دخول الأجانب والراغبين في الدراسة... ما خطورة القيود الإسرائيلية الجديدة المفروضة على فلسطين؟

في خطوة جديدة تهدف إلى التضييق على الفلسطينيين، بدأت السلطات الإسرائيلية فرض قيود جديدة على الدخول للضفة الغربية، بهدف الحد من دخول الأجانب إلى الضفة والإقامة فيها.
Sputnik
وبحسب السلطات الإسرائيلية، فإن الإجراءات التي نشرت في فبراير/ شباط الماضي، تستهدف بالأساس الأجانب الراغبين في الإقامة أو العمل أو الدراسة أو ممارسة نشاط تطوعي في الضفة الغربية، كما ستؤثر على عدد كبير من الطلاب في إطار برنامج "إيراسموس".
ملك الأردن يحذر خلال لقائه بايدن من تكرار دوامة العنف بأراضي فلسطين نتيجة ‏إجراءات إسرائيل الأحادية
وقال مراقبون إن الإجراءات الإسرائيلية الجديدة خطيرة وتهدد الترابط الأسري الفلسطيني، لا سيما وأن هناك الكثير من الفلسطينيين يحملون الهويات الأجنبية، مؤكدين أن ما تقوم به إسرائيل هو جزء من الحرب الشاملة على الفلسطينيين لإبقاء حالة عدم الاستقرار والحرمان من التعليم.
تضييق متعمد
اعتبر زيد الأيوبي المستشار القانوني والمحلل السياسي الفلسطيني والقيادي في حركة "فتح"، أن الإجراءات الجديدة التي تسعى إسرائيل لفرضها على الأجانب الراغبين في الوصول إلى الضفة الغربية سواء كانوا زوارا أو طلابا أو أكاديميين أو حتى فلسطينيين يحملون جنسيات أخرى، إجراءات تعسفية وقهرية تهدف إسرائيل من خلالها إلى التضييق على الفلسطينيين والأزواج الذين لا يمتلكون الهوية الفلسطينية بسبب عدم اعتراف إسرائيل بحقهم في الإقامة في المناطق المحتلة عام 1967.

وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هذه الإجراءات القهرية هي حلقة من مسلسل الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين لإجبارهم على الرحيل عن أرضهم أو إجبار الفلسطينيين الذين يعيشون خارج فلسطين على عدم القدرة على العودة إلى أهلهم وأولادهم.

وأشار الأيوبي إلى أن هذه الإجراءات تمس الترابط الأسري الفلسطينين لأن أحد أفراد العائلات الفلسطينية لن يستطيع العيش مع أسرته بسبب حيازته جنسية أجنبية وهذا ينطبق على آلاف العائلات الفلسطينية.
ويرى الأيوبي أن هذه الإجراءات التعسفية تتعارض مع أهداف برنامج التبادل الثقافي والأكاديمي "إيراسموس+" والذي بموجبه يجب أن يتمكن الطلاب الفلسطينيين من الوصول للجامعات الأوروبية مقابل وصول الطلاب الأوروبيين إلى الجامعات الفلسطينية.
فلسطين تطلب إجراء تحقيق دولي وإحالة انتهاكات إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية
وأوضح أن إسرائيل تمنح الحرية الكاملة لوصول الطلاب الأجانب إلى الجامعات الإسرائيلية وفي المقابل فإن 1803 طلابا وأساتذة إسرائيليين وصلوا إلى الجامعات الأوروبية في 2020، وهذا يؤكد بأن هذه الإجراءات التعسفية الإسرائيلية مدروسة وممنهجة وتهدف بالأساس إلى تدمير مستقبل الشعب الفلسطيني وخلق مناخ طارد للفلسطينيين لإجبارهم على الرحيل.
عدم استقرار
بدوره، اعتبر المحلل السياسي الفلسطيني شرحبيل الغريب، أن إسرائيل تتعامل مع الفلسطينيين ككيان يهدد مستقبل وجودهم، وهذه القيود مقصودة بشكل كبير لحسم الصراع الديمغرافي مع الفلسطينيين حتى يظلوا أقلية.

وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن حالة الشتات الفلسطيني ليست بالجديدة، هي سياسة إسرائيلية قديمة جديدة، وإسرائيل تتشدد في منح (لم الشمل) إلا ضمن صفقات أمنية مع السلطة الفلسطينية، وهو ما تم مؤخرًا من خلال الإفراج عن آلاف الحالات.

ويرى الغريب أن ما تقوم به إسرائيل هو جزء من الحرب الشاملة على الفلسطينيين لإبقاء حالة عدم الاستقرار والحرمان من التعليم، ويمس جوانب اجتماعية تضرب بنيان الأسرة الفلسطينية بشكل خاص.
ضم الضفة الغربية
في السياق، اعتبر مصباح أبوكرش، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، أن الهدف الاستراتيجي الذي تسعى إسرائيل لتحقيقه من خلال مجموعة الانتهاكات والجرائم التي تقوم بها يوميا في الضفة الغربية أكبر بكثير من مسألة ضبط الميدان وفق أسس ومعايير أمنية تخدم مصالحها.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الكثير من المؤشرات تدفع للتساؤل: هل هناك قرار إسرائيلي متدحرج بضم الضفة الغربية بالكامل لتصبح خاضعة للسيادة الإسرائيلية بشكل رسمي؟، فحتى تلك التسهيلات المطروحة في ملف السفر، وربط ذلك باستخدام مطار رامون يصب في صالح هذا التوجه.
مصر والأردن وفلسطين يطالبون إسرائيل بوقف الإجراءات الآحادية بالقدس الشرقية
وتابع: "القيود الجديدة التي تنوي إسرائيل القيام بها على الأجانب والراغبين بالتعلم في فلسطين سيكون لها تداعيات وتأثيرات في أكثر من مجال، لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام: متى ستتخذ السلطة الفلسطينية قراراً واضحًا تعبر فيه عن رفضها العملي لكل ما يحدث؟ لأن استمرارها على نفس وتيرة الرفض والاستنكار الشكلي يضع الكثير من علامات الاستفهام حول حقيقة الدور الذي تقوم به".

ويرى أبوكرش، أن موقف القوى والفصائل الفلسطينية السياسية تجاه المخطط الإسرائيلي الذي دخل حيز التنفيذ في الضفة الغربية، وتجاه صمت السلطة عن ذلك يجب أن يكون أكثر وضوحا وحزما.

وبسبب تلك القيود فلن يتمكن أي أجنبي يرغب في دخول الضفة الغربية من الحصول على تأشيرة عند الوصول إلى إسرائيل، وسيصبح من اللازم أن يطلبها قبل 45 يوما، كما سيكون عليه الكشف ما إذا كانت لديه عائلة من الدرجة الأولى في الضفة الغربية، وما إذا كان يمتلك أرضا أو قد يرث أرضا.
ومن المنتظر أن يمنع الأجانب بسبب تلك القيود من الدخول عبر مطار "بن غوريون"، إلا في ظل حالات استثنائية، ليصبح عليهم الدخول عن طريق جسر الملك حسين، بين الأردن والضفة الغربية والمعبر الذي تسيطر عليه إسرائيل.

وتشمل الإجراءات فرض قيود على الجامعات الفلسطينية فيما يتعلق بمنح التأشيرات للراغبين في الدراسة بالأراضي الفلسطينية، بحيث لا تتجاوز 150 تأشيرة طالب و100 تأشيرة للمحاضرين الأجانب، بينما لا توجد مثل هذه القيود في إسرائيل، وفقا لـ"بي بي سي".

وبحسب القرارات الجديدة، في حال تم الزواج بين الأجنبي ومواطن فلسطيني في الضفة سيكون عليهما مغادرة الضفة بعد 27 شهرا لفترة لا تقل عن ستة أشهر.
يشار إلى أنه تأجل تطبيق هذه الإجراءات مرتين قبل ذلك لاعتراض 19 مدعيا أمام المحكمة العليا الإسرائيلية، وكان من بين الذين طعنوا فيها منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "هاموكيد" التي تصفها بأنها "مقيدة إلى أقصى حد وتفرض معايير تدخلية ومبهمة".
مناقشة