل هو جزء من الحرب الشاملة على الفلسطينيين لإبقاء حالة عدم الاستقرار والحرمان من التعليم، ويمس جوانب اجتماعية تضرب بنيان الأسرة الفلسطينية بشكل خاص.
في السياق، اعتبر مصباح أبوكرش، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، أن الهدف الاستراتيجي الذي تسعى إسرائيل لتحقيقه من خلال مجموعة الانتهاكات والجرائم التي تقوم بها يوميا في الضفة الغربية أكبر بكثير من مسألة ضبط الميدان وفق أسس ومعايير أمنية تخدم مصالحها.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الكثير من المؤشرات
تدفع للتساؤل: هل هناك قرار إسرائيلي متدحرج بضم الضفة الغربية بالكامل لتصبح خاضعة للسيادة الإسرائيلية بشكل رسمي؟، فحتى تلك التسهيلات المطروحة في ملف السفر، وربط ذلك باستخدام مطار رامون يصب في صالح هذا التوجه.
وتابع: "القيود الجديدة التي تنوي إسرائيل القيام بها على الأجانب والراغبين بالتعلم في فلسطين سيكون لها تداعيات وتأثيرات في أكثر من مجال، لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام: متى ستتخذ السلطة الفلسطينية قراراً واضحًا تعبر فيه عن رفضها العملي لكل ما يحدث؟ لأن استمرارها على نفس وتيرة الرفض والاستنكار الشكلي يضع الكثير من علامات الاستفهام حول حقيقة الدور الذي تقوم به".
وبسبب تلك القيود فلن يتمكن أي أجنبي يرغب في دخول الضفة الغربية من الحصول على تأشيرة عند الوصول إلى إسرائيل، وسيصبح من اللازم أن يطلبها قبل 45 يوما، كما سيكون عليه الكشف ما إذا كانت لديه عائلة من الدرجة الأولى في الضفة الغربية، وما إذا كان يمتلك أرضا أو قد يرث أرضا.
ومن المنتظر أن يمنع الأجانب بسبب تلك القيود من الدخول عبر مطار "بن غوريون"، إلا في ظل حالات استثنائية، ليصبح عليهم الدخول عن طريق جسر الملك حسين، بين الأردن والضفة الغربية والمعبر الذي تسيطر عليه إسرائيل.
وبحسب القرارات الجديدة، في حال تم الزواج بين الأجنبي ومواطن فلسطيني في الضفة سيكون عليهما مغادرة الضفة بعد 27 شهرا لفترة لا تقل عن ستة أشهر.
يشار إلى أنه تأجل تطبيق هذه الإجراءات مرتين قبل ذلك لاعتراض 19 مدعيا أمام المحكمة العليا الإسرائيلية، وكان من بين الذين طعنوا فيها منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "هاموكيد" التي تصفها بأنها "مقيدة إلى أقصى حد وتفرض معايير تدخلية ومبهمة".